تسبب حصار الوقود الذي يفرضه مسلحون مرتبطون بتنظيم “القاعدة” منذ شهرين في إصابة العاصمة المالية باماكو بالشلل التام تقريباً، ما يزيد الضغوط على الحكومة، ويثير المخاوف من أن الجماعات المتطرفة هناك قد تحاول في نهاية المطاف فرْض حكمهم على الدولة الواقعة في غرب إفريقيا.

وقال محللون أمنيون إن الجماعة المعروفة باسم “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، التي تنشط منذ أشهر على بُعد 50 كيلومتراً من باماكو، ليس لديها حالياً النية ولا القدرة العسكرية على الاستيلاء على المدينة البالغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، والتي هاجمتها لفترة وجيزة العام الماضي.

لكن الاستراتيجية التي تنتهجها الجماعة بحرمان باماكو تدريجياً من الوقود وإجبار المدارس على الإغلاق وحرمان الشركات من الكهرباء التي يتم توليدها بالديزل بمثابة التحدي الأكثر خطورة حتى الآن أمام السلطات الانتقالية التي تولت المسؤولية منذ انقلاب عام 2021.

وقال 6 محللين أمنيين ودبلوماسيين لوكالة “رويترز” إن الجماعة تهدف إلى إثارة انقلاب جديد على الأرجح. ومن شأن مثل هذا الانقلاب أن يكون الثالث في مالي منذ عام 2020، “ما يسمح لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين بجمع المزيد من الأسلحة والأموال”.

وعلى المدى الطويل، تسعى الجماعة إلى عقد مفاوضات إما مع الحكومة الحالية أو إدارة ما بعد الانقلاب، وهو ما سيمثّل نقطة تحول في سعيها للحصول على الشرعية السياسية، وذلك وفقاً لمذكرة صادرة عن شركة “كونترول ريسكس” نُشرت الأسبوع الماضي.

وجاء في المذكرة: “مع ممارسة نشاط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ضغوطاً غير مسبوقة على الحكومة، فإننا نحذّر من أن خطر انهيار النظام، سواء من خلال انقلاب أو شكل آخر من أشكال الأزمة السياسية، سيكون مرتفعاً للغاية خلال الأسابيع المقبلة”.

وفي خضم هذه التطورات، أطلقت عدة دول، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، عمليات إجلاء موظفيها الدبلوماسيين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من مالي، محذّرة من التدهور السريع في الوضع الأمني بباماكو، ودعت رعاياها إلى المغادرة في أقرب وقت ممكن.

وتشكّلت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” في عام 2017، إثر اندماج فصائل تابعة لـ”القاعدة”.

وتشن هذه الجماعات، المرتبطة بـ”القاعدة”، وأيضاً بتنظيم “داعش”، هجمات في مناطق واسعة من غرب إفريقيا، بما في ذلك النيجر وبوركينا فاسو ومالي، مع التوسع تدريجياً نحو دول أكثر استقراراً، مثل بنين وكوت ديفوار وتوجو وغانا، على ساحل خليج غينيا.

ويخشى مسؤولون غربيون بشكل متزايد، من احتمال أن تفرض “القاعدة” سيطرة فعلية على بوركينا فاسو أو مالي، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.

شاركها.