تختبر شركة مايكروسوفت ميزة جديدة في خدمتها السحابية OneDrive  تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتعرف على الوجوه في الصور وتجميعها تلقائيًا حسب الأشخاص، في خطوة تهدف إلى تحسين قدرات التنظيم والبحث داخل التطبيق، لكنها أثارت في المقابل نقاشًا واسعًا بشأن خصوصية المستخدمين.

وأفادت صفحة الدعم الفني للشركة، في بيان، بأن الميزة الجديدة ستتيح للمستخدمين تصفح الصور وفقًا لهويات الأشخاص الظاهرين فيها، من خلال قسم جديد باسم “الأشخاص” (People)، يمكن فيه تسمية الأفراد لتسهيل عملية البحث لاحقًا.

وأشارت مايكروسوفت إلى أن الخاصية لا تزال في طور الاختبار وستتوفر قريبًا لجميع المستخدمين، موضحة أنه متاحة حاليًا لعدد محدود ضمن مرحلة تجريبية مخصصة لجمع الملاحظات وتحسين الأداء قبل الإطلاق الرسمي.

وتعمل ميزة «تجميع الوجوه» باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تميز ملامح الوجه عن غيرها من العناصر في الصور، وتربط الصور المتشابهة ببعضها لتصنيفها ضمن مجموعات واحدة. 

وأوضحت الشركة أن دقة التصنيف تعتمد على جودة الصور، وأن النتائج ربما لا تكون صحيحة بالكامل في جميع الحالات، لافتة إلى أن المستخدم يستطيع إيقاف الميزة في أي وقت من الإعدادات، وأن جميع بيانات التعرف على الوجوه تُحذف نهائيًا خلال 30 يومًا من تعطيلها. 

وأكدت أن البيانات الناتجة عن هذه الميزة لا تُستخدم لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي العامة، وإنما تبقى مخصصة لحساب المستخدم فقط.

قيود مثيرة للجدل

لكن ظهور قيود غير معتادة أثناء التجربة أثار تساؤلات عدة بين المستخدمين، إذ أشار بعضهم إلى أن OneDrive يسمح بإيقاف الخاصية 3 مرات فقط في السنة، كما أن خيار التعطيل لا يعمل أحيانًا ويعود تلقائيًا إلى الوضع النشط مع رسالة تفيد بوجود خطأ في التحديث. 

ونقل موقع Slashdot عن أحد المستخدمين قوله إنه حاول إيقاف الميزة فلم يتمكن، بينما اكتفت مايكروسوفت بالرد بأنها تواصل اختبار الخاصية ضمن نطاق محدود لتطويرها وتحسينها.

ومايكروسوفت ليست أول شركة تقدم ميزة التعرف على الوجوه في الصور، إذ سبقتها شركات أخرى مثل جوجل وأبل، إذ أطلقت الأولى تقنية Google Photos عام 2015، والتي تصنف الصور تلقائيًا بحسب الأشخاص والأماكن والأشياء، وتخزن البيانات سحابيًا لتسهيل البحث والتنظيم. 

أما خدمة Apple Photos فتتبنى نهجًا أكثر تحفظًا في الخصوصية، إذ تجري عمليات تحليل الوجوه على الجهاز نفسه دون إرسال أي بيانات إلى خوادم الشركة، وتخزن نتائج التحليل في قاعدة بيانات محلية مشفرة، ما يجعلها أكثر توافقًا مع متطلبات حماية الخصوصية.

وأشار خبراء تقنية إلى أن النموذج الذي تتبعه أبل يحقق توازنًا أفضل بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وحماية بيانات المستخدمين الشخصية، بخلاف النماذج التي تعتمد على المعالجة السحابية الكاملة كما في حالة OneDrive أو Google Photos.

صعوبة تعطيل الميزة

ورغم تأكيد مايكروسوفت أن الميزة الجديدة تتوافق مع معايير اللائحة العامة لحماية البيانات الأوروبية (GDPR)، فإن خبراء الخصوصية أبدوا تحفظاتهم على طريقة طرحها، خاصة أنها تعتمد على نظام الاشتراك التلقائي (Opt-out) بدلاً من الاشتراك المسبق (Opt-in).

وقال مسؤول في مؤسسة الحدود الإلكترونية (EFF) ثورين كلوسوفسكي، إن المزايا التي تتعامل مع البيانات الحساسة يجب أن تكون اختيارية بالكامل، وعلى الشركات تقديم وثائق واضحة تشرح المخاطر والفوائد ليقرر المستخدم بنفسه ما إذا كان يريد تفعيلها.

وبينما تسعى مايكروسوفت من خلال هذه الميزة إلى تعزيز تجربة تنظيم الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي، تواجه الشركة انتقادات متزايدة تتعلق بالشفافية والخصوصية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من توسع استخدام البيانات الشخصية في الخدمات السحابية.

 ويظل السؤال المطروح هو ما إذا كانت مايكروسوفت ستتجه نحو معالجة البيانات على الأجهزة كما تفعل أبل لحماية الخصوصية، أم ستواصل الاعتماد على النموذج السحابي الذي يثير كثيرًا من الجدل بين المستخدمين وخبراء الأمن الرقمي.

شاركها.