إيمان عبد العزيز

في ظل التنافس الذي تشهده المحلات والمعارض بين المنتجات حديثة الصنع، إلا أن الحرف اليدوية التقليدية لا تزال صامدة إلى يومنا هذا، ذلك ما كشفته «مبادرة الخوص» التي أطلقها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، في معرضها المهتم بحرفة الخوص، والذي يسدل الستار عن صنيعة الإنسان الخليجي في زمن الماضي التليد وتبرهن فيه على أهمية حفظ التراث الثقافي الذي يجسد تاريخ وحضارة المجتمعات الخليجية معززة حفاظها على الهوية الوطنية، وإتاحتها الفرص للحرفيين لتقديم براعتهم وخبرتهم الإبداعية، لتكون مشاهد حية تنقل ثقافتها لأجيال اليوم.

ومع احتفاظها بخصوصيتها على مدار السنين، أصبحت الحرف اليدوية التقليدية في السعودية وأيضاً في كافة دول الخليج، من أبرز العناصر التي تمثل الهوية الوطنية، فمن خلالها تكتشف الدول الأخرى ما يميز الثقافة الخليجية، وما تضمه من مكونات تعبر عن خصوصية الذات الخليجية، ما جعلها تمتهن حرفاً توارثها الآباء عن الأجداد.

فإن لكل قطعة تعرض ضمن المنتجات للزوار لها عنوان وحكاية لأيادي كابدت مصاعب العيش في الماضي بكل ما تحمله من أسمى مراتب الصبر والإرادة على مواجهة الظروف العصيبة من الرجال والنساء على حد سواء، وتحملت عناء العمل اليدوي بكل ما يضمه من مكونات بسيطة من الموارد الطبيعية من دون تدخل أي آلة أو جهاز يخفف وطأة المشقة، لينتج منها أدوات يستخدمها في حياته اليومية، أو يبيعها لكسب رزقه.

وتتمثل تلك منتجات حرفة الخوص في كل من: «الجفير» و«المرحلة» و«السباق» و«الزبيل» وهم عبارة عن سلال مصنوعة من سعف النخيل بتعدد استخداماتها كحفظ الأطعمة أو لبيع السمك، أو تلك المستخدمة في تنظيف الأرز من الشوائب، وأيضاً بيع «المهفات» وكانت سيدة المستلزمات في فصل الصيف تستخدم لدفع الهواء تخفيفاً لحرارة الجو، و«الحصير» ذلك البساط الذي كان يجلس عليه في فناء البيت، وغيرها من المنتجات التي تدل على أهمية النخيل وارتباطها الوثيق بالحياة في البيت الخليجي.

إن «مبادرة الخوص» التي أطلقتها (إثراء) لم تكن سوى تكريم للحرفيين الذي أنتجوا إرثاً تقليدياً خدم الجيل الماضي في سد احتياجاته ويخدم الجيل الحالي في نشر ثقافته الهادفة إلى تعزيز الهوية الوطنية والشعور بالانتماء.إن تكثيف الجهود في تنظيم الفعاليات والبرامج الحاضنة للموروثات الشعبية وإطلاق حملات التوعية المجتمعية التي تركز على أهمية دعم الحرف التقليدية، لها دور بارز في صونها من الاندثار، وخصوصاً عند تطوير هذا القطاع باستخدام التكنولوجيا الحديثة للحفاظ على أصالتها، وبإضافة لمسات عصرية عليها تتلاءم مع هذا العصر وذائقة جيل اليوم.

شاركها.