هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على إسبانيا، بسبب تراخيها في الإنفاق الدفاعي، واصفاً رفض مدريد الالتزام بمعيار حلف شمال الأطلسي “الناتو” بأنه “إهانة لا تُصدق”، حسبما أفادت به مجلة “بوليتيكو”.

وقال ترمب في تصريحات صحافية من البيت الأبيض، الثلاثاء: “أنا مستاء للغاية من إسبانيا. إنها الدولة الوحيدة التي لم ترفع حصتها إلى 5%. جميع الدول الأخرى في الناتو رفعت حصتها إلى 5%. أعتقد أن ما فعلته مدريد أمرٌ سيئٌ للغاية بالنسبة لحلف الناتو”.

وأضاف أنه “يفكر في فرض عقوبات تجارية على إسبانيا من خلال الرسوم الجمركية بسبب ما فعلته”، في أكثر تصريحاته انتقاداً لهذا الموضوع حتى الآن، مشيراً إلى أن مدريد تستفيد من ضمانات أمنية جوهرية، نظراً لموقعها الجغرافي في جنوب أوروبا، قائلاً إنها “تحصل على الحماية لمجرد موقعها”.

ومنذ ولايته الأولى، عبر الرئيس الأميركي عن غضبه من دول “الناتو” التي يرى أنها تُنفق أقل من اللازم على الدفاع، وطالب أعضاء الحلف بزيادة استثماراتهم العسكرية، حتى أن ترمب أثار هذه المسألة في حفل توقيع وقف إطلاق النار بقطاع غزة في شرم الشيخ المصرية، الاثنين، وخلال مخاطبته لقادة العالم، سأل عما إذا كان قادة “الناتو” الحاضرون يعملون مع رئيس الوزراء الإسباني فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، انتقد ترمب مدريد عدة مرات بسبب انخفاض الإنفاق الدفاعي، في ظل سعي واشنطن لتقليل اعتماد الأوروبيين على القوة العسكرية الأميركية.

وتتمتع مدريد بأقل إنفاق عسكري بين دول “الناتو” إذ خصصت 1.3% فقط من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع في عام 2024، ومع ذلك، وخلافاً لما يدّعيه الرئيس الأميركي، فإن عدداً قليلاً فقط من حلفاء الأطلسي مثل بولندا، يُنفق حالياً 5% من ناتجه المحلي الإجمالي على الدفاع، وبموجب تعهد التحالف، لديهم مهلة حتى عام 2035 للوصول إلى هذا الهدف.

“علاقات إيجابية” رغم التناقض

وأثار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز حفيظة دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وخاصة تلك المجاورة لروسيا وأوكرانيا، عندما قال في وقت سابق من هذا العام إن موسكو “لا تشكل تهديداً أمنياً مباشراً لبلاده”.

ولكن خلال مقابلة أجريت معه في إسبانيا على إذاعة “كادينا سير”، الثلاثاء، دافع سانشيز عن سياسات مدريد في الإنفاق الدفاعي.

وقال: “نحن ملتزمون بالدفاع وأمن حلف الناتو، وفي الوقت نفسه، ملتزمون بالقدر نفسه بالدفاع عن دولة الرفاه لدينا”، مضيفاً أن إسبانيا تبذل بالفعل “ما يكفي وأكثر” من خلال تخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري.

وأقرّ سانشيز بأن واشنطن ومدريد لا تتفقان في الرأي بشأن هذه القضية، لكنه أكد أن تفاعلاته مع ترمب لا تزال “ودية للغاية”، قائلاً في هذا الصدد: “بغض النظر عما قد يكون التناقض الواضح في العديد من السياسات، أعتقد أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسبانيا إيجابية للغاية وعميقة للغاية”.

والأسبوع الماضي، وصف ترمب إسبانيا بأنها “متقاعسة” وألمح إلى إمكانية طردها من “الناتو”، وهو أمر مستحيل تقنياً لعدم وجود آلية لطرد دولة من التحالف العسكري عبر الأطلسي. وقال للرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب: “ربما يجب عليكم طردهم من الناتو، بصراحة. أعتقد أنكم ستضطرون إلى البدء في التحدث مع إسبانيا”.

وفي قمة “الناتو” التي عقدت بلاهاي خلال يونيو الماضي، اتفق الحلفاء على تهدئة ترمب من خلال تحديد هدف جديد للإنفاق الدفاعي بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي 3.5% على الإنفاق العسكري الأساسي و1.5% في المجالات المرتبطة بالدفاع مثل القدرة على التنقل العسكري.

لكن سانشيز طلب استثناءً، مُجادلاً بأن مدريد لا تحتاج إلى إنفاق مبالغ طائلة للوفاء بالواجبات التي يفرضها حلف “الناتو”، وفي ذلك الوقت، هدد ترمب بإجبار إسبانيا على دفع “ضعف” الرسوم الجمركية.

وكان سانشيز تعهد في أبريل الماضي بزيادة الإنفاق الدفاعي الإسباني إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2025، لتحقيق هدف سابق لحلف الناتو، وذلك تحت ضغط من بروكسل وواشنطن، إلا أن هذا لا يزال أقل بكثير من مطلب ترمب الأخير البالغ 5%.

شاركها.