يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يتجه لتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى، والتي من شأنها أن تهدد العمق الروسي.
وأكد ترمب، في البيت الأبيض، الاثنين الماضي، أنه “اتخذ قراراً إلى حد كبير”، في ما يتعلق بتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك.
وقال ترمب: “أعتقد أنني أريد أن أعرف ماذا يفعلون بها، وأين سيرسلونها، أعتقد أنني سأضطر إلى طرح هذا السؤال”.
كيف ستطلق أوكرانيا صواريخ توماهوك؟
أصبحت صواريخ Tomahwak أحدث الأسلحة المتطورة التي تسعى أوكرانيا للحصول عليها من شركائها الغربيين، بحسب موقع Business Insider.
وتضمن هذه الخطوة تعزيز كبير لقدرات أوكرانيا على توجيه ضربات عميقة، في وقت تُصعد فيه كييف هجماتها على البنية التحتية للطاقة في روسيا.
وتطلق الصواريخ المصنوعة في الولايات المتحدة عادة من خلايا نظام الإطلاق العمودي على السفن الحربية أو من أنابيب الطوربيد على الغواصات أو أنظمة أرضية خاصة مثل نظام Typhon الجديد للجيش.
وتفتقر كييف إلى كل هذه الأنظمة، ما يثير تساؤلات بشأن كيفية استخدامها فعلياً في القتال، وليس من الواضح كيف ستُطلقها أوكرانيا إذا حصلت عليها.
ومن المرجح في حال نقل للصواريخ من الولايات المتحدة، إرسال معدات إضافية لدعم الضربات، أو تعديل منصة إطلاق أخرى.
ونقل موقع أكسيوس، عن مسؤول أوكراني لم يسمه، ومصدر وصفه بأنه مقرب من الحكومة الأوكرانية، قولهما إن كييف لا تعرف حتى اللحظة ما هو قرار ترمب تحديداً.
وقال المصدر إن مسؤولي إدارة ترمب أعربوا عن مخاوفهم في الأسابيع الماضية، بشأن ما إذا كانت واشنطن قادرة على التحكم في استخدام الصواريخ بواسطة أوكرانيا، بعد شرائها ودفع دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) ثمنها.
بوتين: مرحلة جديدة من التصعيد
في المقابل اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن توريد صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا سيكون “مرحلة جديدة تماماً ونوعية جديدة من التصعيد”.
وأشار إلى أن أوكرانيا لا تستطيع استخدام الصواريخ دون مشاركة مباشرة من الولايات المتحدة، الأمر الذي من شأنه أن يضع واشنطن وموسكو في مواجهة مباشرة، ويدمر أي تقدم إيجابي في العلاقات بين البلدين.
وطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من ترمب خلال لقائهما على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي تزويد كييف بصواريخ توماهوك، والتي يمكن أن تمنح كييف القدرة على ضرب روسيا حتى موسكو.
وقال زيلينسكي لبرنامج Axios Show إنه طلب من ترمب نظام أسلحة إضافي؛ يمكن أن يجبر بوتين على الدخول في محادثات سلام، ربما دون أن تضطر أوكرانيا إلى استخدامه.
ولم يذكر الرئيس الأوكراني اسم هذا النظام من الأسلحة خلال المقابلة، لكنه قال إنه إذا علمت روسيا امتلاك أوكرانيا لهذا النظام، فإن الضغوط من أجل التحدث ستزداد بشكل كبير.
وأكد مسؤول أوكراني ومصدر آخر مطلع على اجتماع ترمب وزيلينسكي أن النظام محور الحديث هو صاروخ توماهوك، وهو صاروخ بعيد المدى موجه بدقة، بحسب الموقع.
مزايا صواريخ توماهوك
جرى تطوير صاروخ BGM-109 توماهوك للهجوم البري، بواسطة شركة RTX Corporation، وهو صاروخ كروز دقيق التوجيه، يعمل بمحركات نفاثة، ودون سرعة الصوت، وهو في الخدمة منذ أوائل الثمانينيات، وتُقدر تكلفة الصاروخ الواحد بـ 1.3 مليون دولار.
ويعتمد مدى صاروخ توماهوك على نوعه، لكن بعضها قادر على ضرب أهداف على بُعد يصل إلى نحو 1550 ميلاً، وهو مدى أبعد بكثير من مدى الصواريخ الغربية التي استلمتها أوكرانيا بالفعل.
وطورت أوكرانيا طائرات مسيرة وصواريخ بعيدة المدى بمدى ينافس، بل ويتجاوز، في بعض الحالات، مدى توماهوك.
وحتى مع الابتكارات الأوكرانية، لا تزال صواريخ توماهوك توفر مزايا واضحة في القدرة القتالية، والموثوقية المثبتة، والإشارات السياسية.
