يقترب الكونجرس هذا الأسبوع من تحطيم رقم قياسي لأطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، فيما سيبلغ وقف التمويل يومه الـ35 بحلول مساء الثلاثاء، متجاوزاً الإغلاق الجزئي الذي انتهى مطلع العام 2019، ووقع أيضاً خلال فترة رئاسة دونالد ترمب الأولى، وفق ما ذكرته مجلة “بوليتيكو”. 

وتجري حالياً محادثات بين أعضاء من الحزبين في مجلس الشيوخ، قد تسهم في كسر الجمود المستمر منذ أسابيع بين الجمهوريين والديمقراطيين، لكن المجلة استبعدت أن يتمكن أعضاء الكونجرس من التوصل إلى اتفاق يعيد فتح الحكومة قبل أن يتجاوز الجمود الحزبي الحالي رقماً جديداً في سجله.

وقالت “بوليتيكو” إنه حتى إذا نجح مجلس الشيوخ سريعاً في بلورة اتفاق، فلن يعود المشرعون إلى مبنى الكابيتول قبل مساء الاثنين، فيما أبلغ رئيس مجلس النواب مايك جونسون الأعضاء بأنهم سيحصلون على إخطار قبل 48 ساعة من موعد عودتهم إلى واشنطن للتصويت على أي مشروع قانون. 

وواجه المشرعون خلال نهاية الأسبوع واقعاً مريراً، إذ يواجه ملايين الأميركيين خطر فقدان المساعدات التي يحصلون عليها ضمن برنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP)، إلى جانب مزيد من إغلاقات مراكز التعليم المبكر، ونقص في مراقبي الحركة الجوية، وظهور مؤشرات أولية على ارتفاع أقساط التأمين الصحي مع اقتراب انتهاء صلاحية إعانات برنامج “أوباما كير”.

وقال جونسون في مقابلة، الجمعة، إنه “لأمر مخزٍ، مخزٍ للغاية، أن الديمقراطيين يصنعون التاريخ بهذه الطريقة. صدقاً، لم أكن أعتقد أن لديهم الجرأة لإلحاق هذا القدر من الألم بالناس دون أي اكتراث على الإطلاق”. 

انتخابات الثلاثاء.. نقطة تحول

ويشهد الثلاثاء، انتخابات في عدة ولايات، حيث يراقب الحزبان عن كثب نتائج سباقي حكام ولايتيْ فرجينيا ونيوجيرسي، إلى جانب انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، واستفتاء لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في كاليفورنيا.

ويراهن بعض الجمهوريين على أن زملاءهم الديمقراطيين سيكونون أكثر استعداداً للتصويت على حل مؤقت للتمويل بمجرد انتهاء هذه الأحداث السياسية الكبرى.

وقال السيناتور الجمهوري ماركواين مولين، الأسبوع الماضي: “سينتظرون لما بعد انتخابات الثلاثاء، وفوز مرشحهم في نيويورك سيحصلون على نيوجيرسي. ثم سيبحثون عن مخرج”، مُشيراً إلى زهران ممداني، الاشتراكي الديمقراطي الساعي لقيادة نيويورك، وإلى النائبة ميكي شيريل (ديمقراطية من نيوجيرسي) التي تخوض سباق منصب حاكمة الولاية.

وأضاف مولين: “سيظهرون أنهم خاضوا معركة قوية. لا يريدون القيام بذلك قبل الثلاثاء. لأنهم إذا فعلوا ذلك قبل الثلاثاء، فقد لا يحضر ناخبوهم؛ لأنه سيبدو وكأنهم تراجعوا”. 

واتفق زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون مع هذا التصور، قائلاً: “يبدو أن الثلاثاء نقطة تحول أخرى، ونأمل أن يتيح ذلك لبعض الأشخاص فرصة التصويت بنعم”. 

ويرفض الديمقراطيون فرضية أنهم “يماطلون” في التوصل إلى اتفاق بناءً على حسابات سياسية، إذ قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز الأسبوع الماضي: “خلال الثلاثين يوماً الماضية، كررنا الأمر نفسه مراراً وتكراراً: سنجلس مع الجمهوريين في أي وقت وأي مكان، لإعادة فتح الحكومة والعمل على اتفاق إنفاق يلبي فعلاً احتياجات الشعب الأميركي”. 

لكن الديمقراطيين باتوا أكثر تعرضاً للضغط خلال هذه المواجهة، بعدما اضطروا لمواجهة ردة فعل قاسية من قواعدهم في مارس الماضي، عندما قاد زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر عدداً من أعضاء كتلته لدعم تشريع جمهوري لتفادي الإغلاق.

ويسعى شومر وآخرون لاتفاق يتعلق بالرعاية الصحية ومسار لإطار تمويلي ثنائي قبل أن يمنحوا أصواتهم لإعادة فتح الحكومة. في المقابل، كثير من المشرعين الجمهوريين ليسوا مقتنعين بأن الإغلاق سينتهي بهذه السرعة.

توجيهات ترمب 

لكن ترمب كان خارج الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وما إن عاد حتى عطل محادثات “هشة” بين الأعضاء بنشر رسالة على منصة “تروث سوشيال” طالب فيها الجمهوريين في مجلس الشيوخ بإلغاء التعطيل التشريعي لتجاوز معارضة الديمقراطيين لحزمة التمويل التي مررها مجلس النواب. 

ولم تكن توصية ترمب بشأن إنهاء الإغلاق من النوع الذي كان يتوقعه المشرعون في أي من الحزبين من الرئيس. ومن غير المرجح أن يمتلك الجمهوريون في مجلس الشيوخ حالياً الأصوات اللازمة لتغيير قواعد المجلس، بحسب “بوليتيكو”.

ومن المرجح أن يتحول تسجيل رقم قياسي للإغلاق إلى نقطة سجال جديدة يستخدمها كل حزب لإدانة الآخر، لكنه أيضاً لقب لا يريد أي منهما تحمله، ما قد يدفع المشرعين لتسريع مساعيهم نحو التوصل إلى اتفاق.

وفي أواخر 2018، حين بدأ آخر إغلاق قياسي بسبب تمويل جدار ترمب الحدودي، كان المشرعون قد ثبتوا التمويل لعدد من الوكالات، بينها وزارة الدفاع، ما سمح باستمرار عمل بعض أجزاء الحكومة بشكل طبيعي وقلل الأثر الكامل لتوقف الاعتمادات. 

وسيحتاج المشرعون خلال الأيام المقبلة إلى تقييم التداعيات الكاملة لاستمرار الإغلاق. وبينما امتلأ الأسبوع الماضي بالتحذيرات من صعوبات مقبلة، يعتقد بعض أعضاء الكونجرس أن هذا الأسبوع قد يشهد لحظة إدراك حاسمة. 

شاركها.