اخبار عمان كريم الدسوقي

في زاوية هادئة من مدينة ناجويا اليابانية، كان تاكويا هيجاشيموتو، يقضم قطعة “أونجو بينتو” فاخرة دون أن يدفع ينًا واحدًا فيها؛ إذ لم يكن مجرد زبون عادي؛ بل كان أذكى محتال طعام في التاريخ الحديث.

فخلال عامين كاملين، لم يشتر هيجاشيموتو وجبة واحدة، بل أكل 1095 وجبة مجانية، مُخادعًا عمالقة تطبيقات التوصيل بحيلة بسيطة لكنها شيطانية.

كان هيجاشيموتو يستيقظ كل صباح وكأنه يتجه لعمل حقيقي، لكن مكتبه كان هاتفه المحمول، ومهنته كانت الاحتيال المنهجي. يختار أطباقًا باهظة الثمن، مثل “أونجو بينتو” بـ3000 ين، أو شرائح لحم فاخرة، أو آيس كريم مستورد، ويأكل كل شيء بنَهَمٍ، ثم يتحول إلى ممثل بارع يدعي أن الطعام لم يصل إليه أبدًا.

منصة “ديمايكان” للتوصيل كانت ترد إليه أمواله فورًا دون أسئلة، بحسب تقرير نشرته شبكة GDN، وهو ما طرح سؤالًا جوهريًا: كيف استطاع خداع المنصة كل هذا العدد من الطلبات؟

الخدعة الحقيقية كانت في التخفِّي، فقد أنشأ هيجاشيموتو إمبراطورية من 124 حسابًا وهميًا، كل حساب بشخصية مختلفة وعنوان مزيف ورقم هاتف جديد، وكان يشتري بطاقة SIM مدفوعة مُسبقًا، ويخترع اسمًا يابانيًا عشوائيًا، ويُسجِّل عنوانًا خياليًا، ثم يطلب وليمة فاخرة، يلتهمها، ثم يمحو الحساب وكأنه لم يوجد قط.

كان المحتال الياباني مثل “شبح رقمي” يظهر ليأكل ويختفي، لكنه ارتكب خطأً قاتلًا في 30 يوليو الماضي، ربما بدافع من الجشع، وربما نتيجة إهماله بعد نجاحات متتالية.

طلب هيجاشيموتو وليمة بقيمة 16 ألف ين من آيس كريم فاخر وصناديق بينتو وشرائح دجاج مشوية، والتَهَمَ كل شيء بنهمه المعتاد، ثم ادعى كالعادة عدم وصول الطلب، لكن في هذه المرة كانت خوارزميات المنصة تراقب، خاصة بعدما تراكمت الشكاوى المشبوهة من نفس المنطقة، ورسمت الأرقام خريطة تؤدي مباشرة إلى باب منزله.

عندما طرق المحققون بابه، انهارت إمبراطورية الخداع، واعترف هيجاشيموتو بكل شيء قائلًا بصراحة مدهشة: “في البداية، أردت فقط تجربة هذه الحيلة. لم أستطع التوقف بعد أن تذوقت ثمار احتيالي”.

كانت النتيجة النهائية: 3.7 مليون ين (24 ألف دولار) خسائر للشركات، وعامان من الأكل المجاني انتهيا بتهم الاحتيال المُمنهج.

قصة هيجاشيموتو تبقى شاهدًا على أن العصر الرقمي خلق فرصًا جديدة للإبداع، حتى لو كان إجراميًا، فوراء كل تقنية مصممة لتسهيل حياتنا يمكن أن يختبئ عقل مُبدع يُفكِّر في كيفية استغلالها بطرق لم يتخيلها مطوروها.

شاركها.