أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، أن بلاده تسعى لاستعادة قاعدة باجرام الجوية قرب العاصمة الأفغانية كابول، والتي سيطرت عليها حركة “طالبان” خلال الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021.
وقال ترمب في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: “سنستعيد قاعدة باجرام الجوية الكبيرة، وهي واحدة من أكبر القواعد الجوية في العالم، منحنها لهم بلا مقابل (طالبان)”.
وأضاف: “نحاول استعادتها. هم (طالبان) يريدون أشياءً منا، ونحن نريد استعادة القاعدة”، لافتاً إلى أن أحد الأسباب التي تدفع واشنطن للسعي وراء هذه القاعدة الجوية “هو أنها تبعد ساعة واحدة عن المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية”.
وأشار إلى أن “الكثير من الأمور تحدث، لكنني أشعر بخيبة أمل كبيرة لأن هذه المسألة لم تُحسم بعد”.
ووجه ترمب انتقادات للرئيس السابق جو بايدن بشأن الانسحاب الأميركي الذي وصفه بـ”الفوضوي” من أفغانستان عام 2021، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تركت في أيدي حركة “طالبان” أسلحة وأصولاً ومعدات عسكرية أميركية منها قاعدة باجرام.
وذكر الرئيس الأميركي مراراً، أن القاعدة تحت سيطرة الصين حالياً، وهو ادعاء نفته السلطات الأفغانية، لافتاً إلى أنها لا تزال تحمل قيمة استراتيجية للولايات المتحدة.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من إجراء المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الرهائن آدم بولر والمبعوث الخاص السابق لأفغانستان زلماي خليل زاد محادثات، السبت الماضي، مع حركة “طالبان” من أجل إطلاق سراح محتجزين أميركيين في أفغانستان.
مركزاً للعمليات الأميركية
وكانت قاعدة باجرام تشكل مركزاً أساسياً للعمليات الأميركية الاستراتيجية في أفغانستان، إذ انطلقت منها عام 2001 الحرب الطويلة على حركة “طالبان” و”تنظيم القاعدة” في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
وعلى مر السنوات الماضية، استقبلت القاعدة، التي تقع على مسافة 50 كيلومتراً من كابول، مئات الآلاف من العسكريين الأميركيين، ومن حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ومقاولين متعاقدين مع القوات الأميركية والدولية، ومنها انطلقت الطائرات العسكرية لشن ضربات جوية على “طالبان” و”تنظيم القاعدة”، ومنها نظمت عمليات إعادة تموين القوات.
وتعاقبت عدة جهات على السيطرة على القاعدة الجوية منذ بنائها وعلى مدى عقود من النزاعات التي عصفت بأفغانستان.
وشيّدت الولايات المتحدة القاعدة لحليفتها أفغانستان خلال الحرب الباردة في خمسينيات القرن الماضي، كحصن منيع في وجه الاتحاد السوفياتي في الشمال، وللمفارقة أصبحت مركز انطلاق الغزو السوفياتي للبلاد عام 1979، وقام الجيش الأحمر بتوسيعها بشكل كبير خلال احتلاله الذي استمر قرابة عقد من الزمن.
وبعد انسحاب القوات السوفياتية عام 1989، سيطرت الحكومة الأفغانية المدعومة من موسكو على القاعدة، قبل أن تنتقل السيطرة إلى إدارة تتكون من فصائل مختلفة خلال الحرب الأهلية الأفغانية.
وأصبحت باجرام أساسية في الحرب الأهلية الطاحنة، وذكرت تقارير أنه في مرحلة ما كانت “طالبان” تسيطر على جزء من المدرج الممتد على مسافة 3 كيلومترات، فيما كان ائتلاف الشمال المعارض يسيطر على الجزء الآخر.
وفي نهاية المطاف، وقعت باجرام في قبضة “طالبان” خلال صعود الحركة إلى السلطة في منتصف التسعينيات.
وبعد هجوم 11 سبتمبر 2001 واجتياح الولايات المتحدة للبلاد على رأس تحالف عسكري، عادت القاعدة تحت السيطرة الأميركية. وفي العقدين الأخيرين، استقبلت القاعدة زيارات عديدة من الرؤساء الأميركيين السابقين.
وفي مرحلة ما، كانت القاعدة تضم أحواض سباحة وصالات سينما ومنتجعات، بل وحتى محلات للمأكولات السريعة مثل “برجر كينج” و”بيتزا هات”، كما كانت تضم سجناً احتجز فيه آلاف المسلحين المتشددين وعناصر من “طالبان”.
وفي عام 2021، تعرضت باجرام لرشقات صاروخية تبناها تنظيم “داعش”، ما أثار مخاوف حينها من أن يكون التنظيم يفكر في استهدافها في المستقبل.
وحتى مايو 2021، كان ينتشر في أفغانستان قرابة 9500 جندي أجنبي، يمثل العسكريون الأميركيون أكبر كتيبة بينهم بواقع 2500 عنصر.