خلصت لجنة تحقيق أممية هذا الأسبوع، إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في قطاع غزة، في خطوة تؤكد خطورة الانتهاكات وتفتح الباب أمام محاكمات دولية محتملة لمحاسبة المسؤولين.

وفيما يلي شرح للتعريف القانوني للإبادة الجماعية وكيفية نظر القضية في المحاكم وكيف توصل تحقيق الأمم المتحدة إلى تلك النتيجة:

ما هي الإبادة الجماعية؟

هناك تعريف قانوني صارم للإبادة الجماعية، ونادراً ما أُثبتت في المحاكم منذ ترسيخ هذا التعريف في القانون الإنساني بعد الحرب العالمية الثانية ومن ضمنها أسباب “الهولوكوست”.

واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها هي معاهدة دولية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948، تجرّم الإبادة الجماعية وتُلزم الدول الأطراف باتخاذ إجراءات لمنعها ومعاقبة مرتكبيها، وفق ما جاء في موقع الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.  

وتعرف اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 هذه “الفعلة” بأنها جريمة تُرتكب “بقصد القضاء كلياً أو جزئياً على جماعة قومية أو عرقية أو دينية”.

5 أفعال إجرامية يمكن أن تشكل إبادة جماعية

  • 1- قتل أعضاء مجموعة معينة
  • 2- إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم
  • 3- إيجاد ظروف تستهدف تدميرهم
  • 4- منع المواليد
  • 5- نقل الأطفال قسراً إلى مجموعات أخرى.

ولم تعد المحاكم الدولية منذ ذلك الحين إلا 3 حالات فقط على أنها تشكل إبادة جماعية، وهي المذبحة التي ارتكبها الخمير الحمر في كمبوديا لأقلية تشام والفيتناميين خلال سبعينيات القرن الماضي وخلفت 1.7 مليون قتيل، والقتل الجماعي للتوتسي في رواندا عام 1994 والذي أودى بحياة 800 ألف شخص، ومذبحة سربرينيتشا في 1995 والتي راح ضحيتها نحو ثمانية آلاف رجل وفتى مسلم في البوسنة.

ما الذي توصلت إليه لجنة تحقيق الأمم المتحدة في غزة؟

بعد 23 شهراً أجرت خلالها اللجنة مقابلات مع ضحايا وشهود وأطباء وحللت وثائق مفتوحة المصدر وصور أقمار اصطناعية، خلصت اللجنة إلى أن “السلطات والجيش الإسرائيلي كانت ولا تزال لديها نية إبادة جماعية لتدمير الفلسطينيين في قطاع غزة، كلياً أو جزئياً”.

وخلصت إلى أن إسرائيل مسؤولة عن “عدم منع الإبادة الجماعية وارتكابها ومعاقبة مرتكبيها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة”.

وتقول اللجنة إن السلطات وقوات الأمن في إسرائيل ارتكبت 4 من أصل 5 أفعال تشكل إبادة جماعية “وهي القتل، والتسبب في أذى بدني أو نفسي خطير، وإيجاد ظروف تستهدف عمداً القضاء على الفلسطينيين كلياً أو جزئياً، وفرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد”.

وجاء تقرير الأمم المتحدة بعد أن توصلت جمعية علماء الإبادة الجماعية الرائدة وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إلى النتيجة نفسها.

ما الذي اعتبره التحقيق دليلاً؟

يشير التحقيق إلى عمليات القتل على نطاق واسع ومنع دخول المساعدات والتهجير القسري وتدمير مرافق الرعاية الصحية، ومنها مركز تلقيح صناعي، باعتبارها أدلة.

واعتبرت اللجنة أيضاً تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين “أدلة مباشرة على نية الإبادة الجماعية”.

وكان من بينها رسالة نتنياهو إلى الجنود الإسرائيليين في نوفمبر 2023 والتي شبه فيها العملية غزة بما وصفته اللجنة “بحرب إبادة شاملة مقدسة مذكورة في الكتاب المقدس لدى اليهود”.

واستشهدت اللجنة أيضاً بتصريحات وزير الدفاع السابق يوآف جالانت في أكتوبر 2023 والتي أعلن فيها حصاراً كاملاً لغزة وقال إن إسرائيل تحارب “حيوانات بشرية”.

وتضمن تقرير اللجنة أيضاً ما ذكره الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج في 14 أكتوبر 2023 بأن “أمة بأكملها” مسؤولة عما حدث، في إشارة إلى أهل غزة المدنيين.

وندد هرتسوج بنتائج التقرير قائلاً إن تصريحه أُسيء تفسيره في حين لم يرد نتنياهو وجالانت على طلبات التعليق.

كيف يمكن إثبات إبادة جماعية؟

لإدانة دولة وأفراد بارتكاب إبادة جماعية، يجب أن تجد المحكمة أن فعلاً واحداً على الأقل من أصل 5 أفعال جنائية أساسية تشكل الإبادة قد حدث، وأن الضحايا جزء من مجموعة قومية أو عرقية أو دينية بعينها.

ومن الصعب إثبات الإبادة الجماعية مقارنة بغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، مثل (جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية)، لأنها تتطلب دليلاً على وجود نية محددة أو قصد.

ولإثبات هذه النية قالت لجنة الأمم المتحدة إنها عكفت على تحليل التصريحات التي أدلت بها السلطات الإسرائيلية والنمط السلوكي للقادة الإسرائيليين والجيش الإسرائيلي في غزة “ووجدت أن نية الإبادة الجماعية هي الاستدلال الوحيد المعقول الذي يمكن استنتاجه من طبيعة عملياتهم”.

ما هي القضايا التي تنظرها المحاكم الدولية؟

في عام 2023، رفعت جنوب إفريقيا قضية في محكمة العدل الدولية، (وهي أعلى محكمة تفصل في الخلافات بين الدول)، تتهم فيها إسرائيل بالإبادة الجماعية.

ومن المتوقع أن يستغرق الفصل في هذه القضية سنوات عدة، لكن المحكمة أمرت إسرائيل في غضون ذلك باتخاذ إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية خلال حربها على غزة.

وتتمتع محكمة العدل الدولية بالولاية القضائية على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، (وهي أول معاهدة لحقوق الإنسان تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948) وتنص على التزام المجتمع الدولي بمنع تكرار الجرائم الوحشية التي وقعت إبان الحرب العالمية الثانية.

ويمكن أيضاً للمحكمة الجنائية الدولية محاكمة الأفراد بتهم الإبادة الجماعية، وتنظر المحكمة حالياً في الجرائم التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل.

وأصدرت المحكمة مذكرات اعتقال في نوفمبر من العام الماضي، بحق نتنياهو وجالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الصراع في غزة لكن المدعين العامين حينها لم يطلبوا إصدار مذكرة اعتقال بتهم الإبادة الجماعية.

شاركها.