علي العايل
رغم أن سلطنة عُمان تُعد من الدول النفطية ذات الموارد الطبيعية المتنوعة، ورغم قلة عدد سكانها مقارنة بجيرانها في الخليج، إلا أن الواقع المعيشي للمواطن لا يعكس هذه الحقيقة. فالمفارقة المؤلمة أن يعيش الإنسان في بلد غني بالثروات، لكنه يواجه صعوبات الحياة اليومية كمن يعيش على هامش الثراء.
وفي القرى والمدن، تتجلى ملامح الضيق في وجوه الناس: شاب يبحث عن وظيفة فلا يجد، وأب يكدّ ليغطي نفقات أسرته وسط ارتفاع الأسعار وتآكل الدخل، وأسرة تُثقلها الديون رغم بساطة احتياجاتها. وفي المقابل، تتكدس الثروات والمنافع في أيدي قلة من المنتفعين والمقربين، في مشهدٍ يختزل معنى غياب العدالة في توزيع الثروة.
هذه ليست أزمة موارد بقدر ما هي أزمة إدارة وضمير. فالثروات موجودة، لكن ضعف التخطيط والبيروقراطية والفساد المقنَّع جعلها لا تصل إلى مستحقيها. وما لم تتوافر الشفافية والمساءلة والمحاسبة العادلة، فسيبقى الفقر يتسلل إلى بيوت الناس، مهما كثر النفط وتعددت المشاريع.
لقد أصبح من المعيب حقًا أن تدرج التقارير الأممية السنوية سلطنة عُمان في ذيل قوائم دول الخليج من حيث مستوى الدخل الفردي، وأن يُصنَّف مواطنها من الأقل دخلًا خليجيًا، رغم أن وطنه لا ينقصه المورد بل ينقصه العدل في توزيعه.
فليس الفقر في بلدٍ غني علامة على ضعف الموارد، بل على ضعف الإدارة.
المواطن العُماني لا يطلب المستحيل، ولا يبحث عن الرفاه الفاخر، بل يريد حياة كريمة تحفظ كرامته وإنسانيته: وظيفة تليق به، وسكن يؤويه، ورعاية صحية وتعليم لأبنائه، وعدالة تساوي بين الجميع.
هو يريد أن يرى وطنه يُدار بضمير، لا بمصالح ضيقة ولا بمحاباة؛ وأن يرى المال العام يُصرف حيث يجب.
فبناء الوطن لا يكون بالشعارات ولا بالمهرجانات، بل بالعدل أولًا.
والعدالة هي رأس المال الحقيقي الذي تبنى به الأوطان وتُصان به كرامة المواطن.