محرر الشؤون المحلية
وزير خارجية التشيك: الدعوة لشراكة بين أوروبا والمنطقة تقوم على الاستثمار والاستقرار وزير الدفاع الهولندي: “أسطول الظل” تستخدمه دول للالتفاف على العقوبات ويشكّل خطراً أمنياً أسامة مبارز: منتدى غاز شرق المتوسط يسعى لتحويل الطاقة من أداة نزاع إلى تكامل المتحدثون: الطاقة لم تعد قضية اقتصادية بل أصبحت ركيزة الأمن العالمي والسيادة
شهدت الجلسة العامة الثالثة من فعاليات حوار المنامة 2025، والتي حملت عنوان “الجغرافيا السياسية للطاقة: التكنولوجيا والتجارة والقوة” نقاشاً معمّقاً حول الجغرافيا السياسية للطاقة، بمشاركة نخبة من الوزراء، تناولوا فيها التحولات المتسارعة في مشهد الطاقة العالمي، والتحديات الأمنية والاقتصادية المصاحبة له، ودور التكنولوجيا والتعاون الدولي في ضمان أمن الإمدادات والاستقرار السياسي.
من جانبه، أكد وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي أن أوروبا تعلّمت درساً قاسياً بعد حرب أوكرانيا، حين أدركت أن الطاقة ليست سلعة اقتصادية فقط، بل سلاحاً استراتيجياً يمكن استخدامه ضدها.
وبيّن أن بلاده أنهت اعتمادها الكامل على النفط والغاز الروسيين بحلول عام 2023، بعد إنشاء خطوط بديلة عبر إيطاليا والنمسا وألمانيا، إلى جانب تنويع مصادر الوقود النووي.
وأشار إلى أن التجربة التشيكية تقدم نموذجاً يثبت أن الجغرافيا ليست عائقاً أمام الاستقلال في مجال الطاقة، في إشارة إلى أن بلاده دولة غير ساحلية استطاعت تجاوز القيود الجغرافية عبر الشراكات الإقليمية والاستثمار في البنية التحتية.
وشدّد ليبافسكي على أهمية التنويع والتعاون الأوروبي في مجال الطاقة، داعياً إلى شراكة استراتيجية بين أوروبا والشرق الأوسط تقوم على الاستثمار والاستقرار والتنبؤ.
من جهته، أكد وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز أن سياسة الطاقة اليوم هي سياسة أمنية ودفاعية، وأن الاعتماد على موارد الطاقة يمكن أن يُستخدم “كسلاح ضغط عسكري وسياسي.
وأشار إلى أن الترابط في سلاسل التوريد البحرية والموارد الحيوية بات عرضة للتهديد، لافتاً إلى ضرورة دمج أدوات السياسة الخارجية والدفاع والاستخبارات والطاقة ضمن استراتيجية موحدة.
وحذّر من ظاهرة “أسطول الظل” الذي تستخدمه بعض الدول للالتفاف على العقوبات، مؤكداً أنه يشكّل خطراً بيئياً وأمنياً كبيراً، ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي لمراقبته وتبادل المعلومات بشأنه.
ولفت إلى التحديات المتزايدة في الأمن البحري والبنية التحتية تحت الماء، التي تمر عبرها 95% من البيانات العالمية، مشدداً على أهمية الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا لتعزيز المرونة والدفاع عن هذه الشبكات الحيوية.
بينما أوضح نائب وزير الطاقة الأمريكي جيمس ب. دانلي، أن الطاقة هي الأساس لكل ازدهار اقتصادي، مشيراً إلى أن رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقوم على الطاقة الوفيرة والآمنة والميسورة التكلفة، وليس على التحول الطاقي فقط.
وذكر أن الولايات المتحدة تسعى إلى مضاعفة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال خلال الأعوام المقبلة لتلبية الطلب العالمي المتزايد، لافتاً إلى أن واشنطن تعمل على تطوير الطاقة النووية الصغيرة المعيارية بوصفها خياراً إستراتيجيا لمستقبل الطاقة النظيفة والمستقرة.
كما شدّد دانلي على أن أمن الطاقة هو أمن قومي، وأن ازدهار الشرق الأوسط والعالم يتطلب بناء شراكات قائمة على التجارة والسلام، مؤكداً أن أمريكا ترغب في أن تكون الشريك الأمثل لأصدقائها في المنطقة، وأنها تشجع الجميع على الاستفادة من التكنولوجيا الأمريكية في مجالات الطاقة النووية والمتجددة.
من ناحيته، تناول الأمين العام لمنتدى غاز شرق المتوسط أسامة مبارز، الأبعاد الإقليمية لموضوع الطاقة، مشيراً إلى أن منطقة شرق المتوسط رغم حساسيتها الجيوسياسية، تمتلك إمكانات هائلة من الغاز والطاقة المتجددة يمكن أن تجعلها “جسراً للتعاون بدل أن تكون بؤرة للتوتر”.
وأضاف أن منتدى غاز شرق المتوسط يسعى إلى تحويل الطاقة من أداة نزاع إلى أداة تكامل اقتصادي، عبر خلق فرص استثمارية عادلة للجميع وتعزيز التعاون في البنية التحتية وتبادل التكنولوجيا.
وأجمع المتحدثون على أن الطاقة لم تعد قضية اقتصادية فحسب، بل أصبحت ركيزة الأمن العالمي والسيادة الوطنية، وأن مستقبل العالم يعتمد على تنويع المصادر، تعزيز الشفافية، وبناء الشراكات العابرة للحدود لضمان أن تبقى الطاقة أداة ازدهار لا وسيلة صراع.
