حسن الستري

يناقش مجلس النواب في جلسته المقبلة، تقرير لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بخصوص المرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون المرور، والمتضمن تغليظ العقوبات الواردة على الجرائم المرورية، وعلى الأخص في جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ نتيجة حادث مروري.

ويأتي المرسوم نظراً للتزايد الملحوظ في معدلات الحوادث المرورية الجسيمة، وذلك وفقاً للإحصائيات الأمنية الرسمية، وقصور النصوص القانونية في تحقيق الردع الكافي في مستوى العقوبات أو نطاق سريانها، ومواكبة التغيرات المتسارعة في البيئة المرورية؛ وذلك في ظل التوسع العمراني والنمو السكاني وازدياد أعداد المركبات، والحاجة الملحة إلى تمكين الجهات المختصة في إنفاذ القانون من أدوات قانونية نافذة وفعالة تتيح سرعة الردع وحسن التطبيق، وعلى الأخص منها وزارة الداخلية والنيابة العامة، وذلك بسبب ما تعانيه من صعوبات عملية في التصدي الفعّال للمخالفات الجسيمة، ووجود خلل مجتمعي متمثل في التعدي على بعض الحقوق المكفولة في الدستور والقانون، مثل الحق في الحياة وحق الإنسان في سلامة بدنه، وذلك من خلال المخالفات المرورية التي تشهدها الساحة في الآونة الأخيرة، والتي تهدد من سلامة سائقي المركبات، مما يستدعي تغليظ العقوبات الواردة على الجرائم المرورية.

وأوضحت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أنها تتفق من حيث المبدأ مع مبررات إصدار المرسوم بقانون، حيث إن الإحصاءات الأمنية الرسمية قد أظهرت تزايداً ملحوظاً في معدلات الحوادث المرورية الجسيمة، وتؤكد المؤسسة كأصل عام أن للمشرع سلطة تقديرية يمارسها في المفاضلة بين البدائل المختلفة لاختيار الأنسب لمصلحة الجماعة وأكثرها ملائمة في خصوص الموضوع الذي يتناول التنظيم.

ورأت المؤسسة أن تشديد العقوبات المرورية الواردة في المرسوم بقانون جاءت لمقاصد وأهداف تتمثل في إيجاد حالة من الاستقرار وتحقيق الردع عن ارتكاب هذا النوع من الجرائم، بالإضافة إلى المساعدة في التقليل منها لخطورتها الإجرامية على الفرد والمجتمع، وهو لا يُعدّ من قبيل التشديد التحكمي الذي يترك أثراً على تمتع الأفراد بالحقوق والحريات الأساسية لهم.

وبينت أن التعديلات المقترحة لا تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان وفقاً لما أوردته الصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان ذات الصلة.

إلى ذلك، أكدت وزارة الداخلية أن حالة الضرورة في إصدار المرسوم بقانون تمثلت في أنّ الإحصائيات الأمنية والمعطيات الميدانية قد أظهرت تزايداً ملحوظاً في معدلات الحوادث المرورية الجسيمة، وما نجم عنها من خسائر بشرية ومادية فادحة.

وبينت أن المرسوم بقانون يهدف إلى تشديد العقوبات المقررة على الحوادث المرورية الناشئة عن السرعة أو الرعونة أو السياقة تحت تأثير المسكر أو المواد المخدرة.

وذكرت أنه تم إفراد نصوص عقابية جديدة في قانون المرور، إذ كانت هذه العقوبات منصوصاً عليها في قانون العقوبات فقط، وذلك لوحدة الموضوع.

ولفتت إلى أن عبارة «القيادة بصورة غير آمنة» المنصوص عليها في المادة (47 مكرراً)، تعني كل سلوك يخالف المألوف، وتشمل جميع السلوكيات الطائشة من مستخدم الطريق التي لا يمكن تحديدها أو حصرها بدقة في نصوص القانون، فإن الهدف من استعمال العبارة المذكورة جاءت لتمكن القاضي من تفسير وتطبيق النص بصورة واسعة، بحيث تشمل كافة صور القيادة المتهورة التي تخرج عن الإطار المألوف المعتاد في الطريق.

كما بينت أن حاجب الرؤية (الرايبون) له تنظيم خاص في قانون المرور ولائحته التنفيذية، ويندرج تحت شروط الأمن والمتانة وسلامة البيئة، ولا يدخل ضمن نطاق البند (19).

كما يناقش المجلس تقرير لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بخصوص المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976، والمتضمن تغليظ العقوبات المقررة على جرائم القتل والإصابة الخطأ.

