طالبت صحيفة “الشعب” اليومية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، الولايات المتحدة بحماية إنجازات “تحققت بصعوبة” بعد محادثاتهما التجارية الأخيرة في كوالالمبور، قبل الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية، الخميس المقبل، فيما أعرب مسؤولون أميركيون عن اعتقادهم بأنه سيكون اجتماعاً “مثمراً للغاية”.
وقال الرئيس الأميركي ترمب للصحافيين، الاثنين، على متن طائرته الرئاسية، متجهاً إلى اليابان، إنه قد يوقع اتفاقاً نهائياً بشأن عمليات تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة، الخميس المقبل، مشيراً إلى أنه حصل على “موافقة مبدئية” من الرئيس الصيني، الذي سيلتقيه.
وأعلن مفاوضون تجاريون صينيون وأميركيون، الأحد، توصلهم إلى توافقات بشأن قضايا تشمل التعريفات الجمركية، ورسوم الشحن، وأزمة مخدر الفنتانيل، والضوابط على الصادرات بعد يومين من المحادثات في ماليزيا.
وهذه النتائج شكلت خطوة بالغة الأهمية لتهدئة حدة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد أن هدد وابل جديد من التهديدات الجمركية، وضوابط التصدير المتبادلة بعرقلة العلاقات الثنائية.
وبنبرة تصالحية، على حد وصف “بلومبرغ” قالت صحيفة “الشعب” اليومية، الاثنين، إن التقدم المحرز أظهر أن بكين وواشنطن قادرتان على التعامل مع خلافاتهما.
وأضافت الصحيفة الصينية في مقال رأي مُوقع باسم “تشونج شنج”، وهو تعبير مجازي يشير إلى “صوت الصين”، الذي غالباً ما يُستخدم لتوضيح وجهات نظر بكين في السياسة الخارجية، أن “كلا الجانبين لم يتفاجأ بإثارة أي من هذه القضايا، بل ركزا على حل المشكلات”.
وحضت الصحيفة واشنطن على التمسك بآلية التشاور التجاري والاقتصادي التي يقودها وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، ونائب رئيس مجلس الدولة الصيني، هي لي فنج.
وأضافت أن “الجانبين يجب أن يلتقيا في منتصف الطريق، وأن يعتز كل منهما بنتائج كل حوار، وأن يعملا على بناء الثقة المتبادلة وإدارة الخلافات على نحو متواصل”، مشيرة إلى أن كلا البلدين لا يريدان فك الارتباط.
وعقدت الصين والولايات المتحدة، 5 جولات من المحادثات التجارية، منذ أن كشف ترمب عن أعلى رسوم جمركية أميركية منذ ثلاثينيات القرن الماضي في أبريل، والتي انتهت بمواجهة الصادرات الصينية إلى أميركا ضريبة بنسبة 55%.
وربما يكون تخفيف هذه الضريبة، التي تتراكم فوق رسوم “يوم التحرير”، بمثابة نعمة للدولة الآسيوية فيما يتسم الطلب المحلي بالضعف.
تفاؤل أميركي باجتماع “مثمر” بين ترمب وشي
وقال مسؤولون أميركيون، الأحد، إن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تضع الأسس لعقد “اجتماع مثمر للغاية” بين الرئيسين الأميركي والصيني في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وتسعى بكين وواشنطن إلى تهدئة حدة الحرب التجارية بعد أن هدد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة على السلع الصينية رداً على توسيع الصين لضوابط التصدير على المغناطيسات والمعادن الأرضية النادرة.
وقال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، في مقابلة مع برنامج Face The Press على شبكة NBC News: “أعتقد أن لدينا إطار عمل للزعيمين لعقد اجتماع مثمر للغاية لكلا الجانبين”.
وأضاف بيسنت في وقت لاحق، الأحد، في مقابلة مع برنامج Face the Nation، على شبكة CBS News: “ناقشنا مجموعة واسعة من القضايا، تشمل المعادن النادرة، والمغناطيسات الأرضية، والتجارة، والمشتريات الكبيرة من المنتجات الزراعية الأميركية، ومساعدة الصينيين لنا في أزمة الفنتانيل”.
وجاءت تصريحات مماثلة لتصريحات الممثل التجاري الأميركي، جيميسون جرير، في وقت سابق، بعد اجتماعه بنظرائه الصينيين في كوالالمبور، حيث قال للصحافيين إن المفاوضين “وصلوا إلى نقطة حيث سيعقد القادة اجتماعاً مثمراً للغاية”.
بدوره أعرب الرئيس الأميركي ترمب، عن ثقته في قدرة المفاوضين الأميركيين والصينيين على التوصل إلى اتفاق يوقف دورة الرسوم الجمركية المتبادلة والإجراءات الانتقامية فيما يتعلق بالرقابة على الصادرات التي اتسمت بها العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين منذ أبريل.
وقال ترمب للصحافيين في ماليزيا، الأحد: “أعتقد أننا سنحصل على اتفاق جيد مع الصين. أعتقد أننا إذا توصلنا إلى اتفاق، فسيكون ذلك رائعاً بالنسبة للصين ورائعاً بالنسبة لنا”.
