انتقدت مصر، الجمعة، ما وصفته بـ”التصرفات الأحادية المتهورة” من جانب إثيوبيا في إدارة سد النهضة، واعتبرت أن تصرفات أديس أبابا “تمثل تهديداً مباشراً لحياة وأمن شعوب دول المصب” (مصر والسودان)، إذ أنها تسببت في خسائر ضخمة في السودان، خلال فيضان النيل.

وحسبما ورد في بيان لوزارة الري والموارد المائية المصرية، شددت مصر على أن مشغلي السد الإثيوبي “خالفوا القواعد الفنية والعلمية المتعارف عليها، حيث قاموا بتخزين كميات أكبر من المتوقع من مياه الفيضان، مع تقليل التصريفات من نحو 280 مليون م³ إلى 110 ملايين م³ يوم 8 سبتمبر 2025″، واصفة تلك الخطوات بأنها “توجه إثيوبي متعجل نحو إتمام الملء بصورة غير منضبطة، بغرض الوصول إلى منسوب 640 متراً فوق سطح البحر، ثم فتح المفيض الأوسط ومفيض الطوارئ لساعات معدودة لاستخدامها فقط كـ(لقطة إعلامية) واستعراض سياسي في ما سُمّي باحتفال افتتاح السد يوم 9 سبتمبر 2025، بعيداً عن أي اعتبار للسلامة المائية أو مصالح دول المصب”.

وأوضحت وزارة الري والموارد المائية المصرية، أنه “كان من المفترض أن تبدأ إثيوبيا في تخزين المياه بسدها بشكل تدريجي منذ بداية يوليو وحتى نهاية أكتوبر، ثم تقوم بتصريفها بشكل منظم لتوليد الكهرباء على مدار العام، بما يتسق مع ما تدعيه مراراً بشأن فوائد السد في تنظيم الفيضان وحماية السودان من الغرق وتوفير الكهرباء للشعب” الإثيوبي. 

واعتبرت مصر في بيانها، أنه “في مواجهة هذه الظروف الطارئة، لم يكن أمام مشغلي سد الروصيرص السوداني خيار سوى تخزين جزء بسيط من هذه المياه وتمرير الجزء الأكبر عبر بواباته حفاظاً على أمان السد، نظراً لمحدودية سعته التخزينية”، مؤكدة أن “إسراع إثيوبيا في الملء غير القانوني للسد، ثم تصريف كميات هائلة من المياه مباشرة، لم يكن إجراءً اضطرارياً، وإنما يعكس إدارة غير منضبطة وغير مسؤولة لسد بهذا الحجم”.

السد العالي “ضمانة أساسية”

وطمأنت وزارة الري المصرية، المصريين، بأن “إدارة موارد مصر المائية تتم بشكل يراعي جميع الاحتمالات”، مشيرة إلى أن الدولة المصرية بكافة أجهزتها “تتابع الموقف على مدار الساعة”، مشددة على أن “السد العالي مثل ضمانة أساسية لحماية مصر من الفيضانات المفاجئة، بما يملكه من إمكانيات تخزينية وتصريفية”. 

وأشارت مصر، في بيان وزارة الري، إلى أنه “يتم إدارة الموقف المائي للقاهرة، بصورة ديناميكية قائمة على الرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية باستخدام أحدث النماذج الرياضية”، لافتة إلى أنه “من خلال هذه المتابعة المستمرة يتم تحديد التوقيتات المناسبة للتصرفات المائية، سواء بزيادة المنصرف خلال موسم أقصى الاحتياجات الزراعية (مايو – أغسطس)، أو ضبط كميات المياه في فترة الفيضان (يوليو – أكتوبر)، أو تخفيضها في موسم السدة الشتوية (يناير – فبراير)”.

وأوضحت أنه “بهذه الإدارة الدقيقة يتحقق التوازن بين الاستفادة المثلى من المياه، سواء عبر استخدام المجرى الرئيسي لتصريف المياه لتلبية الاحتياجات المختلفة وتوليد الكهرباء، أو عبر مفيض توشكى في الحالات الاضطرارية، بما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المائية وحماية أمن الشعب المصري في مواجهة أي تصرفات عشوائية من الجانب الإثيوبي”.

واتخذت وزارة الري والموارد المائية المصرية، حسبما ورد في البيان، “إجراءات استباقية شملت مخاطبة جميع المحافظات المصرية في 7 سبتمبر 2025، للتنبيه على المواطنين بضرورة توخي الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية ممتلكاتهم وزراعتهم المقامة على أراضي طرح النهر، رغم كونها تعديات مخالفة للقانون.. في إطار حرص الدولة على التقليل من الآثار المحتملة للفيضان”.

وتابعت أن الأراضي التي غمرتها المياه مؤخراً في مصر “هي بطبيعتها جزء من أراضي طرح النهر التي اعتاد النهر استيعابها عند زيادة التصرفات المائية عبر العقود الماضية. غير أن التعديات عليها بزراعات أو مبانٍ بالمخالفة أدت إلى وقوع خسائر عند ارتفاع المناسيب، رغم أن هذه الأراضي غير مخصصة للزراعة الدائمة”.

وبشأن ما يتم تداوله عبر منصات إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، تحت مسمى “غرق المحافظات” في مصر، وصفته وزارة الري المصرية بأنه “ادعاء باطل ومضلل”، وأضافت أن “الأمر يقتصر على غمر بعض أراضي طرح النهر (أراضٍ واقعة داخل مجرى نهر النيل)، وهي بطبيعتها جزء من حرم النيل ومعرضة للغمر عند ارتفاع المناسيب، وليست المحافظات كما يُروّج خطأً”.

شاركها.