قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي إن إيران لا تقوم حالياً بتخصيب اليورانيوم بشكل نشط، غير أن الوكالة رصدت تحركات قرب مواقع تخزين مواد نووية داخل البلاد، فيما نقلت شبكة “CNN” عن مصادر استخباراتية أوروبية أن طهران تسرع في إعادة بناء برنامجها للصواريخ الباليستية، رغم إعادة فرض العقوبات الأممية، في سبتمبر.

وأوضح جروسي، في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” أنه على الرغم من عدم تمكّن المفتشين من الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية، إلا أن الوكالة لم ترصد عبر صور الأقمار الاصطناعية أي مؤشرات على تسريع إيران إنتاجها من اليورانيوم المخصب بما يتجاوز المستويات التي كانت لديها قبل الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل في يونيو.

وأضاف جروسي: “مع ذلك، فإن المواد النووية المخصبة بنسبة %60 لا تزال موجودة داخل إيران”، وتابع: “هذه من النقاط التي نناقشها حالياً، لأن علينا أن نعود إلى هناك لنتأكد من أن تلك المواد لا تزال في مكانها، ولم تُحول إلى أي استخدام آخر”.

وأوضح جروسي أن المفتشين لاحظوا تحركات في محيط المواقع التي تُخزن فيها هذه المواد، مشيراً إلى أن “من دون السماح بمزيد من الوصول الميداني، تضطر الوكالة للاعتماد على صور الأقمار الاصطناعية وهي محدودة الدقة”.

وحذّر جروسي من أن مخزون إيران الحالي من اليورانيوم المخصب يمكن أن يتيح لها إنتاج ما يصل إلى 10 قنابل نووية إذا قررت تحويل برنامجها النووي إلى أغراض عسكرية. 

وأكد جروسي أن الوكالة تجري عمليات تفتيش لكنها ليست في المواقع الثلاثة التي قصفتها الولايات المتحدة في يونيو، وفق وكالة رويترز.

وأضاف للصحافيين في نيويورك: “نحاول إعادة ترتيب الأمور، ونجري عمليات تفتيش، ليس في كل المواقع التي ينبغي لنا القيام بالتفتيش فيها، لكننا نعود تدريجياً”، موضحاً: “لا نفتش الأماكن المتضررة.. ونحن في نقاش مع إيران”.

وتؤكد إيران منذ سنوات أن برنامجها النووي سلمي بالكامل، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الغربية تقول إن طهران كانت تدير برنامجاً منظماً لتصنيع الأسلحة النووية حتى عام 2003.

وكانت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية وقعتا الشهر الماضي في القاهرة اتفاقاً يمهد الطريق لاستئناف التعاون بين الجانبين، بما في ذلك إعادة تفعيل عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن هذا الاتفاق لم يُنفذ بعد، وفق “أسوشيتد برس”.

وجاء هذا الاتفاق بعد أن علّقت إيران كل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب الحرب مع إسرائيل، والتي شنّت خلالها مع الولايات المتحدة ضربات على عدد من المواقع النووية الإيرانية.

ومنذ توقيع الاتفاق، أُعيد فرض سلسلة من العقوبات الأممية على إيران بسبب ما وصفته الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي لعام 2015 بأنه عدم امتثال إيران لالتزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى جانب انهيار مفاوضات السلام مع الولايات المتحدة.

وقد زاد ذلك من تعقيد العلاقة الهشة بين الوكالة الدولية وإيران، لكن جروسي أكد أن مفتشين تابعين للوكالة موجودون حالياً داخل الأراضي الإيرانية اعتباراً من الأربعاء.

إيران تُكثف عمليات إعادة بناء برنامجها الصاروخي 

من جانبها، نقلت شبكة “CNN” الأميركية عن مصادر استخباراتية أوروبية قولها إن إيران تعمل على تسريع إعادة بناء برنامجها للصواريخ الباليستية، رغم إعادة فرض العقوبات الأممية، في سبتمبر، والتي تحظر بيع الأسلحة لطهران أو ممارسة أي أنشطة متعلقة بالصواريخ.

