كشف مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث في تقريره الأسبوعي عن تحقيق أسعار الفضة ارتفاعات قوية في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، مدفوعة بتراجع الدولار الأمريكي وتزايد الطلب الصناعي وتنامي توقعات الأسواق بشأن اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو مزيد من تيسير السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.
وبحسب التقرير، ارتفعت أسعار الفضة في السوق المحلية بنسبة 13.3% خلال أسبوع، في حين صعدت عالميًا بنسبة 4.4% لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، ما يعكس قوة الزخم الشرائي على المعدن الأبيض سواء من المستثمرين أو الصناعات الثقيلة.
أوضح التقرير أن جرام الفضة عيار 800 ارتفع بمقدار 8 جنيهات خلال الأسبوع، ليصعد من 60 جنيهًا في بدايته إلى 68 جنيهًا بنهايته. كما سجّل جرام عيار 999 نحو 85 جنيهًا، وبلغ عيار 925 حوالي 79 جنيهًا، بينما استقر جنيه الفضة عيار 925 عند 632 جنيهًا دون تغيير يُذكر.
وأشار المركز إلى أن هذا الصعود يُعدّ من أقوى الارتفاعات الأسبوعية التي تشهدها السوق المحلية منذ بداية العام، مدعومًا بزيادة الطلب الاستثماري وتزايد إقبال صغار المستثمرين على اقتناء الفضة كمعدن آمن منخفض التكلفة مقارنة بالذهب.
قفزت الأوقية العالمية للفضة من 46 دولارًا إلى 48 دولارًا خلال الأسبوع، لتسجّل أعلى مستوى منذ 14 عامًا، بدعمٍ من الإقبال المتزايد على الملاذات الآمنة وارتفاع رهانات المستثمرين على خفض الفائدة الأمريكية، هذا الارتفاع عزّز جاذبية المعادن غير المدرة للعائد، وعلى رأسها الفضة، التي تُعتبر البديل الأبرز للذهب في فترات التقلبات الاقتصادية.
ويُعد هذا المستوى الأعلى منذ عام 2011، عندما لامست الفضة عتبة 50 دولارًا للأوقية للمرة الثانية في تاريخها، بعد أن حققتها أول مرة عام 1980 أثناء محاولة الأخوين هانت احتكار السوق العالمي للفضة.
أظهر تقرير «الملاذ الآمن» أن أسعار الفضة في السوق المحلية ارتفعت بنسبة 27% خلال شهر سبتمبر 2025، مسجلة زيادة قدرها 14 جنيهًا للجرام، حيث صعد السعر من 52 جنيهًا إلى 66 جنيهًا.
أما عالميًا، فقد ارتفعت الأوقية بنسبة 20% خلال الشهر نفسه، من 40 إلى 48 دولارًا، لتواصل الفضة أداءها القوي وسط حالة من التفاؤل في الأسواق العالمية بشأن مستقبل المعادن النفيسة.
ومنذ بداية عام 2025، حققت الفضة مكاسب تجاوزت 66% محليًا (من 41 إلى 68 جنيهًا)، و62% عالميًا (من 29 إلى 48 دولارًا)، لتتفوق بذلك على جميع المعادن النفيسة الأخرى من حيث الأداء السنوي.
كما استقرت نسبة الذهب إلى الفضة عند مستوى 82 أوقية فضة مقابل أونصة ذهب واحدة، ما يعكس استمرار تفوّق الذهب من حيث القيمة، رغم تفوّق الفضة من حيث النسبة المئوية للارتفاع.
ورغم أن الفضة تفوقت على الذهب بنسبة ارتفاع سنوي بلغت 60% مقابل 47% للذهب، فإنها لا تزال دون أعلى مستوياتها التاريخية، بينما يواصل الذهب تسجيل قمم جديدة قرب 3900 دولار للأونصة، مدعومًا بتزايد مخاوف الإغلاق الحكومي الأمريكي.
أوضح التقرير أن الفضة والذهب يستفيدان حاليًا من عدة عوامل رئيسية، أبرزها:
تراجع الدولار الأمريكي أمام سلة العملات الرئيسية.
توقعات قوية بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.
زيادة مشتريات البنوك المركزية من المعادن النفيسة لتقليل الاعتماد على الدولار.
تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية التي تدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة.
القلق المتزايد بشأن ضعف العملات الورقية وتآكل قيمتها الحقيقية.
وأشار التقرير إلى أن الفضة تمتاز بخصائص مزدوجة تجعلها فريدة بين المعادن، إذ تُستخدم كـمعدن ثمين يُخزَّن للاستثمار، وفي الوقت نفسه كمعدن صناعي أساسي في قطاعات عدة.
وبحسب بيانات معهد الفضة العالمي (Silver Institute)، بلغ الطلب الصناعي على الفضة مستوىً قياسيًا في عام 2024 عند 680.5 مليون أوقية، بدعم من الاستخدام المتنامي في البنية التحتية الكهربائية والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية.
ورغم تراجع الطلب الإجمالي بنسبة 3% في 2024، إلا أن العجز بين العرض والطلب استمر للعام الرابع على التوالي، مسجلًا 148.9 مليون أوقية. ويتوقع التقرير استمرار العجز للعام الخامس في 2025، مع إنتاج متوقع يبلغ 844 مليون أوقية مقابل طلب يتجاوز 940 مليون أوقية.
وساهمت بيانات التوظيف الضعيفة في الولايات المتحدة في تعزيز التوقعات بخفض الفائدة، حيث أظهرت بيانات مؤسسة ADP فقدان 32 ألف وظيفة في سبتمبر، في حين كانت التوقعات تشير إلى زيادة 50 ألف وظيفة.
ووفقًا لأداة CME FedWatch، ترجّح الأسواق بنسبة 99% خفض الفائدة خلال اجتماع أكتوبر، وبنسبة 87% في ديسمبر، وهو ما يبقي عوائد السندات الأمريكية منخفضة ويزيد من جاذبية المعادن النفيسة.
كما ساهم ضعف الدولار الأمريكي في جعل المعادن المقومة به أكثر جاذبية للمستثمرين حول العالم، بينما أدى الإغلاق الحكومي الأمريكي إلى تعطيل صدور بيانات اقتصادية مهمة مثل تقرير الوظائف والطلبيات الصناعية، مما زاد حالة عدم اليقين في الأسواق.
وسلّط تقرير «الملاذ الآمن» الضوء على دور الهند في دعم الطلب العالمي على الفضة، حيث ضاعفت البلاد وارداتها من المعادن النفيسة خلال سبتمبر مقارنة بشهر أغسطس، مدفوعة بتخزين البنوك وتجار المجوهرات كميات كبيرة من الفضة استعدادًا لموسم المهرجانات، إلى جانب تجنّب أي زيادات محتملة في الرسوم الجمركية.
ووفقًا لبيانات حكومية وتجارية نقلتها وكالة رويترز، ارتفع استيراد الفضة في الهند بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، ما ساهم في تعزيز الطلب العالمي ودعم الأسعار عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من 14 عامًا.
اختتم «الملاذ الآمن» تقريره بالتأكيد على أن الفضة تواصل أداءها الاستثنائي في 2025، لتصبح المعدن النفيس الأفضل من حيث المكاسب النسبية بفضل تلاقي العوامل الداعمة محليًا وعالميًا.
كما رجّح التقرير استمرار الزخم الإيجابي خلال الربع الأخير من العام، خاصة إذا واصل الدولار الأمريكي التراجع، وثبت توجه الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة في الاجتماعات المقبلة.