وفي أول زيارة له إلى آسيا خلال فترة ولايته الثانية، وصل ترمب إلى ماليزيا صباح الأحد لحضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان”. وهذه هي محطته الأولى في جولة آسيوية تستغرق خمسة أيام من المتوقع أن تشمل لقاءً ثنائياً مع شي في كوريا الجنوبية.
من جانبها، وصفت بكين المحادثات التي أجراها المفاوضين التجاريين من كلا البلدين على مدى يومين بأنها “صريحة ومعمقة وبناءة”، وفق بيان صادر عن وزارة التجارة الصينية، الأحد.
وأشار البيان، إلى أن المحادثات التي استمرت ليومين أرست أساساً لاجتماع ناجح بين ترمب وشي في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مضيفاً: “لقد توصل الجانبان إلى توافق أساسي في الآراء بشأن الترتيبات اللازمة لمعالجة مخاوف كل منهما”.
نتائج إيجابية للمحادثات
من المتوقع أن يوقع شي وترمب على شروط الاتفاق هذا الأسبوع في كوريا الجنوبية، عندما يجلسان وجهاً لوجه، للمرة الأولى منذ عودة الرئيس الأميركي إلى البيت الأبيض في يناير الماضي. وقد يكشف ذلك الاجتماع عن تفاصيل بشأن قضايا مثل مشتريات الصين من فول الصويا الأميركية، وخطط واشنطن لفرض رسوم شحن على السفن الصينية، وضوابط بكين على تصدير المعادن النادرة.
وارتفع مؤشر “هانج سنج تشاينا إنتربرايزز” بنسبة وصلت إلى 1.3%، الاثنين، في حين ارتفع مؤشر MSCI AC لآسيا والمحيط الهادئ الأوسع نطاقاً بنسبة 1.5% مسجلاً رقماً قياسياً جديداً خلال اليوم. وارتفعت عوائد السندات الحكومية الصينية لأجل 10 سنوات، حيث تراجع الطلب على أصول الملاذ الآمن بعد النتائج الإيجابية للمحادثات التجارية.
وكتب الخبراء الاقتصاديون في “بلومبرغ”، تشانج شو، وديفيد كو، وجينيفر ويلش في مذكرة: “نتوقع أن يوافق الرئيسان على الاتفاق، لكن ليس من الواضح تماماً إذا كان سيؤدي إلى ارتياح دائم في الأسواق- يبدو أن الواقع الجديد للعلاقات الأميركية الصينية هو واقع خلافات متكررة وإصلاحات قصيرة الأجل”.
وأضافوا أنه من وجهة نظر الصين، فإن انخفاض الشكوك الخارجية سيوفر لصانعي السياسات الوقت للتركيز على دعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز اكتفائها التكنولوجي.
وكتب تينج لو، كبير الاقتصاديين الصينيين في شركة “نومورا” القابضة اليابانية في مذكرة، الاثنين، أن المستثمرين من كلا الجانبين يتعلّمون تقبل الوضع الطبيعي الجديد المتمثل في “التوتر والتصعيد والهدنة”.
وأضاف: “إنه لأمر جيد لأكبر اقتصادين في العالم، أن يخففا من حدة التوترات، لكننا نعتقد أن التنافس بين القوى العظمى سيتصاعد على الأرجح في المستقبل”.
أبرز بنود التفاوض في المحادثات التجارية الأميركية الصينية:
- الفنتانيل:
قال كبير المفاوضين الصينيين لي تشنج جانج إن البلدين توصلا إلى توافق بشأن مكافحة إنتاج الفنتانيل، وهو أحد أبرز أسباب وفيات القصر في أميركا، في حين قد تزيل واشنطن الرسوم الجمركية بنسبة 20% المفروضة على المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيعه. - فول الصويا:
أعلن وزير الخزانة الأميركي أن الصين ستشتري كميات كبيرة من فول الصويا الأميركي، بعد تراجع وارداتها من ولايات رئيسية مثل إلينوي وأيوا، رغم أنها كانت أكبر مشتر بقيمة 12.5 مليار دولار سنوياً. - العناصر الأرضية النادرة:
يتضمن إطار العمل تأجيل القيود الصينية على تصدير المعادن النادرة، لضمان استمرار وصول الولايات المتحدة إلى المواد المستخدمة في الصناعات العسكرية والتقنية مثل الهواتف والبطاريات. - تيك توك:
من المنتظر أن يوقع ترمب وشي اتفاقاً لنقل ملكية تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة إلى مجموعة استثمارية أميركية بقيادة رئيس شركة “أوراكل” لاري إليسون، ما يسمح باستمراره في العمل داخل الولايات المتحدة التي تضم أكثر من 170 مليون مستخدم.
وساهمت القيود المفروضة على الصادرات التي أعلنها مسؤولون أميركيون خارج هذا الإطار، إلى عرقلة النظام عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة، ما دفع بكين إلى التشويش على سلسلة إمداداتها من العناصر الأرضية النادرة التي تعد عنصراً حيوياً لقطاعات تصنيع أميركية.
ورجحت “بلومبرغ”، أن أحد المجالات المحتملة لتحقيق مكاسب سريعة هو الرسوم الجمركية بنسبة 20% التي فرضتها الولايات المتحدة على بكين للضغط على السلطات لوقف تدفق المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة مخدر الفنتانيل القاتل.
