قال المبعوث الأميركي الخاص لسوريا توم باراك، الأربعاء، إن زيارته إلى الحسكة شمال شرق البلاد كانت من أجل تسهيل ومراقبة تنفيذ “اتفاق 10 مارس” بين حكومة دمشق، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، نافياً أن يكون للزيارة أية أبعاد تضر المصالح التركية.
واعتبر المبعوث الأميركي في منشور على حسابه بمنصة “إكس” أن “اتفاق مارس يحظى بأهمية بالغة ليس فقط لاستقرار سوريا وأمنها، بل وكذلك للمصالح الاستراتيجية لكل من تركيا، والولايات المتحدة”.
وشدد على أن أي تلميح إلى أن زيارته للحسكة تضمنت أنشطة من شأنها تقويض مصالح تركيا الوطنية أو سلامة أراضيها “هو أمر لا أساس له من الصحة على الإطلاق”.
وأضاف باراك: “أجريتُ زيارتي إلى الحسكة بشفافية تامة، وبروح تعزيز الاستقرار الإقليمي، وتنسيق مكافحة الإرهاب، ووصول المساعدات الإنسانية، وكلها أمور تخدم مصالح تركيا الأمنية والاقتصادية بشكل مباشر.. لقد كانت مهمتي، ولا تزال، تتمحور حول تعزيز آليات التعاون التي تقلل من التهديدات عبر الحدود، وتدعم الهدف الأوسع المتمثل في السلام وإعادة الإعمار بالمنطقة”.
وكانت الرئاسة السورية ذكرت، الثلاثاء، أن الرئيس أحمد الشرع التقى مع باراك، وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر في العاصمة دمشق، وبحث معهما سبل دعم العملية السياسية، وتعزيز الأمن والاستقرار، وآليات تنفيذ اتفاق العاشر من مارس “بما يصون وحدة الأراضي السورية، وسيادتها”.
وأعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، أنه اجتمع مع مظلوم عبدي قائد “قسد” في العاصمة، واتفقا على وقف شامل لإطلاق النار فوراً بكافة المحاور، ونقاط الانتشار العسكرية في شمال وشمال شرق البلاد.
توتر في حلب
في وقت سابق الاثنين، أعلنت وزارة الدفاع السورية انتشار عناصر الجيش على طول عدة جبهات مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق البلاد، وذلك بعد تصاعد التوتر بين الجانبين.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا”، عن الوزارة، أن “تحركات الجيش العربي السوري تأتي ضمن خطة إعادة انتشاره على بعض المحاور شمال وشمال شرق سوريا، وذلك بعد الاعتداءات المتكررة لقوات قسد واستهدافها للأهالي وقوى الجيش والأمن، وقيامها بمحاولة السيطرة على نقاط وقرى جديدة”.
ونقلت عن إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع قولها: “نلتزم باتفاق العاشر من مارس، ولا توجد نوايا لعمليات عسكرية”.
في المقابل، اعتبرت “قسد” إن ما يجري في حلب نتيجة مباشرة لما وصفته بـ”استفزازات فصائل الحكومة المؤقتة، ومحاولاتها التوغل بالدبابات”.
وأضافت في بيان: “تتناقل بعض الوسائل الإعلامية مزاعم باطلة تفيد بأن قوات سوريا الديمقراطية استهدفت حواجز تابعة لمسلحي حكومة دمشق في محيط حيي الأشرفية، والشيخ مقصود في مدينة حلب، ونؤكد بشكل قاطع أن هذه الادعاءات غير صحيحة إطلاقاً، فقواتنا لا وجود لها في المنطقة منذ انسحابها بموجب تفاهم 1 أبريل”.
واتهمت “قسد”، الجيش السوري بشن هجمات “ضد السكان المدنيين”، وفرض “حصار أمني، وإنساني خانق”، ما أدى، بحسب البيان، إلى “استفزاز الأهالي ودفعهم للدفاع عن أنفسهم، إلى جانب قوى الأمن الداخلي في الحيين، التي تقوم بواجبها في حماية المدنيين، وحفظ الأمن والاستقرار”.
ودعت “قسد”، المنظمات الدولية والإنسانية إلى التحرك العاجل والفعّال، لإنهاء ما وصفته بـ”الحصار الجائر”، ووقف “الهجمات والاستفزازات الممنهجة ضد المدنيين”.
توتر متصاعد
وازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة التوتر الأمني في مناطق التماس بين الجيش السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، وفي وقت سابق الشهر الماضي، اندلعت اشتباكات بين الطرفين في محيط قرية تل ماعز شرقي حلب، وقالت دمشق حينها إن “قسد” قصفت المنطقة بقذائف الهاون، فيما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية سقوط ضحايا ومصابين، بعدما ذكرت أن طائرة مسيرة تابعة للحكومة السورية استهدفت نقطة عسكرية تابعة لها في حلب.
وفي أوائل أغسطس الماضي، تبادل الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية، الاتهامات بشأن اشتباكات في ريف منبج شمالي البلاد، إذ قالت وزارة الدفاع السورية، إن هجوماً نفذته “قسد” أسفر عن إصابة 4 من أفراد الجيش و3 مدنيين، فيما أشارت قوات سوريا الديمقراطية إلى أنها “استخدمت حقها في الدفاع عن النفس”، وردت على مصادر النيران.
وتسيطر “قسد” التي تُشكل الوحدات الكردية “عمودها الفقري” على ما يقارب من ثلث مساحة سوريا، تحديداً شرقي وشمال شرقي البلاد، وهي منطقة تضم ثروة نفطية وسدوداً كهرومائية تساعد في توليد الطاقة، كما تحالفت خلال العقد الماضي مع الولايات المتحدة في التصدي لتنظيم “داعش”.
وفي 10 مارس الماضي، وقع عبدي اتفاقاً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، يقضي بانضمام “قسد” إلى مؤسسات الدولة الجديدة، وتسليم معابر حدودية رئيسية، وحقول نفط، ومطار إلى سيطرة الحكومة السورية.
وكان من المتوقع تنفيذ الاتفاق بين الحكومة السورية و”قسد” بحلول نهاية العام، لكن الشرع قال الشهر الماضي، إن هناك “نوعاً من التعطيل أو التباطؤ في تنفيذ الاتفاق”.