محرر الشؤون المحلية

  • العامر جمع بين الخبرة الميدانية والعلاقات الواسعة والرؤية الوطنية
  • الفقيد كان من أبرز كوادر “الخارجية” وصاحب بصمة واضحة بالدبلوماسية
  • عمله سكرتيراً لمحمد بن مبارك 15 عاماً هي المرحلة الأثري بمسيرته
  • العامر ساهم في صياغة قرارات مهمة على مستوى الأمم المتحدة

ودّعت البحرين، أمس، الوكيل السابق بوزارة الخارجية والكاتب ورجل الأعمال السفير حمد أحمد العامر، بعد مسيرة زاخرة بالعطاء الوطني، امتدت لما يقارب خمسة عقود في السلك الدبلوماسي والصحافة، بما أسهم في تعزيز سمعة مملكة البحرين على الساحتين الإقليمية والدولية.

وقُبيل رحيله، أكد الفقيد أن ما حقّقته الدبلوماسية البحرينية على مدى العقود الماضية من إنجازات بارزة أسهم في توطيد علاقات الصداقة والتعاون مع العديد من دول العالم، وتعزيز مكانة المملكة على المستويين الإقليمي والدولي، معرباً عن فخره واعتزازه بتخصيص حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، يوم الرابع عشر من يناير من كل عام للاحتفاء بالدبلوماسية البحرينية، وهو انعكاس لما يوليه جلالته من اهتمام بالعمل الدبلوماسي وقياداته، كما يمثّل مبعث فخر لكل الدبلوماسيين في الداخل والخارج.

وكانت “الوطن” قد أجرت حواراً مطوّلاً مع الفقيد رحمه الله بتاريخ 4 أبريل 2023، حكى فيه عن سيرته ومسيرته، بدءاً من ولادته لأب سعودي وأم بحرينية، والدراسة في بيروت، ومنها إلى جامعة عين شمس بسبب الحرب الأهلية، كما استذكر مسيرته في وزارة الخارجية بدءاً من موظف إلى سكرتير شخصي لوزير الخارجية آنذاك سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة لمدة 15 عاماً، مروراً بالمحطات الدبلوماسية الأخرى.

ويُعدّ الفقيد من أبرز الكوادر الدبلوماسية في مملكة البحرين، حيث التحق بالعمل الحكومي عام 1969، في وزارة الخارجية، بوظيفة سكرتير مكتب وزير الخارجية، وفي العام 1986 تمّ تعيينه قنصلاً عاماً لمملكة البحرين لدى جمهورية الهند “بومباي”، ثُم في العام 1992 سفيراً لمملكة البحرين لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ترأس العامر ما بين عامي 1994 و2002 وفد المملكة لاجتماعات لجنة التعاون الاقتصادي المشترك مع الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى رئاسة وفد البحرين لاجتماعات الحوار السياسي مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي. وفي العام 2002، تمّ تعيينه سفيراً لمجلس التعاون الخليجي لدى الاتحاد الأوروبي في بلجيكا، ثم تولى في العام 2009 رئاسة وفد مملكة البحرين للحوار التركي الخليجي الاستراتيجي.

وترك الفقيد حمد العامر بصمة واضحة في مسيرة العمل الدبلوماسي بمملكة البحرين، منذ تأسيس وزارة الخارجية، حيث كان من أوائل الموظفين العاملين فيها إلى جانب سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وتدرّج في المناصب حتى أصبح سكرتيراً شخصياً لسموه لمدة 15 عاماً، وهي مرحلة وصفها بأنها الأثري في مسيرته لما اكتسبه خلالها من خبرة ومعرفة في شؤون السياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي.

وتولى لاحقاً عدداً من المناصب القيادية المهمة داخل الوزارة وخارجها، منها: قنصل عام لمملكة البحرين في الهند، حيث مثّل البحرين في عموم الهند في فترة لم يكن فيها سفير مقيم، وسفير لمملكة البحرين في إيران عقب تحرير الكويت، خلال فترة اتسمت بعلاقات طيبة مع دول الخليج، ومدير إدارة مجلس التعاون بوزارة الخارجية، ثم مدير إدارة الشؤون العربية، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون، وهو المنصب الذي تولاه بعد عودته من الخارج، وسفير مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث عمل على ملف اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي.

وشارك في العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية، منها اجتماعات الجامعة العربية في تونس والمؤتمر الإسلامي في باكستان، وساهم في صياغة قرارات مهمة على مستوى الأمم المتحدة، من أبرزها قرار اعتبار الصهيونية حركة عنصرية.

ولدى العامر، رحمه الله 3 أبناء و3 بنات، فهد وعبدالعزيز وعبداللطيف، ورشا ونورة وزين، فهد وزير مفوض بوزارة الخارجية، ود.رشا كانت طبيبة بالمستشفى العسكري ثم في وزارة الداخلية، ومستشفى طيران الخليج، وعبداللطيف خريج جامعة أكسفورد قسم العلوم السياسية، ويعمل بالأمانة العامة لمجلس التعاون، ونورة تعمل في شركة مهمة في لندن، وزين عضو بمجلس إدارة فنادق الخليج، وعبدالعزيز يشتغل في كي بي إم جي للتدقيق.

ويُعدّ السفير العامر نموذجاً للدبلوماسي البحريني الذي جمع بين الخبرة الميدانية والعلاقات الواسعة والرؤية الوطنية، واستمر في خدمة وطنه بعد التقاعد من خلال العمل والإسهام في تطوير القطاع الخاص، حيث تولى إدارة شركة اتصالات في البحرين بطلب من مستثمرين سعوديين، وحقق فيها نجاحاً لافتاً بفضل اعتماده على الكفاءات الوطنية.

وحكى لـ”الوطن” عن هذه المرحلة، بالقول إنه أحب القراءة والرياضة، ومارس هواية «البوكسنج ورفع الأثقال»، في «الجيم» الصغير في منزله، قائلاً: “أحياناً الأمور تأتي لوحدها، قصدني مستثمرون من أهلي بالسعودية، وطلبوا مني إدارة شركة اتصالات بالبحرين، كان عالماً جديداً، وأعتقد أنني نجحت فيه، ونحقق أرباحاً لأنني اعتمدت على الشباب البحريني، وعندي بالشركة 65% نسبة بحرنة”.

رحم الله فقيد البحرين وتغمّده بواسع رحمته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.

شاركها.