أكد رئيس جامعة الخليج العربي، الدكتور سعد بن سعود آل فهيد، على الأهمية الحيوية للمياه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وعلى دور الشباب العربي في مواجهة تحديات المياه في الوطن العربي، مشيرًا إلى أن المنطقة العربية تُعد من أكثر مناطق العالم تعرضًا للجفاف، مع تزايد التحديات المائية بسبب النمو السكاني والتوسع الاقتصادي، ما يهدد الأمن المائي ويعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال احتفال جامعة الخليج العربي، ممثلةً بمركز الأمم المتحدة التعليمي للمياه في المنطقة العربية، بتخريج الدفعة العاشرة من برنامج دبلوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، الذي يُنفذ بالتعاون مع المعهد الدولي للمياه والبيئة والصحة بجامعة الأمم المتحدة في كندا، حيث شهد الحفل حضور عدد من المسؤولين والخبراء وممثلي الجهات المانحة والداعمة، بالإضافة إلى الخريجين من مختلف الدول العربية.
وأكد رئيس الجامعة أن المحافظة على المياه واستدامتها مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمؤسسات والأفراد، وتتطلب اتخاذ إجراءات مثل ترشيد الاستهلاك، ومعالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وحماية الموارد من التلوث، بالإضافة إلى الاستثمار في مشاريع تحلية المياه وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.
وأوضح أن برنامج دبلوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية يهدف إلى تطوير قدرات المشاركين في الجوانب التقنية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية المتعلقة بالمياه، مع تغيير النظرة التقليدية لإدارة الموارد المائية في المنطقة، وقال: “منذ تأسيسها في بداية الثمانينيات، أولت جامعة الخليج العربي اهتمامًا كبيرًا بموضوع المياه، حيث أطلقت أحد أوائل برامج الماجستير في هذا المجال، مما أهلها لتُختار من قِبل جامعة الأمم المتحدة لاستضافة مركز الأمم المتحدة التعليمي للمياه في المنطقة العربية عام 2007.”
هذا، وقد بلغ عدد خريجي البرنامج 141 خريجًا وخريجة من مختلف الدول العربية، حظيوا بدعم متواصل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والمجلس الأعلى للبيئة في البحرين، والمؤسسة العامة للري في السعودية، وهيئة الكهرباء والماء، ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ومنظمة اليونسكو، بالإضافة إلى دعم حكومات دول مجلس التعاون الخليجي.
من جانبه، أكد مدير برنامج تحليل البيانات الجغرافية والمناخ والبنية التحتية في معهد جامعة الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة بكندا الدكتور مير ماتين أهمية هذه الشهادة التي لم يعتبرها مجرد وثيقة، بل “تكليفًا بالقيادة في عالم معقد مليء بالتحديات”، مشيدًا بالتعاون المستمر بين معهد الأمم المتحدة وجامعة الخليج العربي، والذي يمتد لما يقرب من عقدين من الزمن.
وأشار إلى أهمية مركز التعلم المائي في الجامعة، والذي يُعد من أبرز الإنجازات في دعم إدارة الموارد المائية المتكاملة في المنطقة العربية، لا سيما في ظل التحديات البيئية والمائية الحادة التي تواجهها. وذكر بخمسة محاور أساسية تعمل عليها الأمم المتحدة في مجالات المياه والبيئة والصحة، وهي: الحوكمة والعدالة، الطاقة والمعادن الحيوية، الأمن الغذائي والحفاظ على التنوع البيولوجي، الصحة والمساواة بين الجنسين، والتحليل الجغرافي والبيئي باستخدام التقنيات الحديثة.
ولفت إلى أن مشاريع التخرج لهذا العام تميزت بالتنوع والابتكار في تطبيق مبادئ إدارة الموارد المائية المتكاملة، حيث تناولت مواضيع حيوية مثل خطط سلامة المياه في السودان، وكفاءة معالجة مياه الصرف الصحي في الكويت، والتقييمات الاقتصادية للمستنقعات الصناعية في مصر، وإدارة محلول الأملاح في البحرين بشكل مستدام، وغيرها من المشاريع التي تمثل مساهمات عملية في مواجهة التحديات المائية في المنطقة.