وقالت المصادر إن عدة شحنات من مادة بيركلورات الصوديوم، وهي المكوّن الرئيسي في إنتاج الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ متوسطة المدى، وصلت من الصين إلى ميناء بندر عباس الإيراني منذ تفعيل آلية “سناب باك” أي إعادة فرض العقوبات في نهاية سبتمبر الماضي.

ووفقاً للمصادر، بدأت الشحنات في 29 سبتمبر، وتضمنت 2000 طن من مادة “بيركلورات الصوديوم”، اشترتها إيران من موردين صينيين بعد حربها القصيرة مع إسرائيل في يونيو، في محاولة لتعويض النقص في ترسانتها الصاروخية.

وتخضع بعض السفن والكيانات الصينية المشاركة في الشحنات لعقوبات أميركية.

وذكرت CNN أن السفن المستخدمة في النقل منها “MV Basht” و”Barzin” و”Elyana” و”Artavand”، عادت مراراً بين الموانئ الصينية والإيرانية خلال الأشهر الماضية، مشيرة إلى أن بعضها أوقف أنظمة التتبع لتجنّب المراقبة، لكنها أضافت أن “ليس من الواضح ما إذا كانت بكين على علم بهذه العمليات”.

وبشأن هذه المعاملات، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إنه على الرغم من “عدم اطلاعه على التفاصيل الدقيقة للوضع”، إلا أن بلاده “تلتزم بضوابط التصدير وفق التزاماتها الدولية”، واعتبر أن إعادة فرض العقوبات على إيران “خطوة غير بناءة” و”انتكاسة خطيرة” للجهود الدبلوماسية بشأن الملف النووي الإيراني.

وذكرت CNN أن تكثيف الشحنات منذ الحرب الأخيرة، التي دمرت خلالها إسرائيل نحو ثلث منصات الصواريخ الإيرانية، يعكس اندفاعاً متجدداً من طهران لإعادة التسلّح.

وأوضح مدير مشروع منع الانتشار النووي في شرق آسيا بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية، جيفري لويس، أن “إيران تحتاج كميات أكبر بكثير من “بيركلورات الصوديوم” لتعويض الصواريخ التي أُطلقت أو دُمّرت”، مشيراً إلى أن 2000 طن تكفي لإنتاج نحو 500 صاروخ فقط، بينما كانت إيران تخطط لإنتاج 200 صاروخ شهرياً قبل الحرب.

في المقابل قال تونج تشاو، الزميل البارز في برنامج السياسات النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن موقف الصين من الوضع القانوني لإعادة فرض العقوبات قد يرتبط بنظرة سلطاتها إلى شحنات السلاح أو المواد ذات الصلة.

أضاف تشاو أن “الصين إلى جانب روسيا وإيران ندّدت بشرعية إعادة فرض العقوبات (سناب باك) في رسالةٍ مشتركة إلى الأمم المتحدة بتاريخ 18 أكتوبر الجاري”، ما يشير إلى أن بكين على الأرجح لا تعتبر نفسها مُلزمة بهذه الإجراءات المعاد فرضها”.

وأوضحت CNN أن الصين تظل الحليف الاقتصادي والدبلوماسي الأهم لإيران، ورغم العقوبات الأميركية، تواصل بكين شراء معظم صادرات النفط الإيرانية، مستخدمة شبكات شحن وشركات واجهة وهمية مقرها مدينة داليان الصينية.

وختمت الشبكة الأميركية بالقول إن استمرار هذه الشحنات، على الرغم من العقوبات، يشير إلى ثغرات في منظومة تطبيق العقوبات الأممية، واستعداد طهران وبكين للتعامل خارج الإطار الرسمي فيما يتعلق ببرنامج الصواريخ الإيراني.

شاركها.