في إطار استراتيجيتها الطموحة لتعزيز مكانة مملكة البحرين كوجهة إقليمية للرعاية الصحية المتقدمة، تواصل الخدمات الطبية الملكية تنفيذ سلسلة من المبادرات النوعية التي تسهم في تطوير الطب التخصصي وتبني أحدث التقنيات العالمية. وفي هذا السياق، أعلنت الخدمات الطبية الملكية عن تدشين مركز متكامل للعلوم العصبية في عيادات المستشفى العسكري.
وصرّح العميد طبيب الشيخ فهد بن خليفة بن سلمان آل خليفة، قائد الخدمات الطبية الملكية، أن تدشين المركز يمثل خطوة رائدة تنسجم مع التوجيهات الملكية السامية، وتترجم الحرص على تطوير المنظومة الصحية بما يتماشى مع أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030، مؤكداً أن المركز الجديد سيُشكل نقلة نوعية في مجال طب الأعصاب عبر منظومة علاجية وتشخيصية متكاملة.
وأشار إلى أن المركز يُعنى بتقديم خدمات دقيقة تشمل علاج أمراض الباركنسون والصرع، والتحفيز العميق للدماغ، والجراحات العصبية المعقدة، مدعومة بأنظمة تصوير عصبي متطورة كالرنين المغناطيسي المتقدم والتصوير المقطعي عالي الدقة، مما يعزز دقة التشخيص ويسرّع من التدخل العلاجي. كما يضم المركز وحدات مخصصة للأطفال، تقدم خطط علاج فردية وبرامج دعم نفسي وأسري، بما يضمن تقديم رعاية شاملة ومتكاملة ترتقي بجودة حياة المرضى وأسرهم.
ويحظى مرض الباركنسون باهتمام خاص في مركز العلوم العصبية، نظراً لتأثيره على العديد من المرضى في مملكة البحرين وما يسببه من اعتلالات تدريجية ومزمنة في الحركة والكلام والتوازن والذاكرة. وقد حرصت الخدمات الطبية الملكية على أن يكون من أولى أولوياتها، حيث وضعت له مساراً طبياً موحداً يشمل مراحل التشخيص والعلاج المبكر وصولاً إلى العلاجات المتقدمة، بما فيها التدخلات الجراحية والتقنيات الطبية الحديثة.
وفي جانب آخر، أعلن مركز العلوم العصبية التابع للخدمات الطبية الملكية بالمستشفى العسكري عن إدخال تقنية مبتكرة لقياس الضغط الدماغي عبر الموجات فوق الصوتية (Intracranial Pressure ICP Ultrasound) لأول مرة في المملكة، تحت إشراف الدكتور حسام الجهني، استشاري جراحة المخ والأعصاب والعناية المركزة العصبية ورئيس قسم العلوم العصبية بالخدمات الطبية الملكية. وقد تم تطبيق هذه التقنية بنجاح على مريض مصاب بإصابة دماغية حرجة، حيث مكّن الفحص، الذي استغرق ثلاث دقائق فقط، من تقييم سريع ودقيق لحالة الدماغ دون الحاجة لأي تدخل جراحي.
وأكد الدكتور حسام الجهني أن هذه التقنية تُعد من الأساليب المعتمدة في المراكز العصبية المتقدمة عالمياً، وهي اليوم متوفرة حصرياً في مملكة البحرين من خلال مركز العلوم العصبية، بما يعزز قدرة الفرق الطبية على التعامل مع الحالات الحرجة بكفاءة أعلى.
وقال العقيد طبيب رأفت حماد سرور، استشاري مخ وأعصاب الأطفال بالمستشفى العسكري، إن مركز العلوم العصبية يُعد نموذجاً متكاملاً للرعاية المتقدمة، حيث يجمع بين أحدث التقنيات الطبية والخبرات الوطنية المؤهلة لتقديم خدمات متخصصة لجميع الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال. ويعكس تخصيص وحدات وبرامج علاجية للأطفال الالتزام بتوفير رعاية شاملة وآمنة تضمن متابعة دقيقة لكل حالة، مع دعم نفسي وأسري يواكب أفضل الممارسات العالمية في طب الأعصاب.
من جانبه، أشار الدكتور حسام الجهني إلى أن الخدمات الطبية الملكية استطاعت خلال السنوات الماضية بناء قاعدة رصينة في علاج أمراض الباركنسون والصرع عبر العلاجات الدوائية الحديثة والتدخلات الجراحية وبرامج التأهيل العصبي، مؤكداً أن المركز الجديد سيوسّع نطاق هذه الجهود ويوفر للمرضى رعاية تضاهي أرقى المراكز العالمية.
وقد أشاد عدد من الخبراء الدوليين الذين زاروا البحرين مؤخراً ضمن برنامج الطبيب الزائر بالمستوى المتقدم الذي حققته الخدمات الطبية الملكية في مجال العلوم العصبية، معتبرين أن هذا المشروع يجسد نموذجاً رائداً في المنطقة من حيث دمج التكنولوجيا الطبية الحديثة مع الكفاءات الوطنية المؤهلة.
واختتم العميد طبيب الشيخ فهد بن خليفة بن سلمان آل خليفة تصريحه بالتأكيد على أن الخدمات الطبية الملكية ماضية قدماً في تنفيذ استراتيجيتها القائمة على تطوير البنية التحتية الصحية، واستقطاب أحدث الحلول العلاجية المبتكرة، وتأهيل الكوادر البحرينية على أعلى المستويات، بما يُرسخ مكانة مملكة البحرين كمركز إقليمي وعالمي للرعاية الطبية المتخصصة، ويعكس التزامها الراسخ بخدمة الإنسان وصون صحته وفق أرقى المعايير الدولية.