صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، لهجته في ملف مكافحة تهريب المخدرات، مؤكداً أن إدارته لن تطلب إعلان حرب على ما وصفه بـ”العصابات المرتبطة بفنزويلا”، بل ستتخذ إجراءات مباشرة ضد المتورطين في إدخالها إلى الولايات المتحدة، سواء عبر البحر، أو عبر الحدود البرية التي قال إنها ستكون “الجبهة التالية”.
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت إدارته ستعلن الحرب على عصابات المخدرات، وما إذا كانت ستطلب من الكونجرس الموافقة على ذلك، قال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: “لا أعتقد أننا سنطلب بالضرورة إعلان حرب، وأعتقد أننا سنقتل ببساطة الأشخاص الذين يرسلون المخدرات إلى بلدنا”.
ولفت ترمب إلى أن “ما يُسمّى بتهريب المخدرات عبر البحر أصبح الآن نحو 5% فقط مما كان عليه قبل عام، بل أقل من 5%”. ومضى قائلاً: “الآن تأتي عن طريق البر، وهذا مثير للقلق، وسنعالج مسألة البر لاحقاً”.
وأوضح الرئيس الأميركي أنه قد يتوجه إلى الكونجرس لبحث هذا الملف، مضيفاً: “لا أعتقد أنهم سيواجهون مشكلة في ذلك، في الواقع أظن أن هذه فكرة جيدة.. بيت (هيجسيث وزير الحرب)، اذهب إلى الكونجرس وأخبرهم بذلك، ماذا سيفعلون؟، هل سيقولون إنهم لا يريدون وقف تدفق المخدرات التي تقتل 300 ألف شخص سنوياً؟”.
فنزويلا وقاذفات B-1 الأميركية
ونفى الرئيس الأميركي صحة التقارير التي أفادت بأن الولايات المتحدة أرسلت قاذفات B-1 قرب فنزويلا لزيادة الضغط العسكري، وقال: “هذا غير صحيح، لكننا غير راضين عن فنزويلا لأسباب كثيرة، من بينها المخدرات، وأيضاً لأنهم كانوا يرسلون سجناءهم إلى بلدنا لسنوات، وذلك في عهد إدارة (الرئيس السابق جو) بايدن، أما الآن فلم يعد ذلك يحدث، ولدينا حدود مغلقة”.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قالت إن قاذفات أميركية من طراز B-1 حلقت بالقرب من فنزويلا، الخميس، في خطوة تصعيدية جديدة للضغط على الرئيس نيكولاس مادورو، بعد أيام فقط من تنفيذ طائرات حربية أميركية أخرى ما وُصف بأنه “عرض هجومي” قرب الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.
ولفتت الصحيفة، نقلاً عن مسؤول أميركي وبيانات تتبّع الرحلات الجوية، إلى أن قاذفتين من طراز “B-1 Lancer” أقلعتا من قاعدة دايس الجوية في ولاية تكساس، وحلّقتا بالقرب من فنزويلا، لكنهما بقيتا في الأجواء الدولية.
وتستطيع قاذفات B-1 الطيران بسرعات تفوق سرعة الصوت، وتحمل ما يصل إلى 75 ألف رطل من القنابل، أي أكثر من أي قاذفة أميركية أخرى، كما يمكنها تنفيذ مهام مراقبة بحرية.
ولم تُنقل هذه الطائرات إلى قواعد في المنطقة، إذ إن مدى طيرانها يسمح لها بالوصول إلى أي موقع في البحر الكاريبي انطلاقاً من الأراضي الأميركية، بحسب مسؤول في وزارة الحرب “البنتاجون”.
وفي الأسبوع الماضي، نفذت القوات الجوية ومشاة البحرية الأميركية عرض قوة مشابهاً، استخدمت فيه قاذفات B-52 ومقاتلات F-35B قرب جزيرة تقع قبالة سواحل فنزويلا، حيث أجرت قواتها تدريبات عسكرية في سبتمبر الماضي.
وأظهرت بيانات تتبّع الرحلات أن القاذفات حلقت في المنطقة قبل أن تعود إلى الولايات المتحدة، بينما وصف “البنتاجون” تلك الطلعات بأنها “عرض هجومي”.
وتأتي هذه التحركات ضمن تصعيد عسكري واسع النطاق في المنطقة، يشمل 8 سفن حربية وغواصة وطائرة دورية بحرية من طراز P-8، وطائرات مسيّرة من نوع “MQ-9 Reaper” ومقاتلات F-35، وفق “وول ستريت جورنال”.
ولم تُسجّل القوات الأميركية طلعات قاذفات قرب أميركا الجنوبية إلا نادراً خلال العقود الأخيرة، إذ كانت تكتفي عادة بمهمة تدريبية واحدة سنوياً، إلا أن مسؤولين دفاعيين اثنين قالا إن المزيد من تلك المهام قد يُنفَّذ قريباً.
وقال الجنرال المتقاعد ديفيد ديبتولا، عميد معهد ميتشل للدراسات الجوية والفضائية، إن طلعات يوم الخميس “تبعث برسالة جدية وواضحة النوايا”، مضيفاً: “إنها تُظهر مجموعة هائلة من القدرات.. من حيث القدرة على التحمل والحمولة والمدى والدقة”.
ويركّز توسيع الحملة العسكرية على مكافحة مهربي المخدرات القادمين من فنزويلا وكولومبيا. فمنذ مطلع سبتمبر، نفذت القوات الأميركية ما لا يقل عن 7 ضربات ضد زوارق سريعة وغواصة صغيرة في منطقة الكاريبي.
وقال وزير الحرب هيجسيث، الأربعاء، إن الولايات المتحدة هاجمت هذا الأسبوع سفينتين إضافيتين في شرق المحيط الهادئ.
وأشار ترمب إلى أن الضربات قد تمتد إلى أهداف برية لاحقاً، قائلاً في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، الأربعاء: “لم تعد هناك سوى قلة من القوارب التي تتحرك في المياه، لذا سيلجأون إلى الطرق البرية بدرجة أقل، وسيتعرضون للضرب هناك أيضاً”.
الأساس القانوني للضربات
وبحسب مسؤولين حاليين وسابقين في سلاح الجو، يمكن استخدام القاذفات لضرب منشآت توزيع أو إنتاج المخدرات.
وواجهت إدارة ترمب تدقيقاً متزايداً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن الأساس القانوني للضربات التي نُفذت في الأسابيع الأخيرة، رغم أن الكونجرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون رفض مقترحات تهدف إلى تقييد صلاحيات الرئيس في مواصلة تلك الهجمات.
واتهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الرئيس الأميركي بـ”السعي إلى تغيير النظام”، كما أمر بنشر قوات على الساحل تحسباً لهجوم محتمل.
فيما اتهم ترمب نظيره الكولومبي جوستافو بيترو بدعم مهربي المخدرات، في حين رد بيترو بالقول إن نظيره الأميركي يرتكب فظائع عبر إصدار أوامر بشن ضربات على القوارب.
