استفادت شركات تعدين المعادن النادرة الأسترالية من التوترات الأميركية- الصينية، وذلك بعد أن عززت بكين قبضتها على سلسلة التوريد، وفرضت ضوابط تصدير على صناعتها المحلية وسط مفاوضات تجارية مع واشنطن، بحسبما صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
ووقّعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذا الأسبوع في البيت الأبيض اتفاقيةً مع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، تقضي باستثمار كل دولة حوالي مليار دولار أميركي خلال الأشهر المقبلة، في إطار تعزيز إنشاء خط إمداد غير صيني للمعادن النادرة وغيرها من المعادن الحيوية.
ووقّع بنك التصدير والاستيراد الأميركي التزامات قروض بقيمة تزيد عن 2.2 مليار دولار، لتطوير مشاريع المعادن الحيوية في أستراليا مع سبع شركات أولية، بينها: “آرافورا للمعادن النادرة”، و”نورثرن مينيرالز”، و”آر زد ريسورسز”، و”جرافينكس” التي تُطوّر ثالث أكبر رواسب الجرافيت في العالم.
ووصف دوج بورجوم، وزير الداخلية الأميركي، الذي يقود تحالف المعادن الحيوية، هذه الصفقات، إلى جانب سباق تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بأنها “بأهمية مشروع مانهاتن”، الذي أدى إلى صنع الأسلحة النووية.
بروز شركات تعدين أسترالية
وتؤكد هذه الموجة من الصفقات ارتفاع قيمة مجموعة من شركات التعدين الأسترالية التي كانت غير بارزة، إذ حظي أولئك الذين استثمروا في رؤية المعادن الأرضية النادرة الأسترالية مبكراً، بدءاً من مليارديرة خام الحديد جينا راينهارت وشركات النفط اليابانية ومكاتب بعض أغنى العائلات في البلاد، بثروة طائلة مع ارتفاع أسهمها قبيل الصفقة التاريخية.
واستحوذت شركة “هانكوك” للتنقيب التابعة لراينهارت على حصة في شركة “ليناس راير إيرثز”، أكبر منتج للمعادن الأرضية النادرة خارج الصين، في عام 2020، ودعمت منذ ذلك الحين مشاريع ناشئة مثل “آرافورا”، وشركات الاستكشاف الصغيرة المدرجة في بورصة ASX، “سانت جورج ماينينج”، والبرازيلية Rare earths، بالإضافة إلى الشركة الأميركية “إم بي ماتيريالز”، والتي ارتفعت قيمتها جميعاً بشكل كبير في الأشهر الستة الماضية.
واشترت الحكومة الأسترالية هذا الأسبوع حصة بقيمة 100 مليون دولار في “آرافورا” كجزء من حملتها للاستثمار في المعادن الأرضية النادرة، إذ حدد مسؤولون أميركيون وأستراليون المشروع ومصفاة “جاليوم” في غرب أستراليا، التي تبنيها شركة “ألكوا” وشركة “سوجيتز” اليابانية، كمشاريع ذات أولوية.
وفي حين شهدت شركات مثل “ليناس” ارتفاعاً حاداً في أسعار أسهمها، واجهت بعض الشركات الأصغر صعوبة في إيجاد التمويل؛ بسبب مخاوف من المنافسة مع الصناعة الصينية الراسخة والقوية.
ووفقاً للمحللين، فإن ارتفاع تكاليف الطاقة والعمالة يجعل كلفة بناء مصافي المعادن النادرة في أستراليا تُقارب خمسة أضعاف كلفة بناء مصافي آسيا.
وقدمت الحكومة الأسترالية دعماً مالياً لمشاريع، مثل الدعم الكبير لمصفاة “إيلوكا ريسورسز” في غرب أستراليا، البالغة قيمتها 1.8 مليار دولار أسترالي، لتحفيز هذه الصناعة.
ويتساءل البعض عما إذا كانت هذه الإعانات كافية لجعل الإنتاج الأسترالي منافساً للصين، إذ قال توماس كرومر، المتخصص في المعادن الأرضية النادرة ومدير شركة “جينجر” للتجارة والاستثمار الدولية: “لماذا ترغبون في إنفاق أموال دافعي الضرائب في أستراليا لحل مشكلات الآخرين؟” وأضاف: “لا يوجد سوق للمعادن الأرضية النادرة هنا”.
لكن دومينيك راب، نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق ورئيس الشؤون العالمية حالياً في شركة “أبيان كابيتال” الاستثمارية، قال إن الدعم “ضروري لإنعاش قطاع المعادن الأرضية النادرة”.
وأضاف: “السوق في هذا المجال يعاني من نقصٍ حاد. التحدي الذي يواجه الغرب بأكمله هو كيفية بناء سلاسل التوريد هذه”، موضحاً أن شركة “أبيان تستثمر في شركة جيبسلاند للمعادن الأساسية، شرق ملبورن. إنه بالضبط نوع المشروع الذي سيحظى بدعمٍ هائلٍ من هذا الإطار. إنه مشروع محلي رائع ذو عواقب جيوسياسية كبيرة”.
بدوره، قال كامبل جونز، الرئيس التنفيذي لشركة “آر زد ريسورسز”، التي تُطوّر منجماً للرمال المعدنية في نيو ساوث ويلز ومصنعاً لفصل المعادن في بريسبان، بأن مدى الاهتمام اتضح عندما “دعا مسؤولون أميركيون 20 شركة أسترالية إلى واشنطن الشهر الماضي. عزز ذلك ثقة السوق بأن هذا الأمر حقيقي”.
