عرضت المؤسسة المصرفية الإيطالية “كاسّا دي ريسيپارميو دي ريميني” (صندوق التوفير في مدينة ريميني)، أحد ممتلكاتها للبيع، ولولا خصوصيّة هذا العقار، فإن الحدث كان سيمر مرور الكرام، غير أن هذا المبنى ليس مجهول الهوية، إذْ هي الفيلا التي اصطفاها الديكتاتور الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني كمقرٍ إقامةٍ صيفي له ولعائلته.
وتقع الفيلا بمدينة ريتشيوني المتاخمة لمدينة ريميني التي ولد المخرج الكبير الراحل فيديريكو فيلّيني، في 20 يناير 1920 قبل شهورٍ قليلة من حملة “الزحف الفاشي على روما”، والذي أطلقه موسوليني، وأجبرَ البرلمان على منحه “مطلق الصلاحيات” مطلقاً العنان لـ “العشرينية السوداء” في إيطاليا، التي حكم خلالها موسّوليني، وحزبه، إيطاليا بالحديد والنار، وورّط البلاد بالحرب الإفريقية وبالتحالف مع أدولف هتلر وأذاقها مرارة الهزيمة الماحقة التي لحقت بإيطاليا على يد الحلفاء، والتي انتهت باعتقال موسّوليني وعشيقته كلاريتّا پيتاتشي في شمال إيطاليا من قبل حركة الأنصار المناهضين ضد الفاشية وضد الاحتلال النازي، وإلى إعدامهما وتعليق جثتيهما في ساحة لوريتو بميلانو.
ورغم أنّ ملكيّة المبنى المذكور تعود إلى هذه المؤسّسة المصرفية، فقد استخدمته بلدية المدينة منذ عقود لإقامة الأنشطة الثقافية والفعاليات، ما حال دون تمكّن “كاسّا دي ريسپارميو دي ريميني” من بيع الفيلا، بعد أن كانت قد طُرحت فكرة بيعه قبل 8 أعوام، وتراجعت عن الفكرة، في حينه؛ وعلى ما يبدو، فإنّ اتفاقاً في هذا الصدد قد تمّ التوصل إليه، إذْ أبدت بلدية ريميني استعدادها لاقتناء العقّار للإبقاء على طابعه الثقافي والاجتماعي، وقد حُدّد تاريخ 30 أكتوبر كبداية للفترة التي يمكن فيها للراغبين في الشراء طلب الحصول على ما يُعرف بـ “غرفة البيانات”، أي القرص المدمج الذي يحتوي على جميع الوثائق المتعلقة بفيلا موسوليني، والتي يمكن للمشترين المحتملين الاطلاع عليها.
وسيتم فتح مظاريف المزايدات التي تحتوي على العروض في 30 يناير، على أن يظلّ المبنى خاضعاً لعدة قيود تهدف إلى حماية طابعه المعماري وتاريخه.
إقامة موسوليني الصيفية
وبدأت شهرة الفيلا في ثلاثينيات القرن الماضي، إذ كانت المكان الذي اختاره بينيتو موسوليني لقضاء أيامه الصيفية على البحر.
بعد ذلك أصبحت مقره الصيفي ابتداءً من عام 1934 وحتى عام 1943، حيث كان يقضي عطلته هناك مع زوجته راكيلي غويدي وأولاده.
حنين اليمين إلى رموزه السالفة
وفيما تستعد البلدية لتقديم عرض الشراء، اندلَع، كما هي العادة في إيطاليا، سجالٌ جديد، ففي حين أكّدت إدارة البلدية (اليساريّة) على أنّ شراء العقار يهدف إلى توفير مساحات جديدة للثقافة والتواصل الاجتماعي كي يستفيد منها المواطنون والزوار على حدٍّ سواء، وبأنّ شراء الفيلا، بفضل موقعها وخصائصها والخبرة التي اكتسبناها في إدارتها، سيسمح بتعزيز دورها كمكان مثالي للمبادرات والفعاليات والمعارض، ما يسهم في توسيع وتحسين العرض الثقافي في المدينة، فقد انبرى اليمين من حزب رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني “أخوة إيطاليا” ذي الجذور الفاشيّة، إلى إطلاق الاتهامات معتبراً “أنه من الخطير جداً أن عمدة المدينة لم يحاول تجنّب طرح الفيلا في مزاد علني” وزاد قوله: “ما كان ينبغي لفيلا موسوليني أن تُطرحَ في مزادٍ أساساً”.
وردّت إدارة البلدية فوراً على هذه التصريحات، مؤكّدةً على أنها، ليست طرفاً في الصفقة، وبأن المالك الشرعي للعقار (أي كاسّا دي ريسپارميو دي ريميني) اختار بشكل مستقل الوسائل والإجراءات لبيع فيلا موسوليني، محددة مساراً شفافاً.
وأضافت: “أما نحن كإدارة، فنقوم اليوم بدراسة جميع الإمكانيات المتاحة لشراء العقار وتطويره، بما يخدم مصلحة المواطنين والمدينة حصرياً”.
