يبدأ البرلمان الفرنسي، الجمعة، مناقشة مشروع قانون الموازنة في أجواء سياسية متوترة، وسط غياب أغلبية واضحة للحكومة، ورغم أن رئيس الوزراء سيبستيان لوكورنو تراجع عن استخدام المادة 49.3 التي تتيح تمرير القانون دون تصويت، إلا أن المهمة تبدو شبه مستحيلة بسبب الخلافات بين الكتل وتلويح بعض الأحزاب بإمكانية سحب الثقة من الحكومة إذا فشلت المناقشات.

وذكر موقع إذاعة فرنسا الدولية RFI، أن النواب سيناقشون النسخة الأصلية التي أعدتها الحكومة لقانون المالية، والتي رفضتها لجنة الشؤون المالية بمجلس النواب في وقت سابق هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن تكون المعركة بشأن التعديلات محتدمة حتى التصويت الرسمي.

وتوقع أحد أعضاء مجلس الشيوخ من حزب النهضة اليميني (Renaissance)، أن يكون النص الذي سيخرج من النقاشات “غريباً”، وبالتالي “لن يُصوَّت عليه”.

ومن المقرر أن يحضر سيباستيان لوكورنو جلسات المناقشة على مقاعد الحكومة، في إشارة إلى حرصه على التواجد في اللحظات الحاسمة، إذ إن مستقبل حكومته بات على المحك، وفق RFI.

ولوح رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي بوريس فالود، بإمكانية سحب الثقة من الحكومة، عشية بدء مناقشة الجزء المتعلق بالإيرادات في مشروع قانون الموازنة داخل الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي).

وقال فالود في مقابلة مع صحيفة “لوباريزيان” الخميس: “إذا لم يكن التكتل الوسطي قادراً على التصويت لصالح ضريبة زوكمان (على الأثرياء جداً) … وإذا لم يكن قادراً على إعادة العمل بضريبة الثروة على المليارديرات… وإذا لم يكن قادراً على تحقيق العدالة الضريبية، فلست متأكداً من إمكانية مواصلة النقاش. سينتهي النقاش حول الموازنة بسرعة كبيرة”.

وأضاف: “لقد احتفظنا لأنفسنا بإمكانية معاقبة الحكومة في أي وقت”، في إشارة إلى أن الكتلة الاشتراكية امتنعت عن التصويت لصالح حجب الثقة ضد حكومة لوكورنو في 16 أكتوبر، ما أدى إلى فشل المذكرة التي قدمتها كتلة “فرنسا الأبية”.

“تصلّب” معسكر ماكرون

خلال المناقشات داخل لجنة المالية، رفض نواب حزب الرئيس إيمانويل ماكرون ضريبة زوكمان على “الأثرياء جداً” وإعادة العمل بـ”ضريبة الثروة” (ISF).

 وقال فالود: “الحساب لا يفي بالغرض. العدالة الضريبية غائبة، ويُلقى العبء على الطبقات الوسطى والشعبية، بينما لا تُفرض أي مساهمات على المليارديرات أو الشركات متعددة الجنسيات”.

من جهتهم، انتقد النواب البيئيون (Les Écologistes) أيضاً ما وصفوه بـ “تصلّب معسكر ماكرون” في ما يخص إجراءات العدالة الضريبية، واتهموه بمحاولة “تمرير الموازنة بالقوة” في نهاية النقاش.

وقال النائب تريستان لاهيه (عن حزب الخضر) في الجمعية الوطنية الخميس: “لم يتم الحصول على أي إجراء من شأنه تصحيح اختلالات العدالة الضريبية التي برزت خلال الأشهر الماضية”.

“ميزانية بديلة”

من جهتها، قدمت زعيمة حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، مارين لوبان الخميس، مشروع ميزانية مضادة.

ويقوم هذا المشروع على محور رئيسي هو “خفض نفقات الدولة”. وتقول لوبان إن حزبها يسعى إلى “مطاردة النفقات غير الفعالة أو غير الضرورية”، وتشمل نفقات الهجرة (12 مليار يورو متوقعة)، ومساهمة فرنسا في الاتحاد الأوروبي.

وقالت لوبان: “ربما نخرج عن الإطار، لكن هذا أيضاً دورنا. نحن نرفض أن نُحبس داخل مثلث برمودا الذي ضاع فيه الاقتصاد الفرنسي لعقود، حيث يُقال إن الحل الوحيد هو التضحية”.

ويؤكد الحزب أن مشروع الميزانية البديلة هذا سيمكن من توفير 36 مليار يورو لتقليص العجز، وفي الوقت نفسه يَعد جان-فيليب تانجي، المسؤول عن الشؤون المالية في الحزب، بـ”خفض الضرائب، لا سيما ضرائب الإنتاج. وقال: “نريد إنتاجاً تنافسياً… لشركاتنا من خلال خفض كبير في ضرائب الإنتاج”.

وتعارض مارين لوبن فرض أي مساهمة جديدة على المتقاعدين لتعويض تعليق إصلاح نظام التقاعد، مؤكدة أن حزبها يدعم تعليق الإصلاح، لكنه رغم ذلك لن يصوّت لصالح مشروع قانون المالية أو قانون تمويل الضمان الاجتماعي بصيغتهما الحالية.

شاركها.