رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الموافقة على مساعدات عسكرية لتايوان بأكثر من 400 مليون دولار، بينما يسعى للتفاوض على صفقة تجارية وقمة محتملة مع نظيره الصيني شي جين بينج.

وأفادت صحيفة “واشنطن بوست”، الجمعة، نقلاً عن 5  أشخاص مطلعين على الأمر قولهم، إن القرار الذي تم اتخاذه خلال هذا الصيف يمثل “انعطافة في السياسة الأميركية تجاه تايوان”، والتي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.

وأوضح شخصان مطلعان أن الحزمة تزيد قيمتها على 400 مليون دولار، وكانت ستشمل ذخائر وطائرات مسيرة.

وذكرت المصادر أن هذه الحزمة من المساعدات “قد يعاد النظر فيه لاحقاً”، فيما قال مسؤول في البيت الأبيض للصحيفة، إن القرار بشأنها “لم يُحسم بعد”.

وخفّفت إدارة ترمب بشكل عام من حدة المنافسة مع الصين سعياً للتوصل إلى صفقة تجارية شاملة مع بكين، إذ خفضت القيود على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة، وامتنعت عن تطبيق حظر فرضه الكونجرس على تطبيق “تيك توك”.

ومن المرتقب أن يجري ترمب وشي مكالمة هاتفية، الجمعة، وسط تقارير عن اقتراب إنجاز ترتيبات عقد قمة بين الزعيمين في أكتوبر المقبل، وفق “بلومبرغ”. وستكون هذه أول مكالمة مباشرة بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم منذ يونيو، ويتصدر جدول المكالمة.

لا أسلحة دون مقابل

وعد ترمب بانتهاج سياسة خارجية عملية، فهو لا يدعم إرسال أسلحة من دون مقابل، وهو موقف ظهر أيضاً مع أوكرانيا. فبدلاً من مواصلة تقديم مساعدات عسكرية لكييف، دفع ترمب نحو برنامج تشتري فيه الدول الأوروبية الأسلحة الأميركية ثم تتبرع بها للجيش الأوكراني.

والطريقة الأسرع لإرسال مساعدات عسكرية أميركية إلى تايوان، هي عملية تُعرف بسلطة السحب الرئاسي (PDA). وقد وافقت إدارة بايدن السابقة على ثلاث حزم من هذا النوع لتايوان، إلى جانب حزمة أخرى من المساعدات العسكرية طويلة الأمد، بإجمالي يزيد على ملياري دولار.

ويمنح الكونجرس الإدارة مليار دولار سنوياً كسلطة لإرسال مساعدات أمنية إلى تايوان، وهو مبلغ يعاد ضبطه بنهاية السنة المالية في سبتمبر. وكانت إدارة بايدن قد وافقت على حزمة بقيمة 571 مليون دولار قبل مغادرتها المنصب.

وترى إدارة ترمب أن تايوان، التي تمتلك اقتصاداً كبيراً ومزدهراً، ينبغي أن تشتري أسلحتها الخاصة، على غرار الدول الأوروبية، وهو شعور يشاركه بعض الديمقراطيين في الكونجرس.

حزمة ضخمة من الأسلحة

وفي اجتماع بين مسؤولين دفاعيين أميركيين وتايوانيين في أنكوراج (بألاسكا) الشهر الماضي، اتفق الطرفان على حزمة ضخمة من مبيعات الأسلحة، بحسب ما نقلت “واشنطن بوست” عن أربعة أشخاص مطلعين على المحادثات. وتخطط تايوان لدفع ثمن الحزمة الجديدة من الأسلحة الأميركية، التي قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، عبر تمرير مشروع قانون إضافي لـ”الإنفاق الدفاعي” يجري النقاش حوله في برلمانها.

وقال المسؤولون الأميركيون إن الحزمة تتألف تقريباً بالكامل من معدات مثل الطائرات المسيرة والصواريخ وأجهزة الاستشعار لمراقبة سواحل الجزيرة. ومع ذلك، قد يستغرق تسليمها سنوات.

وتخطط تايوان لإنفاق 3.3% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع العام المقبل، وهو رقم تسعى لزيادته فيما يدعو ترمب إلى نسبة 10%.

وقال الرئيس التايواني لاي تشينج-تي في أغسطس الماضي، إن الجزيرة ستنفق 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.

وحثّت الإدارة الأميركية لسنوات تايوان على شراء مزيد من الأسلحة منخفضة التكلفة لمواجهة التفوق الصيني الهائل في السفن والطائرات والصواريخ، لكن القيام بذلك سيجعل من الأصعب أيضاً تحقيق زيادات جذرية في الإنفاق الدفاعي.

وخلال إدارة ترمب الأولى، وافقت الولايات المتحدة على مبيعات أسلحة لتايوان بقيمة تقارب 20 مليار دولار، ذهب معظمها إلى عتاد باهظ الثمن، مثل مقاتلات F-16 ودبابات “أبرامز”.

ومنذ عودته إلى المنصب، أرسل ترمب إشارات متضاربة تجاه الصين وتايوان، من إطلاق حرب تجارية مفاجئة مع بكين في أبريل إلى اتهام تايبيه بسرقة صناعة أشباه الموصلات الأميركية.

كما ألغت الإدارة اجتماعات بين مسؤولين دفاعيين أميركيين وتايوانيين وشجعت لاي على إلغاء رحلة مقررة إلى نيويورك ودالاس في أغسطس.

وقال وزير الحرب الأميركي بيت هيجسيث، الذي تحدث هذا الشهر مع وزير الدفاع الصيني دونج جون، إن “الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع الصين ولا تسعى إلى تغيير النظام أو خنق الصين”، وذلك بحسب بيان صادر عن البنتاجون.

وأكد ترمب مراراً أن الصين لن تغزو تايوان خلال فترة ولايته الثانية.

ويقول مسؤولون عسكريون واستخباراتيون في الولايات المتحدة، إن الرئيس الصيني وجه جيش بلاده ليكون قادراً على إعادة السيطرة على جزيرة تايوان بحلول عام 2027. ولكن هذا الموعد ليس نهائياً، وفق تصريحاتهم.

شاركها.