أظهرت نتائج دراسة حديثة أن عقاراً جديداً يسمى Orforglipron (أورفورجليبرون) يؤخذ عن طريق الفم مرة واحدة يوميًا، قادر على إنقاص الوزن بشكل كبير، من غير المصابين بمرض السكري من النوع الثاني.
وتعد الدراسة، التي عرضت خلال فعاليات الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية لدراسة السكري الذي يعقد بين 15و 19 سبتمبر بمدينة فيينا في النمسا، من أبرز الأبحاث في مجال السمنة، خلال العام الجاري، لأنها تقدم لأول مرة بيانات واسعة النطاق عن علاج يؤخذ عن طريق الفم من فئة ناهضات مستقبل GLP-1، وهي الفئة الدوائية نفسها التي أحدثت ثورة في علاج السمنة عبر أدوية الحقن مثل “سيماجلوتايد” و”ليراجلوتايد”.
ويعمل هذا الدواء عن طريق تحفيز مستقبل خاص في الجسم يسمى مستقبل الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1، فعند تنشيط هذا المستقبل، يزداد إفراز الإنسولين عند ارتفاع سكر الدم، كما يقل إفراز الجلوكاجون، وهو الهرمون الذي يرفع مستوى السكر، كما يبطئ الدواء من تفريغ المعدة، ما يزيد الإحساس بالشبع ويقلل كمية الطعام، ويؤثر أيضاً على مراكز الشهية في الدماغ، فيقلل الرغبة في الأكل.
و”أورفورجليبرون” مركب دوائي صغير الحجم وغير بروتيني، يعمل كمحفز لمستقبل الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1، وطوّرته شركة “إيلي ليلي” بعد اكتشافه أولًا في شركة “تشوجاي” اليابانية ثم ترخيصه عام 2018.
ويتميز الدواء الجديد بسهولة إنتاجه مقارنة بالأدوية الحالية من الفئة نفسها، ما يجعله أقل تكلفة، ويؤخذ عن طريق الفم مرة يومياً دون الحاجة لشروط خاصة بالطعام أو الشراب، وله نصف عمر يتراوح بين 29 و49 ساعة.
وأظهرت نتائج الدراسة، التي نشرتها دورية New England Journal of Medicine، أن الدواء أدى إلى خفض في الوزن يعتمد على حجم الجرعة؛ إذ بلغ متوسط الانخفاض 7.5% عند جرعة 6 مللي، و8.4% عند جرعة 12 مللي، ووصل إلى 11.2% عند جرعة 36 مللي، مقارنة بانخفاض محدود لم يتجاوز 2.1% في مجموعة الدواء الوهمي.
وفي المجموعة التي تلقت جرعة 36 مللي، انخفض وزن أكثر من نصف المشاركين (54.6%) بمعدل 10%، بينما انخفض وزن 36% بمقدار 15% على الأقل، فيما فقد 18.4% من المشاركين 20% أو أكثر من الوزن.
وسجل المشاركون الذين تناولوا “أورفورجليبرون” تحسناً في محيط الخصر وضغط الدم الانقباضي، بالإضافة إلى انخفاض في الدهون الثلاثية والكولسترول غير عالي الكثافة، كما تحسنت مؤشرات الالتهاب بما فيها البروتين المتفاعل عالي الحساسية.
وكانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا مرتبطة بالجهاز الهضمي، مثل الغثيان والإسهال، ومعظمها كان خفيفاً إلى متوسط الشدة، وأدت الأعراض الجانبية إلى توقف ما بين 5.3 و10.3% من المرضى عن العلاج، مقابل 2.7% فقط في المجموعة الضابطة.
وتوصلت أبحاث سابقة إلى أن أدوية GLP-1 المحقونة مثل “سيماجلوتايد” يمكن أن تؤدي إلى خفض وزن يصل إلى ما بين 15و20% وأكثر، لكن الشكل الفموي الجديد ربما يمنح ميزة تتعلق بسهولة الاستخدام وزيادة إمكانية الوصول، خاصة في الدول أو الفئات التي تواجه تحديات مع الأدوية التي تؤخذ عن طريق الحقن.
قال المؤلف الأول للدراسة، شون وارتون، الباحث بجامعة ماكماستر في كندا، إن “المرضى الذين تلقوا أورفورجليبرون سجلوا خفضاً ذا دلالة إحصائية وسريرية في الوزن، وأدت أعلى جرعة إلى متوسط انخفاض في الوزن بنسبة 11.2%، وأكثر من ثلث المرضى انخفضت أوزانهم بمقدار 15% أو أكثر”.
وأضاف: “نتائج هذه الدراسة ربما تتيح توسيع نطاق العلاج ليشمل فئات لم تتمكن من الاستفادة من الأدوية السابقة بسبب التكلفة أو صعوبة الالتزام بالحقن”.
من أبرز نقاط القوة في الدراسة حجم العينة الكبير والتنوع الجغرافي، إذ شملت 9 دول من 4 قارات، فيما تتمثل القيود في غياب مقارنة مباشرة مع أدوية أخرى معتمدة لعلاج السمنة، واستخدام معايير مؤشر كتلة الجسم المبنية على بيانات تخص السكان البيض، ما قد يقلل من شمولية النتائج على مجموعات سكانية أخرى.
وحتى الآن، لم يحصل “أورفورجليبرون” على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية أو أي هيئة تنظيمية أخرى، لكن النتائج الحالية تمثل خطوة مهمة نحو اعتماده كخيار جديد لعلاج السمنة.