محمد قدو الأفندي اخبار تركيا
تمتد بين المغرب والاتحاد الأوربي علاقات سياسية واقتصادية قوية وقديمة ، وقد تطورت هذه العلاقة تدريجيا إلى أن تم التوقيع سنة 1996م على اتفاقية الشراكة بين البلدين، التي بدأ العمل بها في الأول من شهر مارس 2000.
يعتبر الاتحاد الأوربي الشريك التجاري الأول للمغرب بحوالي %70 من المبادلات الخارجية، وتتشكل صادرات المغرب في معظمها من النسيج، والمواد الغذائية، والخضر والفواكه، والأسماك، والحامض الفسفوري، والمعادن، في المقابل تغلب المنتجات الصناعية على الواردات، وينتمي القسم الأكبر من الاستثمارات الأجنبية بالمغرب لدول الإتحاد الأوربي، كما يعتمد المغرب بنسبة مهمة على الإتحاد الأوربي من حيث مداخيل السياحة وتحويلات العمال المغاربة، ويحتل الأوربيون صدارة الجالية الأجنبية بالمغرب.
يبدو ان دول العالم قاطبة ترى انه لامناص من الاعتراف باحقية المغرب في صحراءه فمعظم الدول الاوربية وغيرها من الدول الاخرى تعترف بحقيقة عائدية الصحراء الى المغرب مثلما ترى ان نموذج الحكم الذاتي للصحراء المغربية التي اطلقها الملك محمد السادس هو الخيار الأوحد الناجع في تطوير المؤسسات الرسمية الصحراوية والذي بدوره يساهم بصورة مباشرة في مواكبة التقدم والازدهار لمنطقة الصحراء بمدنها واناسها في كافة مناحي الحياة .
فقد شهدت العاصمة البلجيكية بروكسيل، يوم الجمعة 3 أكتوبر 2025، محطة بارزة في مسار العلاقات المغربيةالأوروبية، من خلال توقيع تبادل الرسائل المعدلة للاتفاق الزراعي بين الطرفين. هذا الحدث لم يكن مجرد إجراء تقني أو بروتوكولي، بل يمثل تأكيدا جديدا على متانة الشراكة الاستراتيجية التي تربط المغرب بالاتحاد الأوروبي، وإرادة الجانبين في تعميقها وتوسيعها ..
وقد مثّل المغرب في هذا التوقيع سفيره لدى الاتحاد الأوروبي، أحمد رضى الشامي، فيما سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ بشكل فوري وبصفة مؤقتة، ريثما يستكمل الطرفان الإجراءات الفنية ..
الاتفاق المعدل، الذي جرى التفاوض بشأنه في إطار روح من التوافق والشراكة، يتيح للمنتوجات الزراعية القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة نفس الامتيازات التفضيلية الممنوحة لباقي المنتوجات المغربية في السوق الأوروبية، بموجب اتفاق الشراكة القائم بين الجانبين سابقا ، ويتضمن الاتفاق تعديلات تقنية لتسهيل دخول تلك المنتوجات بمسميات مناطق انتاجها من خلال الملصقات التعريفية على تلك المنتجات من المدن الصحراوية حتى ينسجم مع معايير الشفافية التي يجب اخبارها للمستهلك .
ان توقيع هذا الاتفاق يعتبر استكمالا للمسار التي تم بموجبه التوقيع على ترسيخ التعاون التجاري بين الطرفين عام 2018 ، ومن المؤمل أن يسهم تفعيل هذا الاتفاق في تعزيز الناتج المحلي الخام الزراعي والذي بدوره سيخلق فرص عمل جديدة في كافة انحاء المملكة وخصوصا في الأقاليم الجنوبية وهذه طبعا ثمرة الإرادة المشتركة للمغرب وبروكسيل في تطوير التعاون بينهما .
يؤكد هذا الاتفاق بوضوح ان المنتجات الزراعية في الأقاليم الجنوبية في المملكة المغربية تستفيد من الامتيازات الكمركية التي يمنحه الاتحاد الأوربي للمغرب في اطار الشراكة بين الجانبين ، بمعنى أن شروط دخول المنتجات الى السوق الاوربية المطبقة على منتجات شمال المملكة ستطبق على منتجات الصحراء المغربية وهذا قرار طبيعي يكرس الطابع القانوني والشرعي لعمل المملكة من اجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جميع ارجاءه ، حيث يكرس هذا الاتفاق الموقف الذي دافع عنه المغرب دوما وهو ان أي اتفاق يبرم مع المغرب يبرم بأكمله في احترام تام للثوابت الوطنية .
يؤكد هذا الاتفاق أيضا للاستفادة من المزايا الجمركية ، حيث يثمن هذا الاتفاق الإنتاج المحلي للأقاليم الجنوبية من خلال وضع علامات على المنتجات الزراعية مع ذكر مناطق الإنتاج في جنوب المملكة ( العيون ، الساقية الحمراء ، الداخلة ، وادي الذهب ) في تكريس واضح للهوية المغربية لهذه المناطق ومنتجاتها .
فبتوقيع هذا الاتفاق يؤكد الاتحاد الأوربي أهتمام القوى العالمية والإقليمية الكبرى للانشطة الاقتصادية في الصحراء المغربية ورغبتها في تشجيع التجارة والاستثمار في المنطقة لتحويل الصحراء الى جسر وصل بين اوربا وأفريقيا وبين المتوسط والمحيط الأطلسي .
لقد ابرم المغرب هذا الاتفاق لأنه يخدم مصالحه الاقتصادية ولأنه يحترم ثوابته الوطنية وكما اكد وزير الشؤون الخارجية في تصريحه قبل عدة أيام فان هذا النص يذكر بدعم الاتحاد الأوربي للجهود الجادة والصادقة التي يبدلها المغرب في أقاليمه الجنوبية ويبرز مواقف العديد من دول الاتحاد الأوربي التي أعربت عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية التي اطلقها الملك محمد السادس .
كما أن الاتفاق يساهم على المستويين الوطني وفي أقاليم جنوب المملكة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لاسيما في حقل الاستثمارات واحداث المشاريع والتبادل التجاري ، كما أنه من المتوقع إيجاد مايقارب الخمسين الف فرصة عمل في مناطق ااقاليم الجنوبية .
أن هذا الاتفاق هو ترجمة عملية لألتزام المغرب والاتحاد الأوربي بشراكة قائمة على المنفعة المتبادلة والاحترام ، وهو تأكيد جديد على المكانة الخاصة والتي يحتلها المغرب بقيادة الملك محمد السادس كشريك أساسي وموثوق للاتحاد الأوربي في المنطقة .