في خطوة استراتيجية تثير تساؤلات حول التوازنات العسكرية في المنطقة، عادت حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس جيرالد آر. فورد” (CVN78) أكبر وأحدث حاملات في الأسطول البحري الأمريكي إلى البحر المتوسط. هذه العودة، بعد غياب للمشاركة في تمرين عسكري للحلفاء في الناتو، تأتي في وقت حساس يشهد الشرق الأوسط تصعيداً متسارعاً، مما يجعل الحركة أكثر من مجرد عملية روتينية.
مسار الحركة: من أوروبا الشمالية إلى قلب المتوسط
غادرت “جيرالد فورد” المتوسط في أواخر أغسطس لزيارة ميناء أوسلو في النرويج، ثم شاركت في تمرين “نيبتون سترايك 2025” (2327 سبتمبر) شمال البحر، وهو تمرين مشترك مع الناتو يركز على الردع ضد التهديدات الروسية. في 1 أكتوبر، عبرت مضيق جبل طارق ودخلت المتوسط مرة أخرى، مصحوبة بمجموعة هجومية كاملة تشمل غواصات، مدمرات مثل “يو إس إس ماهان” و”يو إس إس وينستون إس. تشرشل”، وطائرات مقاتلة F35C. اليوم، 3 أكتوبر، وصلت إلى ميناء بالما في إسبانيا لزيارة قصيرة (35 أكتوبر)، وهي أول عملية طائرة هناك منذ 13 أغسطس.
هذه الحركة ليست جديدة تماماً؛ “جيرالد فورد”، التي دخلت الخدمة في 2017، أجرت نشراً سابقاً في المتوسط عام 2023 لدعم عمليات ضد داعش. لكن توقيتها الحالي يثير الاهتمام، حيث يُعتبر البحر المتوسط “بوابة” الشرق الأوسط، ويعكس تحولاً في الاستراتيجية الأمريكية نحو تعزيز الحضور البحري في المنطقة.
ردع أم تحضير للتصعيد؟
يأتي نشر “جيرالد فورد” في سياق توترات إقليمية حادة، حيث أصبح الشرق الأوسط ساحة لصراعات متعددة الجبهات. أبرزها التوتر بين إيران وإسرائيل، الذي بلغ ذروته في يونيو 2025 بحرب الـ12 يوماً بين الطرفين. إيران، التي تواجه عقوبات أممية “سريعة الإرجاع” منذ سبتمبر 2025، تعتمد على “محور المقاومة” بما في ذلك الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة.
في اليمن، أدت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر إلى تأثير على التجارة العالمية بنسبة 12%، ودفَع الولايات المتحدة إلى عمليات “الدرع البحري”. نشر “جيرالد فورد” يوفر قدرة هجومية سريعة لدعم هذه العمليات، خاصة مع نقل طائرات F16 إضافية إلى قاعدة العديد الجوية في قطر.