رحل عن دنيانا بالأمس علم من أعلام الصناعة المالية والمصرفية، المغفور له بإذن الله الأستاذ عبدالله السعودي، وقد خلّف هذا الرحيل المر ألماً وحزناً ممتداً في نفوس أهله ومحبيه وعارفي فضله، فقد كان الفقيد علامةً فارقةً في الصناعة المصرفية العربية بما سكبه من عرق وما بذله من جهدٍ وعلمٍ ومعرفة على مدى عقود لتأسيس صروح مالية أضحت اليوم منارات بارزة في القطاع المصرفي، لا سيما في مملكة البحرين ودولة ليبيا.
كان رحمه الله نِعْمَ العَرّاب ونِعْمَ القدوة، نثر كنانته المعرفية للجميع بلا مَنٍّ ولا أذى، معلماً وموجهاً وحادياً ودليلاً، لم تقعده («الأنا») يوماً عن رسالته السامية في ترقية وتطوير العمل المصرفي وإعداد أجيال من الكفاءات القادرة على مواصلة مسيرة النماء والتميُّز، وما بطر بنعمة ولا منصب ولا جاه ولا مال، بل كان قمةً في التواضع واللطف، محباً للجميع ومحبوباً من الجميع، كريماً خلوقاً عطوفاً معطاءً لم يبخل بعلمٍ أو خبرةٍ أو توجيه أو نصح أو إرشاد فنهلنا جميعاً نحن من تلقينا معارفنا الأولى عن العمل المصرفي من معين خبراته الفيّاض وتأسس فهمنا ووعينا على يديه وأيدي تلاميذه، وها هي أجيال من كبار المصرفيين المنتشرين على امتداد الوطن العربي الكبير تلهج ألسنتهم له بالثناء والتقدير لما كان له من أثر كبير في تشكيل معارفهم وخبراتهم في العمل المصرفي.
أنعيه وفي الصدر تعتمِل مشاعر جيّاشة من الحزن على الراحل المقيم تتقاصر دونها الكلمات، وتتقازم عن وصفها المفردات ولكنّه جهد المُقِلّ أبَت عليّ نفسي إلا أن أبثّه في حقّ عظيم من أبرز عظماء الصناعة المصرفية الحديثة في المنطقة العربية لم يكتفِ بشقّ طريقه إلى النجاح فحسب، بل عبَّد ومهَّد وهيأ ذات الطريق للسالكين من الأجيال اللاحقة، فصار درباً إلى العُلا ولا يزال.
اللهم ارحم عبدك عبد الله السعودي رحمة واسعة بقدر ما أعطى وأثرى وأزكى للعمل المصرفي سواءً في مملكة البحرين، أو في دولة ليبيا.
إنّ العين لَتَدْمَع وإنّ القلب ليحزن وإنّا لفراقه لمحزنون، ولكن عزاؤنا أنّه انتقل إلى جوار أفضل من جوارنا عند مليك رحيم غفور كريم. نسأله تعالى أن يتقبله عنده القبول الحسن، وأن يكرم نزله، وأن يوسع مدخله، وأن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
والعزاء موصول لأسرته الكريمة وجميع محبيه وعارفي فضله ولا نقول إلا ما يرضي الله.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
رفيق النايض الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك السلام