شهد مركز عبد الرحمن كانو الثقافي ضمن فعاليات الفصل الثالث من الموسم الثقافي الثلاثين ندوة بعنوان «فنون الفجري: قراءة تحليلية»، أدارها الباحث عصام الخياط، وشارك فيها الفنانان محمد جمال وأحمد الجميري.

استهلّ الفنان محمد جمال الحديث مبرزًا أهمية هذا الفن في الذاكرة الوطنية والهوية الثقافية للبحرين والخليج، مؤكداً أن الفجري ارتبط ارتباطاً وثيقاً باقتصاد اللؤلؤ قبل اكتشاف النفط، وأنه يمثل إرثاً غنائياً لا يزال ينبض بالحياة بما يحمله من أبعاد تاريخية واجتماعية وروحية. وفي إطار مداخلته قدّم الجميري فقرات غنائية حيّة مستخدماً آلة العود، أضفت على الندوة بعداً جمالياً ووجدانياً مكّن الحضور من ملامسة روح هذا الفن الأصيل والتفاعل مع ألحانه وإيقاعاته.

ومن جانبه أوضح الأستاذ محمد جمال دلالة اسم «الفجري» ال بتوقيت أدائه حتى بزوغ الفجر، إذ كان البحارة يؤدونه خلال رحلات صيد اللؤلؤ الطويلة. كما قدّم تحليلاً فنياً لمكوناته، مع استعراض نماذج حيّة من بحوره وإيقاعاته، لتجسيد ثرائه الموسيقي والمقامي.

وتطرّقت الندوة إلى تعدد أصول الفجري وتنوع روافده؛ بين ما حمله البحارة من مؤثرات إفريقية اندمجت في الثقافة المحلية، وما تناقلته المجتمعات الساحلية من ألحان وأهازيج، ليشكّل فناً جامعاً يقوم على إيقاعات مثل «البحري» و«العدساني» و«الحدادي» و«الحساوي». كما تم استعراض بنيته الغنائية التي تبدأ بـ«الجرحان»، مروراً بقالب «التنزيلة»، وتختتم بـ«النهمة» التي يؤديها النهام.

الجدير بالذكر أن فن الفجري أُدرج على قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، وكان أول ملف تقدّم به مملكة البحرين منفردة، بما يعكس حرصها على صون موروثها وتعزيز حضوره العالمي.

وبهذا الطرح التحليلي والتطبيقي، أكدت الندوة أن الفجري ليس فناً مندثراً، بل تراثاً متجدداً يواصل نموه ويجمع أبناء الخليج على لغة موسيقية واحدة وذاكرة مشتركة حيّة.

شاركها.