تعتزم السلطات في جنوب إفريقيا إجراء تحقيق بشأن كيفية وصول معدات إلكترونية مصنوعة في البلاد إلى طائرات روسية مسيرة، استخدمت في شن هجوم على أوكرانيا.
وذكرت “بلومبرغ”، أن القطعة قيد التحقيق، هي جهاز تحديد المدى بالليزر من صنع شركة “لايتوير للإلكترونيات الضوئية” (Lightware Optoelectronics)، ومقرها في ضواحي بريتوريا.
وأوضح المبعوث الأوكراني الخاص لشؤون العقوبات فلاديسلاف فلاسيوك، في منشور على منصة “إكس”، أن هذا الجزء يمكن استخدامه لقياس المسافات، وبدء التفجير.
وقالت شركة “لايتوير” في ردها على أسئلة هذا الأسبوع، إنه من غير الواضح كيف حصلت روسيا على المعدات التي لم تصمم للاستخدام العسكري، وألقت باللائمة على من وصفتهم بمشترين “عديمي الضمير”.
وجاء ذكر جهاز تحديد المدى من بين المكونات التي قالت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية عبر قناتها على تليجرام إنها اكتشفت في طائرات روسية مسيرة.
وبموجب قانون جنوب إفريقيا يُحظر على أي شركة تصدير الأسلحة إلى دولة في حالة صراع دون الحصول على ترخيص من “اللجنة الوطنية لمراقبة الأسلحة التقليدية” (NCACC) التابعة للحكومة.
وقال القائم بأعمال مدير مراقبة الأسلحة في اللجنة سيفو ماشابا، في رد بالبريد الإلكتروني لـ”بلومبرغ”: “الكيان المعني غير مسجل للتجارة بالذخائر والسلع والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج”، مضيفاً: “هذه المسألة ستُحال إلى المفتشين الذين سيزورون مقر الكيان، لتحديد نطاق أعمالهم وكذلك التطبيقات”.
وأوضحت “بلومبرغ” أن هذه التقنية المدمجة في مستشعرات شركة “لايتوير” تُستخدم في السيارات ذاتية القيادة، وفي تطبيقات تشمل تحركات الخام في المناجم إلى إحصاء الحياة البرية المهددة بالانقراض، والشركة قللت حجم ووزن المستشعرات، ما يسهل زرعها في المسيرات.
مسيرة انتحارية
وقال فلاسيوك هذا الأسبوع، إن السلطات اكتشفت المستشعر في طائرة روسية مسيرة من طراز Garpiya-A1، وهي طائرة مسيرة انتحارية بعيدة المدى تنفجر عندما تصل إلى هدفها.
وذكرت شركة “لايتوير”، أنه لا توجد حاجة للحصول على تصاريح تصدير لأن المعدات مخصصة للاستخدام المدني فقط.
وقالت المديرة التنفيذية للشركة نادية نيلسن، في رسالة بالبريد الإلكتروني: “نحن لا نقع تحت نطاق اللجنة الوطنية لمراقبة الأسلحة التقليدية. يبدو أن مُشغلاً عديم الضمير، اشترى دون علمنا، أجهزة استشعار خاصة بنا من مكان آخر واستخدمها بشكل غير قانوني في روسيا”.
وقال نيلسن إن شركة “لايتوير”، لا تبيع معداتها إلى دول محظورة.
وأدرجت روسيا وأوكرانيا على تلك القائمة عندما تصاعد النزاع بين البلدين في عام 2022، ومع ذلك، لا تستطيع الشركة تتبع استخدام أجهزة الاستشعار بمجرد بيعها من قبل موزعين.
وتابعت نيلسن: “نستخدم إعلانات المستخدم النهائي للتحكم في مكان بيع منتجاتنا ولمن تُباع منتجاتنا. وللأسف نحن غير قادرين على تنظيم كيفية استخدام هذه المستشعرات في المراحل النهائية”.
يقع مصنع شركة “لايتوير”، في مجمع مكاتب غير مميز في سنتوريون على أطراف العاصمة بريتوريا، وتشترك في مبنى واحد مع مؤسسة غير ربحية للصحة الإنجابية ووكالة تصنيف ائتماني وشركة فحم.
وتأسست الشركة في عام 2011، واجتذبت استثمارات من جهات من بينها شركة “ساناري كابيتال” (Sanari Capital)، وهي شركة أسهم خاصة مقرها جوهانسبرج استثمرت 25 مليون راند (1.5 مليون دولار) في شركة “لايت وير” في عام 2020.
وذكرت “بلومبرغ” أنه بعد غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، سعت روسيا إلى زيادة إنتاج الطائرات المسيرة، وكثفت غاراتها الجوية بالطائرات المسيرة خلال الأشهر الأخيرة.
وأظهرت وثائق اطلعت عليها “بلومبرغ” في وقت سابق من هذا العام، كيفية استغلال موسكو علاقاتها مع بكين، على سبيل المثال، “للالتفاف على العقوبات”، واكتساب الخبرة والقدرة على بناء المزيد منها.
علاقات متوترة مع واشنطن
وقاد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا جهوداً إفريقية للتوسط في النزاع بين روسيا وأوكرانيا ويواصل الضغط من أجل التوصل إلى تسوية، كما تحاول جنوب إفريقيا أيضاً إصلاح العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، بعد أن انتقدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب علاقات البلاد مع موسكو وطهران.
في فبراير 2023، أبدت الولايات المتحدة استياءها بعد إجراء جنوب إفريقيا مناورات عسكرية مع البحرية الروسية.
وبعد بضعة أشهر، اتهم روبن بريجيتي، سفير الولايات المتحدة في جنوب إفريقيا آنذاك، البلاد بشحن أسلحة إلى روسيا. وأجرت جنوب إفريقيا تحقيقاً قضائياً لم يجد أي دليل يثبت مزاعم بريجيتي.
وبعد أن اتهم ترمب في وقت سابق من هذا العام جنوب إفريقيا على نحو غير صحيح بارتكاب “إبادة جماعية” ضد البيض، فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية تجارية بنسبة 30% على العديد من الواردات، وهي أعلى نسبة لأي دولة إفريقية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، وخفضت المساعدات، وقاطع بعض مسؤوليها اجتماعات مجموعة العشرين التي تستضيفها البلاد.
وفي فبراير الماضي، أصدر ترمب أمراً تنفيذياً علّق بموجبه المساعدات الأميركية إلى جنوب إفريقيا، بحجة أن المزارعين البيض يُعاملون بشكل غير منصف، كما تضمن الأمر إعادة توطين “الهاربين” منهم “من التمييز العنصري الذي ترعاه الحكومة”.