أثار تطبيق “ناظم الدورات” لنقل المعلمين من مراكز المدن إلى مناطق الأرياف في مديرية تربية دير الزور جدلًا واسعًا، ونظم عدد من المعلمين الذي شملهم القرار وقفة احتجاجية أمام مديرية تربية دير الزور أعربوا خلالها عن رفضهم للتشكيلات التي أصدرتها المديرية.
ويعد “ناظم الدورات” تحديًا كبيرًا للكثير من المعلمين الذين التقت بهم، حيث يشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرً في ظل ظروف اقتصادية سيئة تعيشها مدينة دير الزور.
ووفق معلمين وإداريين قابلتهم، يعاني القطاع التعليمي في دير الزور من نقص كبير في أعداد المدرسين الاختصاصيين والموجهين التربويين، إضافة إلى عدم توفّر مواصلات لنقلهم لمتابعة العمل في مدارس الريف.
وطالبت المعلمة مي العلي من مدرسة “زكي الارسوزي” بإلغاء قرار نقلها إلى منطقة الريف، مشيرةً إلى الظروف العائلية والمعيشية الصعبة التي ستترتب على هذا النقل.
أوضحت العلي أن لديها طفلين في مرحلة الروضة، وأن نقلها إلى منطقة ريفية يثير تساؤلات جدية حول مكان رعاية الأطفال، خاصةً مع بُعد المسافة.
وأكدت المعلمة على تفاقم أعبائها المادية، قائلةً إنها تعيش في منزل مستأجر، وستُضاف إلى هذه التكاليف مصاريف مواصلات باهظة للالتحاق بمكان عملها الجديد في الريف، مما يشكل عبئًا لا يُحتمل على وضعها المالي.
وناشدت العلي الجهات المعنية بـ”طي القرار”، ومراعاة وضعها الاجتماعي والاقتصادي، لتمكينها من الاستمرار في عملها دون المساس باستقرار عائلتها وقدرتها على رعاية طفليها.
بدرها، المعلمة رهف المحمد التي تعمل في مدرسة “محمد علي العرفي” الإعدادية بمدينة دير الزور، قالت ل، إن نظام “ناظم الدورات” لتعيين المعلمين كان مطبقًا بالفعل منذ فترة طويلة.
وأوضحت أنه منذ بداية الدوام للعام الدراسي الحالي، كان المعلمون يعلمون أن التعيينات ستخضع لهذا النظام، الذي يهدف إلى تنشيط الحركة التعليمية باتجاه القرى.
وذكرت أن الأمور أصبحت تسير بشكل نظامي، وأن أغلب المتضررين هم من معلمي الصف، والاختصاصات، والموجهين، بينما لم يصدر شيء بخصوص المديرين بعد.
“ضرورة لسدّ النقص في الأرياف”
أكد مدير التربية المساعد لشؤون الثانوي في المديرية، حسن هنيدي الحمد، أن تطبيق “ناظم الدورات” لنقل المعلمين إلى مناطق الأرياف هو إجراء ضروري وقانوني لسد النقص الكبير في المدارس خارج المدينة، رافضًا مطالبات المعلمين “بفرصة نقاهة” وإبقائهم في مراكز المدن.
وأشار الحمد إلى أن المديرية تعاني من تضخم كبير في عدد الموظفين، يعود إلى عهد النظام السوري السابق، حيث كان هناك “تحميل” للمدارس بأعداد تفوق حاجتها الفعلية، وهو ما ترك عبئًا بعد استقرار المنطقة وعودة المهجرين والمفصولين لأسباب “ثورية”.
وأضاف المسؤول أن عودة الحياة واستقرار مدينة دير الزور، أوجب فتح مدارس جديدة وكثيرة في الأرياف وغرب وشرق المدينة، الأمر الذي اضطر المديرية لوضع “ناظم الدورات” لـ”توزيع الأعباء” وتغطية النقص.
ووفقًا للحمد، فإن “ناظم الدورات” يعتمد على مبدأ “الأقدم يبقى في المدينة” ثم ينتقل الأحدث تدريجيًا إلى الأطراف، وصولًا إلى من هم في دورات عام 2013، حيث جرى تقسيمهم على كتل مخصصة للريفين الغربي والشرقي، بدءًا من الجفرة وموحسن باتجاه الميادين.
تكدس للمعلمين
وحول رفض المعلمين لهذه التنقلات ومطالبتهم “بفرصة نقاهة”، شدد الحمد على أن هذا المطلب “لا يتناسب مع طبيعة العمل”، ومن غير المقبول أن تبقى الأرياف بلا معلمين بينما يتكدس 2000 معلم في المدينة وحاجتها لا تتجاوز 1000 معلم، على حد تعبيره.
كما بيّن أن خيار تعيين الوكلاء غير مطروح من الناحية القانونية والإدارية والمالية، مشيرًا إلى أن الوكيل ليس كالأصيل الذي خضع لدورات إعداد ويمتلك الخبرة وطرق التدريس، مؤكدًا أن الموظف “لم يأتِ للعمل في مكان هو يحدده”، وأن ما يجري هو “قانون عمل يجب العمل به وفق قوانين المديرية”.
وتحتاج مدارس محافظة دير الزور شرقي سوريا إلى إعادة إعمار وتأهيل، فالعشرات منها في المدينة والريف باتت خارج الخدمة لأسباب مختلفة، منها تحويل بعضها لنقاط عسكرية لقوات النظام السابق وإيران، والقصف الذي ألحق الضرر بعدد كبير منها.
بحسب إحصائية حصلت عليها من وزارة التربية، توجد في دير الزور 63 مدرسة مدمرة بالكامل، بينما تحولت 23 مدرسة أخرى إلى مقار عسكرية لقوات النظام السابق والميليشيات الإيرانية.
دير الزور.. قطاع تعليمي متهالك ومدرسون يفتقدون الخبرة
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي