في إطار التعاون البحثي بين مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” ومعهد الاستشراق الروسي، بموجب مذكرة التفاهم الموقّعة بين الجانبين، صدرت دراسة علمية جديدة تسلط الضوء على الدور الاقتصادي والاجتماعي للمكتبات العامة، وتوصي بضرورة تعزيز الاستثمار فيها باعتبارها أداة منخفضة التكلفة وعالية المردود، يمكن أن تساهم في تقليص فجوات التنمية في العالم العربي، ودعم تنافسية الاقتصادات عبر تنمية رأس المال البشري وتقوية البنية المعرفية للمجتمعات.
أعدّ الدراسة الدكتور عمر العُبيدلي، مدير إدارة الدراسات والبحوث في المركز، بالتعاون مع الباحثان سلمان زايد وحسن يونس، ونُشرت في مجلة Economy of the Middle Eastالمجلد 2، العدد 1، 2025، الصادرة عن المعهد الروسي، وتبحث الدراسة في حجم الفجوة التي تعانيها المنطقة العربية في مجال المكتبات العامة مقارنةً ببقية دول العالم.
وتوضح النتائج التي خلُصت إليها الدراسة أن المكتبات العامة ليست مجرد فضاءات معرفية، بل هي محركات اقتصادية واجتماعية قادرة على توليد قيمة مضافة للمجتمعات، فقد أثبتت التجارب الدولية أن كل وحدة نقدية تُستثمر في المكتبات تحقق عوائد مضاعفة، سواءً عبر الوظائف المباشرة أو غير المباشرة، أو من خلال دعم الاقتصاد المعرفي، وخفض تكلفة التعليم والخدمات الرقمية والصحية على الأسر والمجتمع.
وعلى الصعيد المقارن، تشير الدراسة إلى أن بيانات عام 2023م أظهرت تسجيل العالم العربي لمعدلات متدنية للغاية في عدد المكتبات العامة للفرد، حيث يبلغ المعدل 5 مكتبات لكل مليون نسمة فقط، مقارنةً بـ 60 مكتبة في الدول غير العربية، و73 مكتبة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، بينما سجلت دول مثل التشيك وليتوانيا أكثر من 400 مكتبة لكل مليون نسمة. ورغم غياب البيانات التفصيلية حول جودة الموارد والأنشطة داخل المكتبات العامة، فإن المعلومات المتاحة حول عدد الكتب المقروءة وساعات القراءة للفرد تعكس بوضوح أثر توفر هذه المكتبات على النتائج التعليمية والاجتماعية.
وأكد الدكتور العُبيدلي أن “المكتبات العامة تشكّل فرصةً مهمة لتعظيم الأثر الاقتصادي والمعرفي في المجتمعات العربية، شريطة أن يُنظر إليها كاستثمار استراتيجي طويل الأجل يعزز التنمية المستدامة”.
ويعكس هذا الإصدار جزءاً من التوجه الاستراتيجي لمركز “دراسات” لتعزيز إنتاجه البحثي بالشراكة مع مؤسسات أكاديمية مرموقة، بما يسهم في دعم السياسات العامة وصناعة القرار، وتقديم حلول عملية للتحديات التنموية التي تواجه المنطقة.
