أوقف المسؤولون الأوروبيون، محادثات إعادة ضبط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، بعد خلافات بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن مدفوعات بريطانيا للتكتل، حسبما أوردت “بوليتيكو”.

وبحسب النسخة الأوروبية من المجلة، فقد فشل سفراء الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد، الجمعة، في بدء مفاوضات ربط نظامي تداول الانبعاثات ETS، بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى محادثات حول اتفاقية زراعية غذائية. ومن المقرر استئناف المحادثات، الثلاثاء المقبل.

واتفقت بريطانيا والاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ على التفاوض بشأن هذين الموضوعين في قمة عُقدت في مايو الماضي. ولكن لا يمكن للمحادثات أن تبدأ فعلياً إلا بموافقة الدول الأعضاء.

ويُمثل هذا التأخير انتكاسة للمفاوضين البريطانيين، الذين كانوا يأملون في إبرام اتفاقية نظام تداول الانبعاثات قبل أن يُطبّق الاتحاد الأوروبي نظامه الضريبي الجديد على انبعاثات الكربون الحدودية في العام الجديد.

وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية ديسمبر المقبل، ستتأثر الشركات البريطانية التي تُصدر سلعاً كثيفة الكربون إلى الاتحاد الأوروبي، مثل الصلب والأسمنت، بالضرائب اعتباراً من الأول من يناير المقبل 2026.

وأكد دبلوماسي أوروبي مُطلع على محادثات الجمعة، وجود خلافات حول المبلغ الذي يتعين على بريطانيا دفعه للمشاركة في السوق الأوروبية الموحدة.

وأكد مسؤول ثانٍ، أن هناك “حساسية سياسية” بشأن هذه القضية، مع مخاوف محددة بشأن الموعد المتوقع لعملية السداد.

وكشف المسؤول نفسه، عن “إحباط  أوروبي من تأخر المحادثات الأخرى” بشأن القضية الأكثر إثارة للجدل، وهي تنقل الشباب. وقد طلب كلا المسؤولين عدم كشف هويتهما للتحدث بحرية عن المحادثات الجارية.

ضريبة الكربون

وصرح متحدث باسم الحكومة البريطانية: “نعمل مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ الحزمة المتفق عليها في القمة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. لن نوافق إلا على الصفقات التي تُقدم قيمة للمملكة المتحدة وقطاعها الصناعي”.

وأضاف المتحدث: “لم يُتفق على أي شيء، ولن نُقدم تعليقاً مُستمراً على المحادثات الجارية”.

وقال آدم بيرمان، مدير السياسات في شركة Energy UK، إنه “من غير الواقعي” الآن إتمام مفاوضات الربط بحلول نهاية العام.

وأضاف بيرمان، أن هذا سيُمثل “إشكالية” للشركات البريطانية، التي ستخضع فجأةً للضريبة الجديدة اعتباراً من 1 يناير، ومن المرجح أن يكون قطاع الطاقة الأكثر تضرراً. ولكنه قد يُلحق الضرر أيضاً بالاتحاد الأوروبي، الذي قد يشهد زيادة في الانبعاثات في سعيه إلى استبدال الواردات البريطانية “الأكثر نظافة” نسبياً. 

ومن المشكلات الأخرى التي تواجه كلا الجانبين، تطبيق النظام الجديد في إيرلندا الشمالية، التي لا تربطها حدود رسمية مع الاتحاد الأوروبي، مما يعني أن المنطقة قد تصبح منفذاً لسوق الاتحاد الأوروبي للسلع عالية الكربون، بحسب “بوليتيكو”.

وأشار بيرمان إلى وجود تكهنات بإعفاء محدود المدة من اتفاقية التجارة الحرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف: “السؤال الأهم هو: هل يمكن للجانبين إجراء حوار صادق حول الآثار المحتملة في حال عدم وجود إعفاء اعتباراً من بداية العام المقبل؟”.

ومع ذلك، يعرب بيرمان عن أمله في التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف، مشيراً إلى أن قضية نظام تجارة الانبعاثات “لم تكن مُسيّسة بشكل كبير” كغيرها من الجوانب الأكثر إثارة للجدل في عملية إعادة الضبط، مثل تنقل الشباب.

وقال للمجلة: “هناك مستوى عالٍ من التوافق بين هاتين الآليتين السياسيتين في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومستويات عالية من الطموح البيئي لدى كلا الجانبين. لذا، فإن هناك في الواقع مسائل تقنية تحتاج إلى حل أكثر من المسائل السياسية، مما يبشر باحتمالية التوصل إلى نتيجة إيجابية في نهاية المطاف.”

“عملية انتقامية”

في غضون ذلك، صرّح وزير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، نيك توماس سيموندز، بأنه يرغب في إبرام اتفاقية تُمكّن المملكة المتحدة من مواءمة معايير الاتحاد الأوروبي للأغذية الزراعية، بحلول عام 2027.

وللوفاء بهذا الجدول الزمني، يجب اختتام المحادثات مع الاتحاد الأوروبي في وقت ما من عام 2026، حتى يتسنى للبرلمان سنّ التشريعات.

وتُسارع بريطانيا أيضاً إلى التفاوض على اتفاقية للانضمام إلى خطة الاتحاد الأوروبي لإعادة التسلح البالغة قيمتها 150 مليار يورو بحلول “منتصف نوفمبر”.

وأمام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مهلة حتى نهاية نوفمبر لتقديم خططها الخاصة التي تُفصّل كيفية إنفاق حصصها المخصصة من القروض البالغة 150 مليار يورو.

وتخشى لندن من أنه في حال عدم انخراط بريطانيا عند حدوث ذلك، فقد ينتهي بها الأمر إلى خسارة كبيرة.

وتُعدّ مسألة تقديم بريطانيا مدفوعات مالية للاتحاد الأوروبي، مسألةً حساسةً سياسياً أيضاً بالنسبة للمملكة المتحدة.

وقال متحدث باسم حزب المحافظين المعارض في بريطانيا، إن إعادة ضبط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بعد “بريكست”، “تبيّن أنها عمليةٌ انتقاميةٌ شنيعةٌ لدافعي الضرائب البريطانيين، مع مطالبة الاتحاد الأوروبي بمليارات الجنيهات من بلدنا”.

واتهم المتحدث رئيس الوزراء كير ستارمر، بأنه “لا يملك الشجاعة الكافية لمواجهة بروكسل، ومحاولتهم ابتزاز الأموال منا كعقابٍ على مغادرة الاتحاد الأوروبي”.

شاركها.