اخبار تركيا
حذر السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، مايكل أورين، من مخاطر تعزيز النفوذ التركي في قطاع غزة عبر المساعدات الإنسانية ودعم حماس، مشيراً إلى أن الوضع الحالي قد يكرّس سيطرة إسرائيل على معظم القطاع مع إبقاء الحركة الفلسطينية في جيوب محدودة، ما يتطلب وفقه إجراءات عاجلة لمواجهة النفوذ التركي والسيطرة على إعادة الإعمار.
وقال أورين، وهو مؤرخ أيضا، إن الوضع الحالي فيقطاع غزة، رغم تعقيداته الأمنية والسياسية، قد يشكل حالة مثالية لإسرائيل على المدى الطويل، شبيهة بالمرحلة الثانية من اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، حين توقفت العملية السياسية عمليا عند مرحلة انتقالية تحولت إلى واقع دائم يخدم مصالح إسرائيل.
وفي مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أوضح أورين أن الخطة التي يقودها الرئيس الأميركيدونالد ترامببشأن غزة، والمكونة من 20 بندا، دخلت ما يشبه مرحلتها الثانية، حيث تسيطر حركةحماسعلى “جزء صغير نسبيا” من القطاع، في حين تظل معظم مناطق غزة (53%) تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة أو غير المباشرة.
ويشير أورين إلى أنه رغم تعهدات ترامب المتكررة بنزع سلاح حماس، فإن طرقه للقيام بذلك لا تزال غير واضحة، كما يرى أن إسرائيل لا تملك القدرة أو الرغبة في شن عملية عسكرية كبرى جديدة داخل المناطق المكتظة بالسكان، كما أن القوات الأميركية لن تتدخل ميدانيا، بحسب ما نقله تقرير لـ “الجزيرة نت”.
ونتيجة لذلك، قد يصبح الوضع الراهن في شمال غزة دائما، أي أن إسرائيل تسيطر على معظم القطاع بينما تبقى حماس محصورة في جيوب محدودة.
“واقع مفيد لإسرائيل”
وأضاف السفير الإسرائيلي السابق أن هذا الواقع، على غرار المرحلة الثانية مناتفاق أوسلو، قد يكون مفيدا لإسرائيل أكثر مما يبدو ظاهريا. فوجود كيان فلسطيني مسلح وغير معترف به في جزء صغير من غزة، يمنع حسب رأيه أي تقدم سياسي نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يعارضه معظم الإسرائيليين.
وفي المرحلة الانتقالية من اتفاق أوسلو في عام 1993، كانتالسلطة الفلسطينيةتتمتع بالسيطرة السياسية والعسكرية على المنطقة (أ) فيالضفة الغربيةوالتي تشمل المدن الرئيسية، وسيطرة سياسية فقط على المنطقة (ب) التي تشمل البلدات والقرى، فيما ظل الجزء الأكبر من الضفة، وهو المنطقة (ج)، تحت السيطرة الإسرائيلية.
ونظرا لتعنت إسرائيل في المفاوضات، فقد فشلت عملية الانتقال للمرحلة النهائية وظلت هذه المنطقة تحت سيطرتها، مما جعل المرحلة الانتقالية هي المرحلة الأخيرة من اتفاق أوسلو، ومنع قيام دولة فلسطينية.
وأوضح أورين أن استمرار حماس في الاحتفاظ بسلاحها سيجعل أي استثمار دولي في إعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها أمرا غير ممكن، “فلا قطر ولا أي دولة أخرى ستخاطر بإرسال أموالها إلى منطقة خاضعة لمنظمة مصنفة إرهابية”، على حد قوله.
فرض واقع جديد
وفي المقابل، يرى أورين أن إسرائيل تستطيع إعادة إعمار نحو 53% من القطاع وهي المناطق التي استولى عليهاالجيش الإسرائيليبسرعة كبيرة، ما سيؤدي إلى تحسين حياة الفلسطينيين في تلك المناطق، وخلق “مقارنة مؤلمة” مع الوضع المأساوي في مناطق حماس.
ويعتقد أورين أن هذا التباين سيزيد من الضغط الداخلي على حماس ويفاقم حالة السخط الشعبي ضدها، الأمر الذي قد يضعف قبضتها تدريجيا دون الحاجة إلى حرب جديدة.
وفي الجانب السياسي والعسكري، دعا أورين الحكومة الإسرائيلية إلى التحرك المنسق مع الإدارة الأميركية لفرض واقع جديد في غزة من خلال مجموعة من الإجراءات، من بينها:
الرد العسكري الفوري والواسع على أي هجوم من داخل غزة أو من الضفة الغربية.
منع تحويل المساعدات الدولية إلى مناطق سيطرة حماس، وقطع القنوات التي قد تستغلها تركيا أو منظمات أوروبية لإيصال الأموال إليها.
العمل الدبلوماسي المكثف فيالأمم المتحدةوالاتحاد الأوروبيلعدم “إثراء حماس تحت غطاء المساعدات الإنسانية”.
وفي ختام مقاله، شدد أورين على ضرورة أن تبدأ إسرائيل في التخطيط للوضع الراهن كخيار إستراتيجي طويل الأمد، لا كمرحلة مؤقتة.
وقال “إذا لم يكن بالإمكان جعل غزة جارة مزدهرة وسلمية بالكامل، فقد تكون المرحلة الثانية المطوّلة حيث تبقى السيطرة الإسرائيلية على معظم القطاع وتُحاصر حماس في جزء صغير منه النتيجة المثلى بالنسبة لإسرائيل.”
ويعكس المقال مخاوف إسرائيلية من عدم التمكن من نزع سلاح حماس مع تثبيت وجودها، كما يعكس اتجاها متزايدا داخل المؤسسة الإسرائيلية يدعو إلى تثبيت الانقسام الداخلي الفلسطيني واعتبار استمرار الوضع الراهن في غزة أحد أشكال “الاستقرار المفيد”، بدلا من السعي إلى تسوية سياسية شاملة قد تفضي إلى قيام دولة فلسطينية.
