أيدت محكمة الاستئناف البريطانية حكماً سابقاً يقضي بمصادرة عقار مملوك لشركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC) في لندن تقدر قيمته بنحو 100 مليون جنيه إسترليني (135 مليون دولار)، وذلك للمساهمة في سداد تعويضات بقيمة 2.4 مليار دولار لمصلحة شركة “كريسينت بتروليوم” الإماراتية، بحسب ما أفادت وسائل إعلام إيرانية، الإثنين.
ويقع العقار المعروف باسم “بيت شركة النفط الوطنية الإيرانية” في منطقة قريبة من البرلمان البريطاني، وتعود ملكيته لإيران منذ نحو 50 عاماً، وقد شُيد العقار عام 1975 كمقر رئيس للشركة في عهد الشاه الراحل محمد رضا بهلوي، ويتميز بطراز معماري يحاكي بعض عناصر كاتدرائية “وستمنستر” المقابلة له.
عزلة دبلوماسية متزايدة
تأتي القضية في وقت تواجه إيران عزلة دبلوماسية متزايدة وسط تعثر محادثات ملفها النووي واستئناف العقوبات الأممية الشهر الماضي، مما زاد الضغوط على اقتصادها المتعثر، غير أن النزاع القضائي بين “كريسينت” و”النفط الإيرانية” يعود لأكثر من عقدين ولا يرتبط بالأزمة السياسية الراهنة.
وبحسب الشركة الإماراتية والتي يقع مقرها الرئيس في إمارة الشارقة، فقد أقدمت شركة النفط الإيرانية على نقل ملكية العقار إلى صندوق معاشات وصحة العاملين في قطاع النفط الإيراني بعد صدور حكم التحكيم الدولي، في محاولة للحيلولة دون الحجز على أصولها، إلا أن المحكمة البريطانية الابتدائية اعتبرت هذا النقل تحايلاً قانونياً يهدف إلى الهرب من مدفوعات الدائنين وتعطيل إجراءات سداد الديون، وأبطلت العملية.
حكم قضائي بالمصادرة
وطعنت الشركة الإيرانية وصندوق التقاعد في الحكم، غير أن محكمة الاستئناف رفضت الاعتراضات وأكدت أحقية مصادرة المبنى، مشيرة إلى أن المستندات التي قدمتها طهران لإثبات الملكية لم تستوف الشروط القانونية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن مصدر مطلع أن محاميّ الحكومة الإيرانية قدموا طعناً جديداً، مع احتمال رفع القضية لاحقاً إلى المحكمة العليا البريطانية، وهي خطوة قد تستغرق ما يصل إلى عامين.
أصل النزاع
ويعود أصل النزاع لعقد أُبرم عام 2001 بين شركة “كريسينت بتروليوم” و”النفط الوطنية الإيرانية” لتوريد 500 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً من حقل سلمان البحري، لكنه انهار بسبب خلافات داخلية في طهران مما أدى إلى دعاوى وتحكيم دولي طويل، انتهى بإلزام إيران بدفع تعويضات بمئات ملايين الدولارات.
وخلال الأعوام الأخيرة سعت “كريسينت” إلى تنفيذ الأحكام عبر استهداف أصول تابعة لإيران في الخارج، من بينها مكاتب لشركة النفط الوطنية في أوروبا، إذ سبق أن خسرت طهران أيضاً مكتبها في مدينة روتردام الهولندية.
ونقلت صحيفة “إيران ديلي” الحكومية عن مصادرها أن خسارة هذه الأصول تعود للتدخلات السياسية التي أدت إلى إلغاء صفقة “كريسينت” قبل أكثر من 20 عاما.
ويعد هذا الحكم ضربة لإيران في مساعيها إلى الاحتفاظ بالأصول الأجنبية، ويعكس قوة أحكام التحكيم الدولي في قضايا نزاعات الشركات بين الدول، وهو ثاني مبنى لشركة النفط الوطنية الإيرانية تجرى مصادرته بعد شكوى شركة “كريسينت” وقبول طلب التعويض من قبل محكمة التحكيم الدولية.
وفي الـ 17 من يناير، أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن مبنى تابع لشركة النفط الوطنية قد جرت مصادرته في هولندا، وذلك بعد أشهر عدة من مصادرة مبنى للشركة نفسها في لندن كجزء من التعويضات في قضية “كريسينت”.