تتصاعد الأصوات داخل حركة “ماجا” MAGA (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، التي تربط إسرائيل باغتيال الناشط اليميني الأميركي تشارلي كيرك، ما دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإصدار بيان لنفي هذه الاتهامات، وهو موقف تكرر لمرات عديدة في مناسبات مختلفة.
ووصف نتنياهو، في خطاب مصور نشره مساء الخميس على منصة “إكس”، الاتهامات بتورط إسرائيل في اغتيال كيرك، بـ”الكذبة” التي “زادت سرعة انتشارها”، معتبراً أن كيرك “كان محباً لإسرائيل”.
وتابع قائلاً: “الآن هناك من يروّج لهذه الشائعات المثيرة للاشمئزاز، ربما بدافع الهوس وربما بتمويل قطري”، دون أن يقدم أي دليل على كلامه.
ولقي تشارلي كيرك حتفه، بإطلاق نار في 10 سبتمبر الجاري، خلال حدث في جامعة بولاية يوتا. وأثارت عملية اغتياله، التي انتشرت مقاطع مصورة لها عبر الإنترنت، تنديداً بالعنف السياسي في الولايات المتحدة.
وفي الأيام التي تلت اغتيال كيرك، واجه نتنياهو سيلاً من الانتقادات من أوساط اليمين الأميركي المؤيد لـMAGA، الموالية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعدما أدلى بعدة تصريحات وصف فيها كيرك بالصديق.
ورغم أن كيرك كان شديد التأييد لإسرائيل، إلى أنه بدأ مؤخراً في انتقادها، وانتقاد حكومة نتنياهو بسبب الحرب على غزة، وما اعتبره “محاولة جر الولايات المتحدة للحرب مع إيران”، وهو موقف يزداد شعبية بين الناخبين اليمينيين الشباب.
وواجه كيرك العديد من الاتهامات من قبل المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة بـ”معاداة السامية”.
كراهية نتنياهو
المذيع الأميركي تاكر كارلسون، قال إن كيرك “كان يكره رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو”، مضيفاً أنه طلب منه، خلال مؤتمر طلابي في يوليو الماضي، بتسليط الضوء على علاقة الموساد الإسرائيلي برجل الأعمال المتهم بالإتجار بالبشر جيفري إبستين، وهي الفضيحة التي تورط فيها العديد من رجال السياسة والمشاهير في بريطانيا والولايات المتحدة.
وسبق لتاكر كارلسون أن أشار إلى علاقة بين إبستين والموساد، معتبراً أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، استخدم هذا الملف في “عمليات ابتزاز”، وأن “كل شخص تقريباً في واشنطن يعرف ذلك”.
وخلال برنامجه “تاكر كارلسون شو”، الذي أذيع الأربعاء الماضي، انتقد كارلسون تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن اغتيال تشارلي كيرك، واتهمه بمحاولة “اختطاف ذكرى تشارلي”.
وقال كارلسون: “لقد صدمت وأصبت بالاشمئزاز من رد نتنياهو الفظيع على اغتيال تشارلي”. وأضاف: “لقد جعل الأمر كله يدور حوله وحول بلده، محاولاً على الفور استغلال الحزن والأسى الذي شعر به الناس على اغتيال تشارلي”.
وتابع: “لا أعتقد أنني رأيت شيئاً أحط من محاولته اختطاف ذكرى تشارلي واستغلالها لأغراضه السياسية، خصوصاً وأن ما قاله لم يكن صحيحاً على الإطلاق”.
وأضاف كارلسون أن كيرك تعرّض لـ”هجوم مكثف جداً” من قبل ممولين وحلفاء نتنياهو بسبب استضافته (كارلسون) في مؤتمر Turning Point USA الأخير.
وقال كارلسون: “لقد عذّب الممولون تشارلي كيرك حتى يوم وفاته، قبل يومين فقط من اغتياله، خسر تبرعاً بقيمة مليوني دولار لأنه تعهد علناً باستضافتي في مؤتمر Turning Point المقبل في ديسمبر”.
