يبدو أن التعاون العسكري والدفاعي بين مصر وتركيا، يحتل مكانة كبيرة في العلاقات بين البلدين، خاصة بعد استئناف التدريبات المشتركة “بحر الصداقة” مؤخراً، والتصنيع المشترك للطائرات المسيّرة، وانضمام القاهرة لبرنامج طائرات الجيل الخامس KAAN.

وذكر موقع Nordic Monitor، أن مصر أظهرت اهتماماً كبيراً بمجموعة من المنتجات الدفاعية المتقدمة التركية، بما في ذلك صاروخ TRLG-230، والذخائر الذكية الصغيرة مثل MAM-C وMAM-L وMAM-T، ونظام الصواريخ المضادة للدبابات طويلة المدى الموجهة بالليزر L-UMTAS، ونظام الأسلحة المضادة للدبابات متوسطة المدى OMTAS، وسلاح KARAOK المضاد للدبابات قصير المدى، والصاروخ المضاد للسفن ATMACA.

وقد عُرضت نماذج لطائرات بيرقدار (Bayraktar) المسيّرة خلال معرض الصناعات الدفاعية EDEX 2023 في القاهرة، وظهرت الطائرات والذخائر وهي تحمل العلم المصري.

تصنيع مشترك

وقّعت مصر وتركيا، في أغسطس الماضي، اتفاقاً للتصنيع المشترك للطائرات المسيّرة ذات الإقلاع والهبوط العمودي. كما بدأ إنتاج المركبات الأرضية المسيّرة بناء على شراكة بين شركة “هافيلسان” التركي ومصنع “قادر” المصري.

وقال قائد القوات الجوية المصرية السابق الفريق مجدي شعراوي، إن القاهرة منفتحة على تطوير الصناعات العسكرية مع كل دول العالم، لافتاً إلى أن تركيا تسعى حثيثاً نحو الهدف نفسه.

وأكد شعراوي في تصريحات لـ”الشرق”، أن التصنيع المشترك ليس موجهاً ضد أي دولة، ولكنه يهدف إلى تحسين الاقتصاد والقدرات العسكرية وإثبات المكانة الدولية في هذا المجال.

وأشار إلى أن “الإقليم يشهد اضطرابات حالياً ويحتاج إلى توازن القوى، وهي خطوة لن تتحقق إلا بزيادة النمو الاقتصادي والتفوق العسكري، وهو حق مكفول لكل دولة”.

“مكسب للطرفين”

من جهته، أكد الخبير في الصناعات الدفاعية أحمد أليمدار، أن “العلاقة بين تركيا ومصر تقوم على نهج رابح للطرفين، ما يجعلها بالغة الأهمية”. 

وقال أليمدار في تصريحات لـ”الشرق” إنه “ينبغي النظر إلى القدرات التي يمكن أن تقدمها تركيا لمصر، وخاصة في مجالي الدفاع والطيران، في إطار هذا النهج الرابح للطرفين”.

ولفت إلى أن “تركيا تمتلك قدرات تكنولوجية متقدمة وقدرات قتالية أثبتت كفاءتها في مجال الطائرات المسيّرة”، منبهاً إلى أن “الجمع بين القوة العسكرية التقليدية لمصر وثقلها الجيوسياسي في المنطقة وقدرات الطائرات المسيّرة؛ سيؤدي إلى إعادة تشكيل توازن القوى في البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا والبحر الأحمر”.

واعتبر أليمدار أن “هذا التعاون العسكري سيمنح البلدين المزيد من المبادرة والقدرة على العمل معاً في الشؤون الإقليمية”.

ونوّه إلى أنه “بالنسبة لتركيا، فإن الانخراط في الإنتاج المشترك مع دولة مثل مصر، ذات سوق واسعة وإمكانيات صناعية كبيرة، يُتيح لها فرصة خفض تكاليف الإنتاج ومشاركة التكنولوجيا، بالإضافة إلى زيادة صادراتها من الصناعات الدفاعية”.

وتابع: “بالنسبة لمصر، ستكون هذه فرصة للاستفادة من الخبرة التركية في تكنولوجيا الدفاع والطيران، لتحديث بنيتها التحتية في الصناعات الدفاعية، والارتقاء بها إلى مستوى متقدم تكنولوجياً”.

مقاتلة الجيل الخامس

وفي وقت سابق، أشارت وسائل إعلام تركية إلى “موافقة أنقرة على انضمام القاهرة لبرنامج مقاتلة الجيل الخامس KAAN”.

من جانبها، لفتت مجلة The National Interest إلى انضمام مصر “رسمياً” إلى برنامج مقاتلات الجيل الخامس التركية KAAN، موضحة أنه بمثابة “تطور بارز للتعاون الدفاعي في الشرق الأوسط”.

وذكرت المجلة الأميركية أنه “بانضمام مصر إلى برنامج KAAN فقد يؤدي هذا إلى إعادة تشكيل ديناميكيات القوة الجوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

ويهدف برنامج KAAN التركي، الذي تقوده شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (TAI)، إلى إنتاج طائرة مقاتلة من الجيل الخامس بمحركين، قادرة على العمل في جميع الأحوال الجوية، ومجهزة بقدرات خفية متقدمة، وقدرة فائقة على التحليق، واندماج أجهزة الاستشعار، وميزات مركزية للشبكة، وفق مجلة The National Interest.

قائد القوات الجوية المصرية السابق، أشار إلى أن “مصر لديها باع طويل في الصناعات الجوية. قدرة القاهرة على إنتاج وتجميع الطائرات، وتقديم الصيانة للطائرات المتطورة مثل F-16”.

وأكد أن “دخول مصر لبرنامج مقاتلات الجيل الخامس شيء حتمي، في ظل سعي كل دول المنطقة لتعزيز قدراتها الدفاعية”.

فيما أعاد الخبير في الصناعات الدفاعية أحمد أليمدار، التأكيد على أن “أنقرة تستثمر في صناعة الطيران منذ سنوات عديدة، وتُطور حالياً طائرات مقاتلة مأهولة وأخرى غير مأهولة مختلفة”.

ومضى يقول إن “انضمام مصر إلى برنامج KAAN، لا يقتصر على الحصول على منتجات جاهزة، بل يتعلق بالحصول على تقنيات حيوية، خاصة في مجال الطائرات المسيّرة وتكنولوجيا طائرات الجيل الخامس، وتطوير صناعة دفاعية خاصة بها، ما يمنح مصر على المدى الطويل استقلالية استراتيجية”.

وبيَّن أن “مشاركة مصر في برنامج طائرات KAAN، سيمهد الطريق أمام القاهرة لشراء هذه الطائرات بمجرد بدء إنتاجها”.

وستتمتع طائرات KAAN بميزات طائرات الجيل الخامس المقاتلة، مثل التخفي، وأجهزة الاستشعار المتقدمة، والقدرة العالية على المناورة، وقدرات الحرب الشبكية.

واعتبر أليمدار أن “إدخال هذه الطائرة إلى منظومة القوات الجوية المصرية سيُحدث تغييراً جذرياً في قدرة البلاد على ترسيخ التفوق الجوي والحفاظ عليه، وسيوفر على المدى الطويل قدرة على توجيه ضربات عميقة ضد الأهداف الاستراتيجية”.

وختم بالقول إن “دخول طائرة KAAN في الخدمة إلى جانب طائرات الجيل الرابع الحالية، مثل F-16 وRafale سيجعل القوات الجوية المصرية واحدة من أحدث وأقوى القوات الجوية في المنطقة”.

شاركها.