في البداية، وجّه صلاح السكري التحية والتقدير لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدعمه الدائم لكل مقومات الاستثمار والمستثمرين ورجال الأعمال والصناعة الوطنية، ولتأكيده على ضرورة منح القطاع الخاص الدور المحوري الرئيسي في دفع عجلة الاقتصاد وزيادة الصادرات، مشيرًا إلى أن حجم القطاع الخاص في مصر يصل إلى نحو 75% من الاقتصاد.
وقال السكري إن هذا جاء في إطار توجيهات الرئيس السيسي، وفي الاهتمام الذي توليه الدولة بهذا القطاع الحيوي للنهوض بالصناعة المصرية، وتعزيز تنافسيتها وزيادة الصادرات للخارج.
كما تحدّث السكري عن جهود وزير الصناعة الفريق كامل الوزير في دراسة المشكلات والتحديات التي تواجه المصانع المتعثرة، وإيجاد حلول غير تقليدية لتقديم العون والمساعدة لتشغيل تلك المصانع، حفاظًا على ما تم ضخه بها من استثمارات، وحماية شاملة لحقوق العمال، وذلك من منطلق تنفيذ توجيهات القيادة السياسية.
وأضاف صلاح السكري أنه على الرغم من توصيات القيادة السياسية وسعي الحكومة، ممثلة في وزارة الصناعة، للعمل على دعم الصناعة وتشجيع وزيادة حجم الاستثمارات وزيادة المنتج المحلي ودعم الاقتصاد الوطني.
إلا أن هناك أمر نرفعه للعرض علي سيادته بسبب وجود بعض الإجراءات من بعض الجهات على بعض المصانع والشركات العاملة في صناعة إعادة تدوير الزيوت المعدنية.
وتكمن هذه الإجراءات أن بعض الموظفين، لديهم خلط بين طبيعة عمل مصانع إعادة تدوير الزيوت المعدنية ومثيلاتها من مصانع تدوير زيوت الطعام المخالفة والضارة بحياة الإنسان.
كما تلاحظ أيضًا أن هذا الخلط منتشر بشكل كبير، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يوجب على المتخصصين في هذه الصناعة توضيح الأمور لمجابهة الشائعات التي قد تعوق عملية الاستثمار في هذا القطاع الهام، وبذلك تحدّث بتوضيح أكثر عن إعادة تدوير الزيوت المعدنية في مصر.
وهنا صرّح الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المهندس صلاح السكري بأن إعادة تدوير الزيوت المعدنية المستعملة ضرورة بيئية ومورد اقتصادي مهم، حيث تحقق منافع مزدوجة تتمثل في الحفاظ على البيئة ودعم الاقتصاد الوطني، وذلك بعد أن تقوم تلك المصانع بأخذ التصاريح اللازمة من الجهات المختصة وفق ما نصت عليه المادتين: (٢٩،٣١) من قانون البيئة.
ويري “السكري”… بأنه يرجع ذلك إلى الأهمية البيئية لتدوير الزيوت المعدنية المستعملة (مثل زيوت المحركات والتشحيم)، فهي من المخلفات الخطرة التي تحتوي على مواد سامة ومعادن ثقيلة، ولذلك فإن تدويرها يُعد أفضل طريقة للتخلص الآمن منها وحماية البيئة.
بالإضافة إلى منع تلوث المياه والتربة، حيث يُعدّ إلقاء غالون واحد من الزيوت المستهلكة قادرًا على تلويث ملايين الجالونات من المياه الجوفية والسطحية. فالتدوير يمنع تسرب هذه الزيوت إلى التربة والمياه، مما يحمي الكائنات الحية والنظام البيئي.
كما أن استخدام الزيت المستهلك مباشرة كوقود دون معالجة يؤدي إلى تلوث الهواء نتيجة احتراقه واحتوائه على ملوثات سامة ومركبات معدنية ثقيلة، ولكن التدوير الصحيح يهدف إلى إعادة تكرير الزيت لإنتاج “زيت قاعدة” نظيف، أو استخدامه كوقود بديل في مصانع مزودة بأجهزة تنقية الهواء خاصة، مما يقلل من الانبعاثات الضارة.
وهذا بخلاف أن إعادة تدوير الزيوت المستعملة لإنتاج زيوت أساسية جديدة يقلل الاعتماد على استخراج كميات إضافية من النفط الخام (المادة الأولية للزيوت المعدنية)، مما يحافظ على الموارد الطبيعية.
