في الوقت الذي ما تزال فيه دماء أطفال غزة على الإسفلت، اختارت أبوظبي أن تُعلن ولاءها النهائي لتل أبيب. فبينما تمطر طائرات الاحتلال بيوت الفلسطينيين نارًا، كانت الإمارات تُبرم صفقة شراء قطعة أرض في هرتسليا بملايين الشواكل لبناء سفارة دائمة لها على أرضٍ مغتصبة. خطوةٌ ليست جديدة، بل نتيجة مفاوضاتٍ سرّية بدأت قبل أربع سنوات بين مكتب نتنياهو وبلدية هرتسليا، لاختيار موقع “يليق بالتحالف الجديد”.
ما كان يُروَّج له كـ“تطبيعٍ دبلوماسي” صار اليوم استيطانًا سياسيًا دائمًا، فالإمارات لم تعد زائرًا مترددًا في الكيان بل مستوطِنةً جديدة في قلبه. خمس سنوات فقط بعد توقيع “اتفاق العار”، تحولت من شريكٍ في التطبيع إلى حليفٍ وجوديٍّ يغرس أعمدته في ترابٍ ما زال يتنفس أنين الفلسطينيين.
مصادر عبرية وصفت الصفقة بأنها “إنجاز تاريخي في مسيرة التطبيع العربي”، بينما يراها العرب طعنةً جديدة في خاصرة القضية. فالأرض التي اشترتها أبوظبي ليست مجرد قطعة عقار، بل رمز انسلاخٍ كاملٍ عن العروبة والإسلام، وتوقيعٌ رسمي على نهاية ما تبقّى من الموقف العربي تجاه فلسطين.
منذ سنوات حذّر عبدالله النفيسي قائلاً: “الإمارات ستصبح إسرائيل الخليج”، ويومها سخروا منه. اليوم تحققت النبوءة كاملة؛ لم تعد الإمارات تخفي وجهها الحقيقي، بل تخلع القناع علنًا وتتباهى بالخيانة، رافعةً علمها فوق أرضٍ اغتُصبت، لتُعلن أمام العالم أن المال عندها أهم من الدم، وأن الخيانة باتت مشروعًا وطنياً برعاية رسمية.