بدا النائبان البريطانيان عن حزب العمال سابقاً، جيريمي كوربن وزارا سلطانة، أنهما يشكلان الثنائي المثالي لليسار البريطاني بعد تأسيس “حزبك”، ومع انضمام أربعة نواب مستقلين آخرين إلى صفوفهما، تشكلت ملامح واعدة، سرعان ما تلاشت لاحقاً بسبب ما اعتُبر “عجزاً” عن التنظيم والانضباط، بحسب شبكة “سكاي نيوز” البريطانية. 

و”حزبك” هو حزب يساري بريطاني، أسسه النائبان السابقان عن حزب العمال جيرمي كوربين وزارا سلطانة في 24 يوليو 2025، إذ لأن الاسم الحالي للحزب مؤقت حتى يُعتمد اسم له في المؤتمر التأسيسي الذي سيقعد في خريف 2025.

وفي البداية، تبيّن أن فريق كوربن لم يكن على علم بالتوقيت الدقيق لإعلان سلطانة انسحابها من حزب العمال، ثم تفجّرت أزمة أكبر عندما أطلقت سلطانة حملة لضمّ أعضاء جدد للحزب دون الحصول على موافقة كاملة من الفريق القيادي. 

وكشف هذا الخلاف عن ثغرات عميقة في بنية الحزب الجديد، وأبعد الأنظار عن أهدافه الأساسية المتمثلة في طرح بديلٍ لحزب العمال بزعامة كير ستارمر وحزب “الإصلاح البريطاني” بقيادة نايجل فاراج. 

وزاد من حدة الجدل، وصف سلطانة للحزب بأنه “نادٍ ذكوري”، في إشارة إلى ما اعتبرته “تهميشاً لها” من قبل النواب الأربعة الرجال الذين يقفون خلف الكواليس. 

وهذا الأسبوع، حاول كوربن وسلطانة الظهور معاً للمرة الأولى منذ الخلاف، في تجمع جماهيري في ليفربول، تلاه ظهور آخر في مؤتمر The World Transformed، لكنّ كثيرين ممّن جاؤوا لمشاهدتهما لم يجدوا أداءهما مقنعاً.

ميول يسارية

وكان التجمع، الذي نظمه “حزبك” مساء الخميس، مزدحماً بالحضور، لكن أجواءه كانت باهتة، إذ حضر الناس مفعمين بالأمل، لكنهم أرادوا أن يحكموا بأنفسهم على مدى مصداقية المشروع الجديد، وعلى طبيعة المصالحة بين رمزي اليسار البريطاني. 

وفي ختام الأمسية، اختار المنظمون أغنية “Imagine” لجون لينون، لتكون ختاماً رمزياً، في إشارة بدت موفقة إلى أن على أنصاره التمسك بالحلم وانتظار تحقق الوعود حتى يتمكن الحزب من لمّ شتاته وترتيب صفوفه. 

وقال كوربن خلال التجمع: “كانت هناك أخطاء في توقيت الإعلانات، وسبّب هذا مشكلة، لكننا تجاوزنا ذلك الآن”، أما سلطانة فحاولت التخفيف من حدة الخلاف بتشبيهها العلاقة بينهما بـ”الأخوين ليام ونويل جالاجر”، قائلة: “لقد تصالحا ونجحا في جولتهما الموسيقية، ونحن نفعل الشيء نفسه”. 

لكنّ هذه التصريحات لم تُفسّر فعلياً ما الذي حدث، أو كيف تمّت المصالحة خلف الأبواب المغلقة، ما ترك كثيرين يشعرون بأن الضرر قد وقع بالفعل. 

ليلى، وهي شابة من مؤيدي اليسار، قالت إنها انضمت فوراً إلى الحزب عند رؤية رابط التسجيل، إذ كانت تنتظر تلك اللحظة منذ مغادرتها حزب العمال، لكنها أضافت أنها شعرت لاحقاً أن التجربة كانت “غير مهنية وغير صادقة وفوضوية”، وفقدت الثقة بمصير أموال الأعضاء، مؤكدة أنها تفكر الآن في الانضمام إلى حزب “الخضر”. 

وأشادت ليلى بزعيم الخضر، زاك بولانسكي، واصفة إياه بأنه “سياسي قوي يتمتع بكاريزما كبيرة”، إذ منذ توليه قيادة الحزب، شهد الخضر ارتفاعاً ملحوظاً في شعبيته، وأظهر استطلاع حديث تقدمه بأربع نقاط خلال أسبوع واحد عقب مؤتمرهم السنوي.

ويبدو أن أسلوب بولانسكي القائم على “الشعبوية البيئية” يلقى قبولاً متزايداً لدى ناخبي اليسار. ورفض بولانسكي رسمياً التعاون العلني مع “حزبك”، لكنه قال إن “الباب يبقى مفتوحاً أمام التعاون”، مشيراً إلى وجود أهداف مشتركة بين الجانبين. 

غير أن سلطانة صرّحت هذا الأسبوع بأن حزب “الخضر” لا يعرّف نفسه كحزب اشتراكي وأنه يدعم حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي وصفته بـ”آلة الحرب الإمبريالية”. 

وفي وقت قد لا تمثّل فيه التحالفات الخارجية المشكلة الكبرى حالياً، فإن الانقسامات الداخلية قد تبرز في وقت أقرب مما يتوقعون، فبعض الحضور في التجمع الأخير أبدوا مخاوف واضحة من مواقف بعض النواب المستقلين المشاركين في الحزب الجديد. 

وعندما سئل النائب أيوب خان، إن كان يعتبر نفسه يسارياً، أجاب بإجابة بدت غامضة في سياق جمهور يساري كهذا، قائلاً: “أنا أؤمن بالنضال من أجل المساواة والعدالة والإنصاف.. كل دائرة انتخابية لها أولوياتها، ويجب السماح للنواب بتمثيل مجتمعاتهم كما يرون”، مضيفاً أن ذلك قد يعني أحياناً “التصويت ضد فرض ضرائب على المدارس الخاصة، وضد تقنين الإجهاض”. 

شاركها.