ويوفر هذا الصاروخ قدرة على توجيه ضربات عميقة بعيدة المدى، وحمل حمولات تقليدية أو نووية، مع أن القرارات السياسية قلصت دوره النووي تدريجياً، وفق موقع Missile Threat.
ومنذ بدء تصنيعه، أُنتجت أنواع عدة من صاروخ توماهوك، تضمنت إصدارات Block 1 للصاروخ الهجومي الأرضي النووي (TLAM-N، TLAM-A، RGM/UGM-109A) وصاروخ توماهوك المضاد للسفن (TASM، RGM/UGM-109B).
أما إصدارات Block 2، فتشمل TLAM-C (RGM/UGM-109C)، المصمم لمهاجمة الأهداف المحصنة، وTLAM-D (RGM/UGM-109D)، المصمم لمهاجمة الأهداف “الضعيفة” مثل الطائرات وتجمعات القوات.
وشملت تحديثات Block 3 إلكترونيات جديدة تسمح بهجمات منسقة.
أما صواريخ Block 4، وهي أحدث إصدار، فتستطيع التحليق لساعات، وتمتلك وصلة بيانات ثنائية الاتجاه مصممة لتلقي معلومات مهمة محدثة حول تصحيحات المسار، وهي مجهزة بنظام توجيه دقيق، ويمكنها حمل رأس حربي تقليدي يزن 1000 رطل. وتحلق هذه الصواريخ على ارتفاع منخفض عن الأرض وبسرعة، ما يجعل اكتشافها والتعامل معها أصعب.
الاستخدام القتالي لصواريخ توماهوك
أثبتت صواريخ توماهوك فعاليتها في القتال، ويعود تاريخ استخدامها إلى حرب الخليج، واستُخدمت في صراعات وعمليات عسكرية مختلفة منذ ذلك الحين، خاصة في الشرق الأوسط.
ومؤخراً، أطلقت الولايات المتحدة هذه الصواريخ على مواقع نووية في إيران، كما استُخدمت في ضربات ضد أهداف الحوثيين في اليمن.
وتعتبر البحرية الأميركية هي المشغل الرئيسي لصواريخ توماهوك، ولكنها أيضاً دخلت الخدمة في بريطانيا وأستراليا وهولندا.
واشترت اليابان 400 صاروخ من هذا النوع، وتوجد مدمرة يابانية في الولايات المتحدة تتلقى تعديلات للإطلاق.
1900 هدف روسي في مرمى توماهوك
حدد محللو الصراعات في معهد دراسة الحرب ISW، أن هناك ما لا يقل عن 1900 هدف عسكري روسي ضمن نطاق صاروخ توماهوك الذي يبلغ مداه 1550 ميلاً، وأكثر من 1600 هدف ضمن نطاق الصاروخ الذي يبلغ مداه 1000 ميل.
وتشمل الأهداف القواعد الجوية ومواقع إنتاج الأسلحة، وغيرها من الأصول العسكرية البارزة التي هاجمتها أوكرانيا منذ فترة طويلة بصواريخها وطائراتها المسيرة المنتجة محلياً.
ورجح معهد دراسة الحرب في تقييم لساحة المعركة، أن تتمكن أوكرانيا من التأثير بشكل كبير على أداء روسيا في ساحة المعركة الأمامية، من خلال استهداف مجموعة فرعية ضعيفة من مناطق الدعم الخلفية التي تدعم عمليات روسيا في الخطوط الأمامية.
وسائل ضغط على بوتين
ربما تستغرق عمليات تسليم صواريخ توماهوك الأميركية إلى أوكرانيا عدة أشهر، وربما لا تنطلق هذه الصواريخ من منصات إطلاقها أبداً، لكن هذا لا يعني أنها لن يكون لها تأثير على موسكو.
يهور تشيرنييف، نائب رئيس لجنة الأمن القومي والدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني، أوضح في تصريح لصحيفة “تليجراف” البريطانية، كيف يمكن استخدام هذه الأسلحة.
ويتصور المسؤول الأوكراني، سلسلة من الاحتمالات أو المراحل، بدءا من أن يغير ترمب رأيه ويتوقف عن توريد الأسلحة على الإطلاق، أو أن يسمح بتصديرها ولكن لا يسمح باستخدامها، إلى احتمالات السماح بنطاق متصاعد من المدى والأهداف.
وأشار تشيرنييف، إلى أن في كل مرحلة من هذه المراحل، يُمنح بوتين فرصة التراجع والدخول في مفاوضات، ولذلك، من المرجح أن يكون توريد الصواريخ واستخدامها تدريجياً للغاية.
وقال: “نحن نتفهم أننا بحاجة إلى الانتظار، على الأرجح، للحصول على تصريحات أكثر وضوحاً، إذا صدرت أي منها”.
وأضاف أن الصواريخ تمثل “جولة خطيرة من التصعيد”.