أما فيما يتعلق بأهمية تدوير الزيوت المعدنية من حيث العائد الاقتصادي ودعم الاقتصاد الوطني، فأفاد صلاح السكري، الخبير الاقتصادي، بأن عملية تدوير الزيوت المعدنية تُعد مشروعًا اقتصاديًا ناجحًا وموردًا مهمًا يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، حيث إنها تعمل على خفض التكاليف؛ إذ إن تكلفة إنتاج الزيوت المكررة والمعاد تدويرها أقل بكثير من تكلفة إنتاج الزيوت الجديدة من النفط الخام، مما يقلل نفقات الإنتاج على المصانع والشركات.
وأفاد أيضًا أن هذه الصناعة تساهم في توفير الطاقة، فعملية إعادة تكرير الزيت المستعمل تحتاج إلى طاقة أقل مما هو مطلوب لتكرير النفط الخام وإنتاج زيت أساسي جديد.
كما أن قطاع إعادة التدوير يخلق فرص عمل جديدة في مجالات الجمع والنقل والمعالجة والتكرير، ويفتح مجالات جديدة للاستثمار في الصناعات المرتبطة بالمنتجات النهائية للتدوير.
حيث يمكن استخدام الزيوت المعاد تدويرها في إنتاج منتجات ذات قيمة اقتصادية عالية مثل:
إنتاج زيوت محركات وتشحيم جديدة بجودة عالية، واستخدامها كوقود بديل في مصانع الأسمنت والحديد، وفي التدفئة وتشغيل محركات الديزل (مع الالتزام بالمعايير البيئية لتقليل التلوث)، وفي بعض التطبيقات الصناعية الأخرى، وفي صناعة الأسفلت.
وأشار السكري أيضًا أنه يعلم بوجود العديد من الدول التي تعمل على تطوير هذه الصناعة والاستفادة منها، مثل دول الاتحاد الأوروبي التي تعتبر من الرواد في هذا المجال، حيث أصدرت تشريعات صارمة تُلزم بجمع وإعادة تدوير زيوت المحركات المستهلكة، وتُحرم هذه التشريعات إلقاء الزيوت المستعملة في البيئة، وتفرض على الجهات المنتجة (مثل ورش صيانة السيارات والمصانع) تسليمها لمراكز معالجة معتمدة.
وتتميز الدول الأوروبية بارتفاع معدلات التجميع والتكرير، حيث يتم استخدام الزيوت المكررة لإنتاج زيوت أساسية جديدة عالية الجودة.
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية،
فتقوم الحكومة الأمريكية، وخاصة وكالة حماية البيئة، بفرض لوائح صارمة على التخلص من الزيوت المستعملة، وتشجّع بقوة على إعادة تدويرها.
وتأتي الدول الآسيوية، التي تولي اهتمامًا متزايدًا لتدوير الزيوت المعدنية، خاصة مع تزايد النشاط الصناعي وعدد السيارات مثل (الصين واليابان)،
بالإضافة إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أدركت العديد من الدول العربية أهمية هذا القطاع وبدأت في تطوير بنيتها التحتية وتطبيق التشريعات.
ونلاحظ أن المملكة العربية السعودية تشهد مبادرات حكومية وخاصة لتنظيم عملية إدارة النفايات الصناعية، بما في ذلك زيوت التشحيم، ضمن رؤى التنمية المستدامة.
كما تعتبر تونس الخضراء من الدول السباقة في هذه الصناعة المتخصصة في إعادة تدوير الزيوت المعدنية، حيث شرّفتُ بزيارة مجموعة مصانع “سوتيولوب” (Sotulub) لخدمة التنمية المستدامة بجمهورية تونس الشقيقة، وهي أول شركة في إفريقيا متخصصة في جمع وتجديد الزيوت، إذ تمتلك أكثر من ثلاثين عامًا من الخبرة في أعمال التنمية المستدامة.
وأشار أيضًا إلى أن الاتجاه نحو تدوير الزيوت المعدنية هو اتجاه عالمي مدعوم بالتشريعات البيئية الحديثة والحاجة الاقتصادية لتوفير الموارد وتقليل الاعتماد على النفط الخام.
وفي النهاية، اختتم الخبير الاقتصادي صلاح السكري تصريحاته بأنه منزعج جدا من مثل هذه الأمور التي قد تعوق استثمارات ضخمة تصب جميعها في دعم الاقتصاد والحفاظ على البيئة، ووجّه سيادته نداءً لكل المسؤولين معالجة مثل هذه الأمور.