أعاد الإغلاق الحكومي الذي دخل أسبوعه الثالث في الولايات المتحدة، إحياء مساعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لتحقيق هدفها بإغلاق وزارة التعليم، وهو مطلب طالما نادت به التيارات المحافظة منذ سنوات، لكن الأغلبية الجمهورية في الكونجرس لم تنجح حتى الآن في تنفيذه، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”.

وكانت الوزارة قلصت، في وقت سابق من هذا العام، عدد موظفيها إلى النصف، إلا أنها تسعى الآن، تحت ذريعة الإغلاق الحكومي، إلى تسريح 465 موظفاً إضافياً، ما يمثل تقليصاً واسع النطاق في عدد من مكاتبها، وفق الصحيفة.

وأفادت تقارير بأن بعض أقسام الوزارة باتت شبه خالية من الموظفين، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن قدرتها على الاستمرار في أداء مهامها الأساسية.

وعلّق قاضٍ فيدرالي، الأربعاء، تنفيذ قرارات التسريح مؤقتاً، غير أن هذه الخطوات تندرج ضمن سلسلة من الإجراءات التي أدّت إلى تقليص تدريجي لدور وزارة التعليم.

وتم هذا العام إلغاء عدد من برامج المنح أو تأجيلها أو تعطيلها، وأُلغيت عقود حكومية، وبدأت الوزارة فعلياً بنقل بعض مهامها إلى مؤسسات فيدرالية أخرى، في خطوات اعتبرت أنها تمهيد لنقل المزيد من اختصاصاتها لاحقاً.

وكان ترمب قد تعهد في وقت سابق بإغلاق وزارة التعليم بالكامل، رغم إقرار كبار المسؤولين، وعلى رأسهم وزيرة التعليم ليندا ماكماهون، بأن تنفيذ مثل هذا الإجراء يتطلب تشريعاً من الكونجرس.

وحتى الآن، لم يُقدم المشرعون على اتخاذ خطوات ملموسة بهذا الاتجاه، لا سيما وأن تمرير أي قانون بهذا الشأن يحتاج إلى دعم ديمقراطي للوصول إلى العتبة القانونية البالغة 60 صوتاً في مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو.

تزايد الضغوط

وفي أعقاب التخفيضات الكبيرة في عدد الموظفين خلال الربيع الماضي، عبّر منتقدون، عبر دعاوى قضائية وتصريحات علنية، عن مخاوف من أن الوزارة لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها القانونية في ظل النقص الحالي في كوادرها.

وقد زادت الجولة الجديدة من التسريحات من حدة هذه المخاوف، وأثارت تساؤلات واسعة حول ما إذا كانت إدارة ترمب تسعى إلى إغلاق الوزارة فعلياً من دون تفويض قانوني من الكونجرس.

وفي منشور لها عبر منصة “إكس”، قالت الوزيرة ماكماهون إن الإغلاق الحكومي، الذي دخل أسبوعه الثالث، دفعها إلى إعادة النظر في المهام الفيدرالية التي “تُعد ضرورية للشعب الأميركي”.

وأضافت: “بعد أسبوعين من الإغلاق، لا يزال ملايين الطلاب يذهبون إلى مدارسهم، والمعلمون يتقاضون رواتبهم، والمدارس تواصل عملها بشكل طبيعي. هذا يؤكد ما قاله الرئيس: وزارة التعليم الفيدرالية غير ضرورية”.

وقد رُفعت عشرات الدعاوى القضائية للطعن في قرارات إدارة ترمب المتعلقة بقطاع التعليم، وتمكن المعارضون في بعض الحالات من إيقاف هذه الإجراءات، ولو مؤقتاً.

وتواجه إدارة ترمب ضغوطاً سياسية متزايدة، خاصة من المدافعين عن التعليم الخاص، الذين يعملون على حشد أولياء الأمور للضغط على أعضاء الكونجرس لمعارضة هذه التغييرات.

وحتى في حال تنفيذ الجولة الجديدة من التسريحات، فمن غير المرجح أن يشعر المواطن الأميركي العادي بتأثيراتها الفورية، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أنه لا تزال الأموال الفيدرالية، بما في ذلك المليارات المخصصة لتعليم الطلاب ذوي الإعاقة، تُصرف بصورة طبيعية.

نقل بعض المهام

ورغم أن القانون الفيدرالي ينُص على أن تبقى المهام الأساسية لوزارة التعليم ضمن نطاقها المؤسسي، إلا أن ترمب وماكماهون تحدثا صراحة عن نقل بعض المهام إلى وزارات أخرى دون موافقة الكونجرس، وقد بدأ العمل بالفعل على تنفيذ ذلك.

ففي مايو الماضي، وقّعت وزارة التعليم اتفاقياً لنقل ما يقرب من 2.7 مليار دولار من منح التعليم المهني، والتقني، وتعليم الكبار إلى وزارة العمل، بحسب ما أظهرته وثائق قضائية.

وفي أبريل، تم إرسال 9 موظفين يعملون في برنامج القروض الطلابية، الذي تصل قيمته إلى 1.6 تريليون دولار، إلى وزارة الخزانة.

وعلى الرغم من تأكيد المتحدثة باسم الوزارة أن الخطوة مؤقتة، أفاد مصدران مطّلعان بأن الوزارة أصبحت تعتمد جزئياً على وزارة الخزانة، بسبب نقص الموظفين في صفوفها.

وتُتيح هذه الاتفاقيات بين الوكالات لوزارة التعليم الاحتفاظ بالإشراف الرسمي على البرامج، مع تقاسم إدارتها فعلياً مع جهات حكومية أخرى، في محاولة للالتفاف على القيود القانونية من دون خرقها بشكل مباشر.

واعتبر كل من مؤيدي هذه الإجراءات ومعارضيها أنها تمثل “خطوات تجريبية” تمهّد لنقل المزيد من مهام الوزارة إلى مؤسسات فيدرالية أخرى.

وفي هذا السياق، طرح ترمب فكرة نقل برنامج القروض الطلابية إلى هيئة المشاريع الصغيرة، وأفادت 3 مصادر مطّلعة بأن محادثات رسمية جارية بالفعل بهذا الشأن.

وكانت وزيرة التعليم الأميركية أعربت عن رغبتها في نقل مكتب التعليم الخاص إلى وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، كما اقترحت أن تتولى وزارة العمل إدارة منح “بيل” التعليمية، إلى جانب إسناد مهمة تنفيذ قوانين الحقوق المدنية إلى وزارة العدل.

شاركها.