شهدت محافظة درعا، مؤخرًا، عمليات إخلاء للمدارس التي كانت مراكز إيواء مؤقتة لأبناء العشائر المهجرين من قرى محافظة السويداء، إثر الأحداث التي جرت في تموز الماضي.

ويواجه المهجرون صعوبة بإيجاد أماكن سكن بديلة، خصوصًا مع اقتراب دخول فصل الشتاء.

طالب الناطق باسم “مجلس عشائر السويداء”، مصطفى العميري، عبر، الجهات المعنية، بإيجاد حلول عاجلة للمهجرين من أبناء عشائر محافظة السويداء، والذين كانوا يقطنون المدارس قبل إخلائها مع افتتاح العام الدراسي.

ووجّه العميري مطالباته إلى محافظتي درعا والسويداء ووزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية للاستجابة وتأمين بدائل سكن لهذه العائلات تليق بكرامتهم، “خوفًا لحدوث ما لا يحمد عقباه”، بحسب قوله.

وأوضح العميري، بأنه لا يوجد حاليًا مخيم يجمع المهجرين من محافظة السويداء، إذ جرى توزيع خيام على العائلات وهي من النوع الخفيف وليس بإمكانها مقاومة رياح الشتاء.

وأشار العميري إلى أن المعنيين في بلدية “السهوة” قاموا بتجهيز مخيم للمهجرين مقره كتيبة السهوة على أطراف البلدة، إلا أن العائلات لم يسكنوا فيه لأن الخيام تطايرت فورًا بعد نصبها.

ولفت الناطق باسم مجلس عشائر السويداء إلى أن الخيام الموزعة صغيرة ولا تصلح للسكن، كما أنها لا تقاوم الرياح.

وحول البدائل وأماكن تواجد المهجرين اليوم، بعد إخلاء المدارس، قال العميري، إن البعض لجأ إلى محيط المدارس، في حين نصب آخرون الخيام في حرم مدرسة “خربا”.

وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تجهز محافظة درعا مراكز إيواء، إنما طرحت سابقًا مواقع لذلك، مثل معسكر طلائع زيزون بريف المحافظة الغربي.

وبحسب رئيس بلدية “تل شهاب” التي تتبع لها زيزون إدرايًا، علي الحشيش، فإن عدم تواجد مياه الشرب يعدّ عائقًا دون ترميم واعتماد معسكر طلائع زيزون كمركز إيواء، والذي يتسع لما يقارب 5000 شخص.

وفي آب الماضي، زار وفد من منظمة الأغذية العالمية المعسكر، إلا أن المنظمات لم تشرع في ترميمه بعد.

وكان معسكر طلائع زيزون مركزًا للإيواء أثناء سيطرة المعارضة ما بين عامي 2012 و 2015، وبعد تسوية تموز 2018، والتي سيطر بموجبها النظام السابق على محافظة درعا اتخذته “الفرقة الرابعة” مركزًا لعناصرها ورممته بشكلٍ كامل، لكن بعد خروج الفرقة منه، في تشرين الأول 2021، تعرّض المعسكر للسرقة مجددًا وأصبح غير قابل للسكن.

“الطوارئ والكوارث” ترد

الدكتورة زهرة دياب، مسؤولة برنامج الإغاثة الطارئة في وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية، قالت ل، إن محافظة درعا تُعاني من دمار عدد كبير من المدارس يصل إلى 700 مدرسة، في حين أن المدارس الجاهزة لاستقبال الطلاب على مستوى المحافظة كاملة 200 مدرسة فقط، منها 70 كانت مشغولة بالنازحين من محافظة السويداء.

وتابعت دياب، أنه وسط مطالبات الأهالي بنقل العائلات لمراكز إيواء أخرى، جرى النقاش مع محافظة درعا عن خيارات بديلة مثل مراكز إنعاش الريف في درعا ومعسكر الطلائع في زيزون، وبعض الأراضي التي تبرع بها أهالي درعا.

وهذا ما حدث في منطقة معربة على وجه التحديد، إذ تبرع شخص بثلاثة دونمات لتكون مركز تجمع للأسر بنفس المنطقة، وفق دياب، كما قام الهلال الأحمر العربي السوري بتقديم خيام للمهجرين.

ولفتت مسؤولة برنامج الإغاثة الطارئة إلى أنه يتم العمل بالتنسيق مع المنظمات ومختلف الجهات لتأمين احتياجات المهجرين من أبناء العشائر بمختلف مناطق تواجدهم في درعا.

وفي 14 من أيلول الحالي، عادت نحو 100 عائلة من مهجّري السويداء المقيمين في محافظة درعا إلى قرية الأصفر بريف السويداء الشرقي، تحت إشراف محافظة السويداء والأمن الداخلي في المحافظة.

قرية الأصفر هي إحدى القرى ذات الأغلبية البدوية، والتي تعرض سكانها للتهجير مؤخرًا إثر أحداث السويداء منتصف تموز الماضي.

المتحدث باسم المكتب الإعلامي لمحافظة السويداء التابع للحكومة السورية، عبد الله الدليمي، قال ل، إن البلدات التي يعود إليها المهجرون آمنة بشكل عام، ويوجد فيها طوق أمني لقوى الجيش والأمن يفصل بين أبناء العشائر والسكان من أبناء الطائفة الدرزية، منعًا لعودة الاشتباكات بين الطرفين.

وبحسب مدير تربية درعا، محمد الكفري، في تصريح سابق ل، بلغ عدد المدارس التي شغلها النازحون من السويداء 52 مدرسة معظمها في ريف درعا الشرقي.

وتابع أن المديرية عملت بالتنسيق مع وزارة التربية على إرسال تقارير إلى وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، من أجل إيجاد مراكز بديلة لمهجري السويداء، ولإتاحة الفرصة لتجهيز المدارس قبل بداية العام الدراسي.

وأضاف الكفري أن لدى المديرية دراسة جاهزة لترميم المدارس المتضررة، وستباشر قريبًا عملية الترميم على نفقة حملة تبرعات “أبشري حوران“، التي خُصص قسم منها لترميم المدارس.

وأشار الكفري، حينها، إلى أن ترميم المدارس سيبدأ بالفارغة، إذ جرى تأجيل خطة ترميم المدارس التي يقيم فيها المهجرون لحين إيجاد مراكز بديلة لهم.

وكانت إدارة مدرسة المليحة الشرقية في ريف درعا الشرقي، أبلغت النازحين فيها بضرورة الإسراع في إخلاء المدرسة قبل بداية العام الدراسي الجديد، دون أن تؤمّن لهم أي مراكز إيواء بديلة.

أحداث السويداء

بدأت الأحداث الدامية في السويداء بعمليات اختطاف متبادلة بين فصائل محلية في السويداء، موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، وعشائر من البدو.

وفي 14 من تموز الماضي، دخلت قوات من وزارتي الداخلية والدفاع لفض النزاع الدائر، إلا أنها قوبلت بمواجهة من الفصائل بعد ورود أنباء عن انتهاكات من قبل القوات الحكومية.

وتدخلت إسرائيل على خط الصراع، ما أدى إلى انسحاب القوات الحكومية وتسليم الملف الأمني للفصائل المحلية، والتي ارتكبت أيضًا انتهاكات بحق عوائل من البدو.

وتسيطر الحكومة على أكثر من 30 قرية في أرياف السويداء الشرقية والشمالية، بينما تسيطر الفصائل على باقي المدينة.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.