ووفقا وفقاً لمذكرة هيئة التشريع والرأي القانوني، فإن مبررات إصدار المرسوم تتمثل في ردم الفجوة التي قد تحدث إبان التغاير في العقوبة المقررة لجريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ والتي تكون ناتجة عن ظروف مشابهة لتلك الواردة في قانون المرور، مما قد يفرز تبايناً تشريعياً واضحاً، يتمثل في عدم اتساق العقوبات بين ما قرره المرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام قانون المرور وما هو وارد في قانون العقوبات بشأن جرائم القتل الخطأ والإصابة الخطأ، الأمر الذي سيؤدي إلى ازدواج المعايير العقابية وخلق تناقض في التطبيق.

وبينت الهيئة أن الضرورة تحتم سرعة تعديل قانون العقوبات ليتماشى مع الاتجاه التشريعي الحديث في قانون المرور، ويعيد الانسجام إلى المنظومة العقابية الوطنية تحقيقاً لوحدة المعايير وتكافؤ العقوبات، الأمر الذي يتطلب وحدة النسيج التشريعي في القوانين العقابية.

ونوهت الهيئة أن استمرار العمل بالنصوص الحالية التي تتباين في تقدير العقوبة للفعل ذاته، يعد إخلالا بمبدأ المساواة أمام القانون وانحرافاً عن مقتضيات العدالة العقابية، لذلك فإن تدارك هذا الخلل يمثل ضرورة قانونية عاجلة.

وأفادت وزارة الداخلية بأن بعض الحوادث المرورية التي تقع عن طريق الخطأ وتنتج عنها وفاة، تخضع لعقوبة الحبس أو الغرامة، وذلك لعدم اقترانها بظروف مشددة.

ويختلف ذلك عن الحالات التي تقع فيها الجريمة مقترنة بظروف مشددة كحالة السُكر أو تعاطي المواد المخدرة أو تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، وينتج عنها وفاة، حيث تُطبق في هذه الحالات العقوبات المشددة، ويُحال مرتكبها إلى الحبس الوجوبي.

كما يناقش المجلس تقرير اللجنة الخارجية بشأن المرسوم بقانون رقم (32) لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002.

ويتضمن المرسوم رفع سقف نصاب الغرامات التي يجوز فيها إصدار الأمر الجنائي لكل من قاضي المحكمة الصغرى وعضو النيابة العامة، بحيث يخول لقاضي المحكمة الصغرى إصدار الأمر الجنائي في الجنح التي لا يوجب القانون فيها الحكم بالحبس، أو التي يجاوز الحد الأدنى للغرامة المقررة لها ثلاثة آلاف دينار، ويخول لعضو النيابة العامة إصدار الأمر الجنائي في الجنح التي يعاقب عليها بالحبس جوازياً لمدة لا تجاوز سنة، أو بالغرامة التي يزيد حدها الأدنى على ألفي دينار.

ووفقاً لمذكرة هيئة التشريع والرأي القانوني، فإن مبررات إصدار المرسوم بقانون تتمثل في تحقيق متطلبات العدالة الناجزة وبالتزامن مع التعديلات التي تم إجراؤها على قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 فيما يتعلق بتغليظ العقوبات المالية المقررة على جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ والتي تتعلق بتقرير الحماية من المساس بحق الإنسان في الحياة وسلامة بدنه، والتعزيز من كفاءة الأجهزة العدلية في البلاد وذلك من خلال رفع سقف نصاب الغرامات التي يجوز فيها إصدار الأمر الجنائي من عضو النيابة أو قاضي المحكمة الصغرى وتوسيع صلاحياتهم، وتسريع الفصل في القضايا البسيطة دون المساس بضمانات المحاكمة العادلة وتخفيف العبء عن كاهل المحاكم وتسهيل إجراءات التقاضي، ومواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على التناسب بين الجريمة والعقوبة.

من جهتها، أكدت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أن التعديل المشار إليه يتماشى مع التعديلات المقررة في قانون المرور وقانون العقوبات تحقيقاً للتوافق التشريعي، والهدف من زيادة سقف الأمر الجنائي هو التوسع في تطبيقه لسرعة البت في القضايا البسيطة التي لا يكون فيها الحبس وجوبياً دون المساس بضمانات المحاكمة العادلة كما يهدف إلى التخفيف من الأعباء على المحاكم وتحقيق العدالة الناجزة، وتخويل النيابة العامة سلطة إصدار الأمر الجنائي في الجرائم التي لا يكون فيها الحبس وجوبياً ولا تزيد مدته على سنة، ويكون الحد الأدنى للغرامة زائداً عن ألفي دينار.

شاركها.