ودعا الخريجين إلى تطبيق المعارف التي اكتسبوها في مشاريع عملية ومجتمعية، والمشاركة الفاعلة في شبكة معهد الأمم المتحدة، لتحقيق تأثير إيجابي مستدام في مجالات المياه والبيئة والصحة على المستويين الإقليمي والعالمي.
وفي سياق الحفل، أشار عميد كلية التربية والعلوم الإدارية والتقنية، أستاذ الموارد المائية بجامعة الخليج العربي ومنسق البرنامج، الدكتور وليد زباري، إلى أن الخريجين يمثلون اليوم سفراء البرنامج وحملة رؤيته في تبني النهج المتكامل لإدارة الموارد المائية، متمنيًا لهم التوفيق في مواجهة التحديات المائية في الوطن العربي بأساليب مبتكرة ومستدامة.
وأكد أن هذه الشهادة ليست نهاية، بل بداية لمسيرة جديدة من العطاء والمسؤولية تجاه مجتمعاتهم وأوطانهم، معربًا عن فخره بمخرجات البرنامج، وعن ثقته في قدرة الخريجين على الإسهام الفاعل في تعزيز الإدارة المستدامة للمياه في العالم العربي، ومواجهة التحديات المتزايدة في هذا القطاع الحيوي.
وختم كلمته بقوله: “المحافظة على الموارد المائية مسؤولية جماعية، تتطلب تضافر جهود الحكومات والمؤسسات الدولية والأفراد، عبر حزمة من الحلول والإجراءات مثل ترشيد الاستهلاك، وإعادة استخدام المياه المعالجة، وحماية الموارد من التلوث، والاستثمار في مشاريع التحلية، وتعزيز التعاون الإقليمي لتبادل الخبرات وتطوير تقنيات المياه.”
إلى ذلك، وصف عدد من الطلبة الخريجين، في كلمة ألقوها نيابةً عن الطلبة العرب، هذه الرحلة التعليمية بأنها كانت استثنائية، وقدمت لهم تجربة أكاديمية ومهنية ثرية، عايشوا خلالها قضايا ومواضيع هامة في الإدارة والاقتصاد والسياسة والبيئة، مثل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، والحوكمة الرشيدة للمياه، وكفاءة محطات التحلية، والتكيف مع آثار التغير المناخي، وحماية الموائل الطبيعية.
وأعربوا عن شكرهم العميق لجامعة الخليج العربي، ولمعهد الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة، وللأساتذة والجهات الداعمة، ومنها: الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ومكتب اليونسكو في القاهرة، ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والمجلس الأعلى للبيئة في البحرين، وغيرها من المؤسسات التي آمنت بأهمية بناء قدرات الشباب العربي.
وقالوا إن البرنامج شكّل محطة فارقة في تعزيز قدراتهم العلمية والعملية، حيث انتقل بهم من الإدارة القطاعية التقليدية إلى رؤية شمولية تقوم على التكامل بين عناصر المنظومة المائية.
وأضافوا أن البرنامج زوّدهم بمهارات تحليلية وتخطيطية تمكّنهم من التعامل مع تحديات إدارة المياه في بلدانهم من منظور متكامل، يعكس روح التعاون والمسؤولية المشتركة التي تقوم عليها رسالة المركز، وأكدوا أن البرنامج ساعدهم في رفع جهوزيتهم وقدراتهم كأفراد في مواجهة التحديات المعقدة التي تفرضها إدارة الموارد المائية في المنطقة العربية، كما أسهم في تعزيز القدرات المؤسسية للجهات المشاركة، من خلال تزويدها بكفاءات مدرّبة قادرة على إدخال مفاهيم الإدارة المتكاملة في السياسات والممارسات اليومية، مما يضاعف من أثره التنموي والإقليمي.