أثار حكم قضائي بالإعدام صدر في تونس بحق رجل أدين بتهمتين، “إهانة” الرئيس قيس سعيّد و”الاعتداء على أمن الدولة” بعد منشورات على “فيسبوك”، جدلاً واسعاً، وانتقادات من أحزاب وشخصيات سياسية.

وذكرت “وكالة الأنباء التونسية” الرسمية (وات)، الجمعة، أن الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية في نابل، أصدرت مساء الأربعاء، حكماً بالإعدام على متهم بعد إدانته بـ”نشر أخبار زائفة تستهدف موظفاً حكومياً”، و”إتيان أمر موحش بحق رئيس الجمهورية والاعتداء بقصد تغيير هيئة الدولة”.

وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي، في تصريح لـ”الشرق”، إن الحكم كان مفاجئاً للرأي العام التونسي، خصوصاً بعدما تخلى القطب القضائي لـ”مكافحة الإرهاب” عن القضية، وأرسلها إلى “قضاء الحق العام”.

واعتبر أسامة بوثلجة، المحامي الذي يمثل صابر شوشان (56 عاماً) الذي صدر بحقه الحكم، في تصريح لوكالة “رويترز”، أنه “حكم صادم وغير مسبوق”، مشيراً إلى أنه “قدّم طلباً للطعن على الحكم”. وأضاف أنه “ليس سياسياً بل شخص عادي محدود التعليم، يكتب ويعيد فقط نشر منشورات تنتقد الرئيس”.

انتقادات للحكم

وأعلن حزبا “حركة تونس إلى الألمام” و “حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد”، رفضهما لحكم الإعدام، وطالبا بفتح تحقيق في القضية.

واعتبرت “حركة تونس إلى الألمام” في بيان، أوردته “وكالة الأنباء التونسية”، أن “الحكم يمثّل سابقة في تاريخ القضاء”، ودعت إلى “فتح تحقيق في حيثيات هذا الحكم”، و”محاسبة فعلية تؤدي إلى إجراءات تكون في حجم غرابة الحكم”.

كما عبّر المكتب السياسي لـ”حزب الوطنيين اليمقراطيين الموحد”، عن “رفضه المطلق” لهذا الحكم، الذي وصفه بـ”الغريب والمريب، والفاقد لأي سند قانوني وأخلاقي”.

وشدد الحزب على “ضرورة فتح تحقيق إداري وجزائي في حيثياته، يفضي إلى محاسبة حقيقية، وعدم الاكتفاء بنقل القاضي أو سحب الصفة عنه”.

بدورها، وصفت الجمعية التونسية للمحامين الشبان هذا الحكم القضائي بـ”الجائر”، مضيفة أن صدور أحكام قصوى وقاسية جداً في قضايا مرتبطة بالتعبير “يثير مخاوف جدية حول مدى احترام مبدأ التناسب بين الأفعال والعقوبات”.

“قرار تأديبي” بحق القاضي

وقالت مصادر مطلعة لـ”الشرق”، إن وزارة العدل التونسية أصدرت، الجمعة، “قراراً تأديبياً” يقضي بنقل القاضي إلى مدينة جنوب البلاد، بعد تجريده من رتبته كرئيس دائرة جنائية في محكمة نابل.

وقال رئيس رابطة حقوق الإنسان بسام الطريفي لـ”رويترز”، إن القاضي نُقل لمكان آخر بعد صدور الحكم، في إشارة إلى إمكانية مراجعة الحكم.

وعلّقت تونس تنفيذ عقوبة الإعدام في عام 1992، ولكن القضاء لا يزال يصدر هذه الأحكام من فترة إلى أخرى، في بعض القضايا المرتبطة بالقتل العمدي و”الإرهاب”.

ومنذ حل البرلمان في عام 2021، يواجه الرئيس التونسي قيس سعيّد انتقادات متزايدة بشأن ما تقول منظمات حقوقية إنه “تآكل في استقلالية القضاء وتراجع كبير في حرية الصحافة والتعبير”. ولكن سعيّد ينفي باستمرار التضييق على الحريات، ويقول إن الحريات مضمونة بالقانون.

شاركها.