وبسبب انتقاداته لحكومة نتنياهو، يواجه كارلسون انتقادات كبيرة من تل أبيب وشخصيات أميركية مؤيدة لإسرائيل، واتهامات بـ”معاداة السامية”.
وأيّد الجمهوري مات جايتز (المرشح السابق لمنصب وزير العدل) تصريحات كارلسون، قائلاً إن لديه “معرفة شخصية بالعديد من تصريحات تاكر”، مضيفاً أنها “صحيحة 100%”.
كيرك في مرمى تهديدات “مؤيدي إسرائيل”
وكانت المؤثرة اليمينية والمحاورة السياسية كانديس أوينز، من أبرز شخصيات MAGA، التي ربطت بين اغتيال كيرك وإسرائيل.
وقالت أوينز في برنامج “بودكاست” والذي تقدمه، إن الملياردير الأميركي بيل أكمان، المقرب من حركة MAGA، رتّب جلسة خلال فعالية في “هامبتونز” بنيويورك الشهر الماضي، من أجل الهجوم على كيرك.
وذكرت أوينز أن أكمان، وهو يهودي ومؤيد قوي لإسرائيل، أطلق “تهديدات” بعد انتقادات كيرك لطريقة تعامل إسرائيل مع الحرب على قطاع غزة.
وذكرت أن كيرك “عُرض عليه الكثير من الأموال” ورفض قبولها، وكان “على وشك تغيير بعض وجهات نظره”، في إشارة على ما يبدو إلى مواقفه العامة المؤيدة لإسرائيل.
بدورها، قالت المذيعة اليمينية ميجين كيلي، على منصة “إكس”، إن كيرك أسرّ لها بأنه شعر بـ”الإحباط والضغوط” بسبب انتقاده لإسرائيل.
النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، التي تعتبر حالياً من الأصوات الأميركية البارزة في انتقاد الحرب الإسرائيلية على غزة، ومعارضة جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، أشارت إلى أن كيرك دعاها إلى مؤتمر Turning Point، من أجل عرض موقفها الداعي إلى تسجيل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية “أيباك” AIPAC كعميل أجنبي.
وAIPAC مجموعة ضغط تدافع عن السياسات المؤيدة لإسرائيل، وهي تدعم عدداً كبيراً من أعضاء الكونجرس الأميركي، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والعديد من السياسيين الأميركيين.
وقالت جرين، إن تشارلي دعاها للتحدث في المؤتمر قبل أسابيع من اغتياله، بعد دعوتها لتسجيل AIPAC بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، وأيضاً بعد اتهامها للحكومة الإسرائيلية “المسلحة نووياً” بارتكاب “إبادة جماعية في غزة”، و”قتل الأطفال والأبرياء والمسيحيين”.
ونشرت جرين آخر رسالة بينها وبين تشارلي كيرك.
وبعد اغتيال كيرك، سارعت العديد من الشخصيات السياسية الإسرائيلية للإشادة به وبـ”دعمه” لتل أبيب، على غرار وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إيتمار بن جفير، زاعماً أن من قتله هم “اليسار العالمي والإسلام المتطرف”.
وكان بن جفير يشير إلى نفس الادعاءات التي روج لها كيرك نفسه، إذ كتب في منشور على “إكس”، قبل يوم من إطلاق النار عليه، أن “الإسلام هو السيف الذي يستخدمه اليسار لذبح أميركا”.
ووصف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش كيرك، بأنه “صديق حقيقي لإسرائيل”.
كما وصف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني جانتس، كيرك، بأنه “مدافع شرس عن القيم اليهودية المسيحية، وأميركا وإسرائيل”، وهي العبارة نفسها التي استخدمها نتنياهو.
ويعد الجدل المتصاعد بين أنصار التيارات اليمينية في الولايات المتحدة، وفي مقدمتها حركة “ماجا” الموالية لترمب، وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، مؤشراً على “تحول محتمل” في رؤية تلك التيارات وموقفها من إسرائيل، مع استمرار الحرب على غزة، والتي أودت بحياة نحو 64 ألف فلسطيني.