تمكنت الجهات الحكومية الصينية بشكل “منهجي وناجح” من اختراق أنظمة الحواسيب السرية في الحكومة البريطانية لأكثر من عقد، حسبما نقلت “بلومبرغ” عن مسؤولين بريطانيين سابقين ومسؤولون حكوميين مطلعين على المسألة.
وقال المسؤولون إن الصين كانت تصل إلى معلومات مصنفة بمستوى منخفض ومتوسط على خوادم الحكومة البريطانية، خلال السنوات العشر الماضية على الأقل، بما في ذلك المعلومات المميزة بـ”رسمية، حساسة، وسرية”، إضافة إلى بعض المواد على شبكات تكنولوجيا المعلومات الآمنة للحكومة.
وتضمنت البيانات التي تم الوصول إليها وثائق سرية تتعلق بصياغة السياسات الحكومية، والاتصالات الخاصة، وبعض البرقيات الدبلوماسية، ووُصف الجهد الصيني للوصول إلى أنظمة الحكومة البريطانية بأنه “لا ينتهي أبداً”.
وأكد هؤلاء المسؤولون أن المعلومات و البيانات الاستخباراتية المصنفة كأعلى سرية لم تتعرض للاختراق وأنها محفوظة بأمان.
واشتمل أحد الاختراقات على مركز بيانات في لندن كان يُستخدم لتخزين بعض المعلومات الحكومية الحساسة، وتم بيعه لكيان مرتبط بالصين خلال فترة حكومة المحافظين، ما أثار مخاوف أمنية كبيرة، وفقاً لأحد المصادر.
وأضاف المسؤولون أن الوزراء في الحكومة حينها اقترحوا خطة قصيرة لتدمير مركز البيانات قبل أن يتم تأمينه بطريقة مختلفة.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن المعلومات “الأكثر حساسية” وأنظمة تخزينها لم تتعرض للاختراق.
بدوره قال كيران مارتن، الرئيس السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني لـ”بلومبرغ”: “لطالما كانت الصين، وما زالت، تهديداً كبيراً للأمن السيبراني في بريطانيا ولمصالحها”.
وأضاف أن “الجهات الحكومية الصينية تستهدف الشبكات الحكومية والتجارية وغيرها من الشبكات البريطانية لأغراض التجسس”. ومع ذلك، أكد مارتن أن الصين لم تتمكن من الوصول إلى أنظمة تحتوي على “أسرار الدولة عالية التصنيف”.
تدقيق جديد للأنشطة الاستخباراتية الصينية
قال نائب مستشار الأمن القومي البريطاني، ماثيو كولينز، إن العمليات الاستخباراتية الصينية “تهدد الازدهار الاقتصادي لبريطانيا ومرونتها وسلامة مؤسساتها الديمقراطية”، واصفاً الصين بأنها “أكبر تهديد دولة قائم على الأمن الاقتصادي للمملكة المتحدة”.
وشدد المسؤولون المطلعون لـ”بلومبرغ” على أن محاولات الصين لاختراق أنظمة الحكومة البريطانية على مدار العقد الماضي، أظهرت أن بكين تشكل تهديداً كبيراً للأمن القومي، مؤكدين أن المعلومات الحساسة لم تتعرض للاختراق.
ويُصنف النظام الرسمي للمملكة المتحدة الوثائق الحكومية إلى 3 مستويات: رسمية، وتشمل العمليات والخدمات الروتينية، والتي قد تسبب ضرراً إذا فقدت أو سُرقت أو نشرت، لكنها ليست تحت تهديد مرتفع. وسرية، قد يؤدي اختراقها إلى أضرار جسيمة في القدرات العسكرية أو العلاقات الدولية أو التحقيق في الجريمة المنظمة الخطيرة، وبعض هذه المعلومات تم الوصول إليها من قبل الصين.
ثم وثائق أعلى سرية Top Secret وهي الأكثر حساسية، تحتاج إلى أعلى مستويات الحماية، حيث قد يؤدي الاختراق إلى خسائر بشرية واسعة أو تهديد الأمن الاقتصادي للبلاد، وهذه المعلومات لم تتعرض للاختراق.
وتعرض رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لانتقادات من سياسيين معارضين بسبب سعيه لتطبيع العلاقات مع بكين، رغم تكرر الاتهامات لبكين بمحاولات التجسس والهجمات السيبرانية ودعمها لروسيا في حرب أوكرانيا.
ويواجه رئيس الوزراء البريطاني أيضاً ضغوطاً من أعضاء حكومته بعدم الموافقة على طلب الصين إنشاء “سفارة ضخمة جديدة” في لندن، فيما يقوم كبار مسؤولي الخارجية البريطانية بزيارة بكين لدفع المسؤولين هناك للسماح ببناء وتجديد سفارة بريطانيا في الصين.