رصدت دراسة علمية حديثة، آثاراً إيجابية، لأدوية إنقاص الوزن من نوع مستقبلات GLP-1، على القلب والبنكرياس، إذ أظهرت دراسة موسعة باحثون من مؤسسة “إنترماونتن هيلث” في مدينة سالت ليك سيتي الأميركية، أن تلك الأدوية لا تزيد من خطر التهاب البنكرياس، أو المضاعفات القلبية لدى المرضى الذين يعانون من ارتفاع الدهون الثلاثية.
وركزت الدراسة على تقييم الأمان القلبي والبنكرياسي للأشخاص الذين يستخدمون أدوية من نوع مستقبلات GLP-1، والمعروفة الآن على نطاق واسع كأدوية لفقدان الوزن، خاصة لدى المرضى الذين لديهم مستويات عالية من الدهون الثلاثية.
استخدم الباحثون البيانات المستخرجة من سجلات المرضى الإلكترونية في الفترة بين يناير 2006 وأبريل 2025، لتحديد المرضى الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاماً ويعانون من مرض السكري من النوع الثاني، أو لديهم مؤشر كتلة جسم يزيد عن 27.
وركز التحليل على مرضى فرط الدهون الثلاثية الشديد، الذين كانت لديهم مستويات دهون ثلاثية تزيد عن 500، إذ يمثل هذا العامل خطراً معروفاً للإصابة بالتهاب البنكرياس، ما يجعل بعض الأطباء مترددين في وصف أدوية GLP1RA (أوزمبيك ومونجارو) لهذه الفئة.
وجد الباحثون أن استخدام أدوية GLP1RA لم يكن مرتبطاً بزيادة خطر التهاب البنكرياس لدى المرضى الذين تم وصف الدواء لهم، سواء كانت لديهم مستويات مرتفعة من الدهون الثلاثية أم لا.
وأظهر التحليل، أن المرضى الذين لم يصابوا من قبل بالتهاب البنكرياس ويتناولون أدوية GLP1RA، لديهم خطر أقل بمقدار أربع مرات لتطوير الحالة مقارنة بمن لم يستخدموا هذه الأدوية، ما يشير إلى أن هذه الأدوية قد توفر حماية وقائية ضد الإصابة بالتهاب البنكرياس لأول مرة.
مؤشرات إيجابية
وأوضحت المؤلفة الرئيسية للدراسة ليسلي إيفرسون، اختصاصية الوقاية القلبية والبحوث في “إنترماونتن هيلث”، أن التهاب البنكرياس حالة مؤلمة للغاية، ويمكن أن تكون قاتلة، وأن نتائج الدراسة تعكس بوضوح عدم وجود علاقة سلبية بين استخدام أدوية فقدان الوزن وارتفاع الدهون الثلاثية من جهة، وبين خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس من جهة أخرى. وأضافت أن النتائج تحمل مؤشراً إيجابياً إضافيا بأن هذه الأدوية قد تساعد في منع حدوث التهاب البنكرياس في المقام الأول، وهو ما يمثل تقدماً كبيراً في فهم الأمان السريري لهذه الفئة من الأدوية.
حلل الباحثون أكثر من 364 ألف سجل لمريض ضمن الدراسة، ووجدوا أن حوالي 4 آلاف مريض فقط، أي ما يعادل 1.1%، قد وصف لهم دواء GLP1RA. وبالرغم من هذا العدد المحدود، لم يظهر أي ارتفاع في معدلات التهاب البنكرياس بين مستخدمي الدواء، بما في ذلك المرضى الذين لديهم مستويات دهون ثلاثية تزيد عن 500.
وشددت الدراسة على أن ارتفاع الدهون الثلاثية الشديد لا ينبغي أن يكون عائقا أمام استخدام هذه الفئة الدوائية إذا كان المريض سيستفيد منها لأسباب علاجية أخرى، مثل السيطرة على السكري أو فقدان الوزن.
الفائدة السريرية لأدوية GLP1RA تمتد لتشمل خفض مستويات الدهون الثلاثية وتحسين المؤشرات القلبية، مما يعكس دوراً مزدوجاً في الوقاية من مضاعفات القلب والبنكرياس
إيفرسون أشارت إلى أن الأطباء لاحظوا أيضاً انخفاضاً في مستويات الدهون الثلاثية لدى المرضى الذين تناولوا أدوية GLP1RA، وهو ما يتوافق مع معرفة الباحثين بأن هذه الأدوية تعالج المشكلات المترتبة على السكري والسمنة، والتي تعد من العوامل التي ترفع الدهون الثلاثية. وأوضحت أن هذا التأثير الإيجابي يساهم في تعزيز الصحة القلبية والتمثيل الغذائي للمرضى، ويعزز استخدام هذه الأدوية كخيار آمن وفعال ضمن خطط إدارة الوزن والوقاية من مضاعفات أمراض القلب.
