شحنت الشركات الصينية بضائع إلى الخارج الشهر الماضي بوتيرة أكثر من المتوقع، في مؤشر للقدرة على  الصمود، الذي يمنح بكين قوة أكبر في الحرب التجارية الأخيرة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفق “بلومبرغ”.

وأبدت إدارة ترمب، الأحد، انفتاحها على إبرام صفقة مع الصين لتهدئة التوترات التجارية الجديدة، بينما حذرت أيضاً من أن ضوابط التصدير الأخيرة التي أعلنتها بكين كانت عائقاً رئيسياً أمام المحادثات.

تأتي هذه التحركات قبل اجتماع مرتقب بين ترمب ونظيره الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية، والذي قال الممثل التجاري الأميركي جاميسون جرير، إنه لا يزال من الممكن أن يحدث في وقت لاحق من هذا الشهر.

وأظهر استطلاع أجرته “بلومبرغ” لآراء خبراء اقتصاديين، ارتفاع الصادرات الصينية بنسبة 8.3% في سبتمبر مقارنة بالعام السابق؛ متجاوزةً بذلك متوسط التوقعات بنسبة 6.6%. كان هذا أسرع مما كان عليه في أغسطس، ويظهر أنه لا يوجد تباطؤ حتى الآن في التدفق القياسي للسلع التي تغادر موانئ الصين.

كما زادت الواردات بنسبة 7.4%، أي أكثر بكثير من التوقعات، ما ترك فائضاً قدره 90.5 مليار دولار.

وأشارت “بلومبرغ” إلى أن قوة الطلب من أسواق أخرى غير الولايات المتحدة، تعني أن الشركات الصينية يجب أن تكون أقل تأثراً بالزيادة الإضافية في الرسوم الجمركية التي هدد بها ترمب.

كما توفر المبيعات المرتفعة في الخارج، دفعة للاقتصاد المحلي، الذي يعاني من الانكماش، ولا يزال يواجه صعوبات لعكس مسار التراجع في الطلب على المساكن، والأسعار.

ومن المقرر أن تعلن الصين عن بيانات الربع الثالث للنشاط الاقتصادي في 20 أكتوبر الجاري، إذ يتوقع معظم المحللين تباطؤاً عن النصف الأول من العام. 

مع ذلك، فإن الأداء القوي خلال الربعين الأول والثاني من العام يضمن وصول الصين إلى النمو الرسمي المستهدف البالغ نحو 5%.

الصين ترجئ التواصل مع واشنطن

وقال الممثل التجاري الأميركي جاميسون جرير، الأحد، إن واشنطن طالبت الصين بإجراء اتصال هاتفي بعد إعلان بكين التوسع في قائمة قيود تصدير المعادن الاستراتيجية، لكن الأخيرة أرجأت الاتصال، واتهمت واشنطن بما وصفته بـ”ازدواج المعايير”.

وأضاف جرير لشبكة FOX News: “يمكنني إخباركم بأننا لم نُخطر.. وسرعان ما علمنا بذلك من مصادر عامة وتواصلنا مع الصينيين لإجراء اتصال هاتفي، لكنهم أرجأوا ذلك”.

وأعرب جرير، عن اعتقاده بأن الأسواق ستهدأ بعد أيام مع استقرار الأمور، متوقعاً أن يعقد الاجتماع بين الرئيسين الأميركي والصيني على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي في كوريا الجنوبية، في وقت لاحق الشهر الجاري.

وحث نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس بكين، الأحد، على “اختيار مسار العقل” في أحدث جولة من التصعيد التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، مؤكداً أن الرئيس دونالد ترمب يمتلك أوراق ضغط أكبر في حال استمرار النزاع.

وفي وقت لاحق، نشر ترمب بياناً ألمح فيه إلى احتمال وجود مَخرج لنظيره الصيني شي جين بينج، مصحوباً بما وصفته “بلومبرغ” بأنه “تهديد مبطن” بأن حرباً تجارية شاملة قد تلحق ضرراً كبيراً بالصين.

وقال ترمب في منشور على منصته للتواصل “تروث سوشيال”: “لا تقلقوا بشأن الصين، فكل شيء سيكون على ما يرام! الرئيس شي، الذي يحظى باحترام كبير، مرّ بلحظة صعبة.. هو لا يريد الكساد لبلاده، وأنا كذلك.. الولايات المتحدة ترغب في مساعدة الصين، وليس الإضرار بها”.

وكانت وزارة التجارة الصينية دعت في بيان، الأحد، الولايات المتحدة إلى التوقف عن تهديدها برفع الرسوم الجمركية، مشددة على ضرورة مواصلة المفاوضات لحل القضايا التجارية العالقة.

مرحلة مضطربة

وقال المحللان الاقتصاديان في “بلومبرغ إيكونوميكس” تشانج شو وديفيد كو، إن “المحادثات التجارية تدخل مرحلة جديدة مضطربة. الطريق إلى أي اتفاق أصبح الآن طويلاً وضيقاً”. 

وأضافا: “الولايات المتحدة يمكنها الآن التركيز أكثر على الصين، بعد أن توصلت إلى صفقات تجارية مع اقتصادات كبرى أخرى. كلا الجانبين مسلحان للتصعيد”.

والأسبوع الماضي اشتعلت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بعد أن وسعت بكين قيودها على صادراتها من المواد الأرضية النادرة، ما دفع الرئيس ترمب للرد، الجمعة، بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على صادرات الصين المتجهة إلى الولايات المتحدة، إلى جانب فرض ضوابط جديدة على تصدير “جميع البرمجيات المهمة” بحلول نوفمبر.

وتُشير تقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”، إلى أن زيادة الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة 100% سترفع المعدلات الفعلية على السلع الصينية إلى نحو 140%،  وهو مستوى من شأنه أن يوقف التجارة. 

وفي حين أن المعدل الحالي أعلى من المعدل العالمي بـ25 نقطة مئوية من المعدل العالمي، إلا أن هيمنة الصين على التصنيع قد حافظت على تدفق صادراتها.

وقال خبراء اقتصاد في بنك “مورجان ستانلي” بقيادة كبير محللي الاقتصاد الصيني روبن شينج في تقرير قبل صدور البيانات: “التصعيد الدائم قد يطيل أمد الانكماش في الصين، وهذا من المحتمل أن يؤدي إلى مزيد من جهود إعادة التوازن في السياسة”. 

وأضاف الخبراء “في حالة القيود الصارمة التي فرضتها الصين على المعادن الأرضية النادرة ورفع الولايات المتحدة للتعريفة الجمركية الدائمة بنسبة 100%، يمكن أن يتباطأ نمو الصادرات الصينية بسرعة من خلال صدمة التعريفة المباشرة، وتعطيل سلسلة التوريد العالمية”.

شاركها.