يواجه أهالي حي العرضي في مدينة دير الزور تحديات يومية على صعيد الخدمات تُعيق عودتهم إلى حياتهم الطبيعية، وتُجبر الكثيرين على البقاء بعيدًا عن منازلهم.
ويُعاني الحي من نقص حاد في الخدمات الأساسية، وخاصة الكهرباء والمياه، مما يجعله أشبه بمنطقة أشباح.
وتُشير تقارير منظمات دولية إلى أن نسبة الدمار في بعض أحياء دير الزور تجاوزت 80%.
بالمقابل، تحوّلت وعود المسؤولين والمنظمات الإنسانية إلى بصيص أمل سرعان ما ينطفئ، تاركًا السكان يشعرون بأنهم منسيون وسط معاناتهم اليومية.
مطالب لم تلق إجابة
يُجمع السكان على أن غياب الخدمات، وخاصة المياه والكهرباء، هو السبب الرئيسي الذي يُجبر غالبية العائلات على البقاء في منازل مستأجرة في أحياء أخرى، مثل الجورة والقصور والجبيلة والموظفين، مما يُحمّلهم أعباء مالية تصل إلى ملايين الليرات السورية شهريًا.
غسق المحمد، وهي من أهالي الحي، أوضحت ل أن غياب الخدمات، وخاصة الكهرباء والمياه، هو السبب الرئيسي الذي يُجبر غالبية السكان على البقاء في منازل مستأجرة خارج الحي.
وتصل بدلات الإيجار إلى نحو مليون ليرة سورية شهريًا، نحو 90 دولارًا، وقد تتجاوز ثلاثة ملايين في بعض الأحيان.
وأوضحت المحمد أن مطالب الأهالي لا تتجاوز أبسط الاحتياجات، قائلة إن “الحي مدمر، لكننا لا نطلب الكثير، فقط مياه وكهرباء”.
وأشارت إلى أن شكاوى السكان المتكررة لم تلقَ استجابة، وأن الوعود بتقديم الخدمات بقيت دون أي تنفيذ فعلي.
كما أن المطلب بمد خط مياه واحد لنصف الحي على الأقل لم يتحقق، ما يُجبر الأهالي، بما في ذلك الأطفال، على قطع مسافات طويلة بحثًا عن المياه.
من جانبه أشار محمد الفندي، أحد سكان العرضي، إلى أن الحي رغم موقعه الاستراتيجي في قلب المدينة لم يشهد أي تدخلات خدمية منذ عام 2018، بينما شهدت أحياء مجاورة مثل الحميدية والشيخ ياسين تحسينات ملموسة.
هذا التفاوت في الاهتمام يُثير استياء السكان ويُشعرهم بالإحباط، وفق الفندي.
كما أن آمال السكان التي كانت مُعلّقة على المنظمات الإنسانية تلاشت بسرعة، ويرى الفندي أن هذه المنظمات لم تقدم سوى “وعود فارغة”.
ونتيجة لذلك، يضطر السكان إلى دفع مبالغ مالية كبيرة من أموالهم الخاصة لإصلاح الأضرار وتوصيل الخدمات بأنفسهم، فقد تصل تكلفة توصيل خط كهرباء واحد إلى 500 ألف ليرة سورية، ما يجعل العودة مستحيلة على الغالبية.
تحديات أمنية وبيئية
لا تقتصر المشاكل في حي العرضي على غياب الخدمات فحسب، بل تمتد لتشمل تحديات أمنية وبيئية تُهدد سلامة السكان.
ليث الطارش، أحد سكان الحي، يُوضح أن الظروف الأمنية والبيئية غير مواتية للعيش، حيث تُشكّل السرقة تهديدًا مستمرًا، ولا يستطيع السكان ترك منازلهم للحظات خوفًا من التعرض للسرقة فقد حدثت عدة حالات منها سرقة دراجة نارية لأحد الجيران عند قدومه لمنزله ظهرًا، حيث خرج بعد ساعتين ولم يجد شيئًا.
وأشار إلى أن أهالي الحي لاتستطيعون السير فيه ليلًا بسبب وجود أشخاص يقومون بعمليات سلب للأهالي وكل ذلك يعود لغياب دوريات الأمن.
من جانب آخر، تحدث الطارش عن مشاكل بيئية، حيث الشوارع مغلقة بسبب الركام والأوساخ، مما يُعيق حركة السكان.
كما تُؤدي مشاكل الصرف الصحي إلى انتشار الأفاعي والعقارب والقوارض وهو ما يُشكّل خطرًا حقيقيًا على حياة الأهالي بحسب الطارش.
ومن وجهة نظره، فإن رفع الأنقاض وتنظيف الشوارع هو شرط أساسي لعودة السكان إلى الحي.
وتُجبر هذه الظروف المتردية بعض العائلات على المغادرة مجددًا إلى مناطق أخرى، أو تحمل ارتفاع تكاليف الإيجار في الأحياء المجاورة التي لم تتعرض لنفس مستوى الدمار.
منطقة غير مأهولة
في تعليق على وضع الحي، أفاد معاذ ملاحويش، مدير الشؤون الفنية في دير الزور، ل، أن المنطقة تُعتبر “غير مأهولة بالكامل”، مما يُبرّر عدم وجود تدخلات رسمية لإعادة تأهيل البنية التحتية.
وبحسب ملاحويش، فإن المنظمات الدولية هي المسؤولة عن فتح جميع الشوارع وترحيل الأنقاض في مثل هذه المناطق.
كما أوضح أن المنظمات لم تُقدّم أي تدخل لإعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي وخطوط المياه، وأن شركة الكهرباء لم تُعد توصيل التيار إلى شوارع الحي.
وأشار الحويش إلى أن التدخل الوحيد كان من منظمة “إدرا” التي عملت على إعادة تأهيل 10 شقق سكنية على مرحلتين، وهو ما اعتبره “جهدًا محدودًا” مقارنة بحجم الدمار والاحتياجات.
حملة “دير العز” تنطلق.. التبرعات تتجاوز 26 مليون دولار
مرتبط
المصدر: عنب بلدي