ركزت الدراسة على الفئة الأكثر عرضة لمضاعفات البنكرياس والأحداث القلبية، مما يعزز أهمية نتائجها في توسيع نطاق العلاج للأشخاص ذوي الدهون الثلاثية المرتفعة. وأكد الباحثون أن التحليل الشامل لمجموعة كبيرة من المرضى على مدار فترة طويلة أتاح لهم استخلاص استنتاجات دقيقة حول الأمان، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل الخطر المتعددة المرتبطة بالسكري والسمنة وارتفاع الدهون الثلاثية.
أشارت نتائج الدراسة إلى أن استخدام أدوية GLP1RA، لم يكن مرتبطاً بزيادة المخاطر القلبية، بما في ذلك النوبات القلبية أو مضاعفات القلب الأخرى. وأظهرت البيانات أن المرضى الذين تناولوا هذه الأدوية لم يسجلوا أي زيادة في الأحداث السلبية مقارنة بالمرضى الذين لم يتلقوا العلاج، مما يعزز المصداقية العلمية للدواء كخيار علاجي آمن حتى لدى الفئات الأكثر عرضة للخطر.
تابع الباحثون المرضى الذين لديهم فرط الدهون الثلاثية الشديد بشكل خاص، ووجدوا أن استخدام أدوية GLP1RA قلل من خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس بشكل ملحوظ. وأوضح التحليل أن هذه الفائدة الوقائية ظهرت بشكل أكبر لدى المرضى الذين لم يصابوا بالتهاب البنكرياس من قبل، مما يشير إلى أن الدواء يمكن أن يلعب دوراً في الوقاية المبكرة، وليس فقط العلاج بعد الإصابة.
أكدت الدراسة على أهمية عدم حصر استخدام أدوية GLP1RA على المرضى منخفضي المخاطر فقط، وأن دمج هذه الأدوية في برامج إدارة الوزن للمرضى ذوي الدهون الثلاثية المرتفعة قد يعزز الصحة العامة، ويقلل من المضاعفات المحتملة لكل من البنكرياس والقلب. وأوضحت النتائج أن الفائدة المزدوجة في خفض الوزن وتقليل الدهون الثلاثية قد تساهم في تحسين النتائج القلبية والتمثيل الغذائي على المدى الطويل.
سلطت الدراسة الضوء على الدقة في إدارة الأدوية الحديثة، وأكدت أن المراقبة الدورية لحالة المرضى واختبارات الدم المنتظمة تساعد على ضمان استخدام آمن وفعال لأدوية GLP1RA. وشدد الباحثون على أن هذه الأدوية لا ترفع خطر المضاعفات الخطيرة، بل على العكس، يمكن أن توفر حماية إضافية للمرضى المعرضين لخطر التهاب البنكرياس أو مشكلات القلب المرتبطة بالدهون الثلاثية العالية.
اختتمت الباحثة إيفرسون، بالإشارة إلى أن النتائج تمثل خطوة مهمة نحو توسيع خيارات العلاج للأشخاص الذين يحتاجون إلى فقدان الوزن مع وجود مخاطر صحية إضافية مثل ارتفاع الدهون الثلاثية، مؤكدة أن هذه النتائج ستساعد الأطباء في اتخاذ قرارات علاجية أكثر ثقة وأماناً. وأضافت أن نشر هذه النتائج في الجلسات العلمية الأميركية للقلب يعكس أهميتها، ويؤكد دورها في تحسين الممارسات العلاجية المعتمدة على الأدلة.
الحد من مضاعفات السمنة والسكري
أكدت الدراسة أيضاً أن النتائج تحمل دلالات مهمة للسياسات الصحية العامة، حيث يمكن أن يسهم اعتماد أدوية GLP1RA بشكل أوسع في برامج فقدان الوزن للمرضى ذوي الدهون الثلاثية المرتفعة في الحد من المضاعفات الصحية المرتبطة بالسكري والسمنة، بما يعزز جودة الحياة، ويقلل من الحاجة للتدخلات الطبية الطارئة المرتبطة بمشكلات البنكرياس والقلب.
أشارت الدراسة إلى أن مراقبة المرضى على المدى الطويل وفحص تأثيرات الأدوية بشكل مستمر أساسي لضمان الأمان، كما أن دمج هذه الأدوية ضمن استراتيجيات إدارة الوزن والتحكم بالسكري يمكن أن يحسن النتائج الصحية على نطاق واسع. وأكد الباحثون أن النتائج تقدم دليلاً قوياً على أن الخوف من مضاعفات البنكرياس أو الأحداث القلبية لا ينبغي أن يمنع وصف أدوية GLP1RA للمرضى المؤهلين، بل على العكس، يمكن أن توفر لهم حماية مزدوجة وفعالة.
شددت الدراسة على أن الفائدة السريرية لأدوية GLP1RA تمتد لتشمل خفض مستويات الدهون الثلاثية وتحسين المؤشرات القلبية، مما يعكس دوراً مزدوجاً في الوقاية من مضاعفات القلب والبنكرياس. وأكد الباحثون أن النتائج تعزز الثقة في استخدام هذه الأدوية حتى لدى الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، وتوفر بيانات قوية لدعم الممارسة السريرية القائمة على الأدلة.
