قالت مصادر مطلعة إن مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول حاول إنشاء قناة اتصال سرية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط مخاوف في بريطانيا وأقرب حلفائها الأوروبيين من أن تتجاهل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصالحهم في ما يتعلق بأوكرانيا، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز”، وهو ما أكده الكرملين.
ووفقاً للصحيفة، فإن باول، الذي يعد من كبار المفاوضين، ولعب دوراً محورياً في تحقيق السلام في إيرلندا الشمالية، تواصل في وقت سابق من هذا العام، هاتفياً مع يوري أوشاكوف، مستشار السياسة الخارجية للرئيس الروسي.
وكانت مبادرة باول محاولة لضمان إيصال موقف بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى إلى الروس بشكل صحيح، إذ جاءت هذه التحركات في ظل مخاوف أوروبية حيال موقف ترمب المتذبذب تجاه دعم أوكرانيا، وقلق من ابتعاد المصالح الأميركية في عهده عن مصالح الدول الأوروبية.
وذكر أحد المصادر أن الاتصال الهاتفي بين باول وأوشاكوف كان محاولة “استثنائية” ولم ينجح في فتح قناة جديدة مع الدائرة المقربة لبوتين، وأضاف أن الاتصال “لم يسر بشكل جيد”.
وقال مسؤول أوروبي إن اتصال باول “لم يكن جزءاً من تحرك منسق لمجموعة السبع، بل مبادرة مستقلة من بريطانيا، بدعم من بعض العواصم الأوروبية”، مضيفاً: “القلق يكمن في أننا نستعين بالأميركيين لإجراء المناقشات مع الروس”.
من جانبه، قال الكرملين إن بريطانيا “لم تُبدِ أي رغبة في الاستماع إلى موقف روسيا، ولذلك لم ينجح الحوار”، الذي أشارت إلى “عدم استكماله”.
لندن: من الطبيعي أن نتواصل مع موسكو
بدوره، قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني في داونينج ستريت (مقر الحكومة) إن من الطبيعي أن “تتواصل بريطانيا بشكل منتظم مع الحكومة الروسية، بما في ذلك عبر سفارتنا في موسكو”.
وأفاد مسؤول بريطاني بأن باول “لم يتحدث مع أوشاكوف في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك خلال فترة اجتماع ترمب الأحادي مع بوتين في ألاسكا أغسطس الماضي، وهي الفترة التي شهدت ذروة القلق لدى القوى الأوروبية”.
ولم ينف المسؤول البريطاني أن باول، الذي عينه كير ستارمر العام الماضي، كان يسعى لإنشاء قناة سرية.
وقال مسؤول أوروبي ثانٍ إن بعض الحلفاء يشعرون بـ”القلق” من مبادرة بأول للتواصل “قبل فرض مزيد من الضغوط” على روسيا عبر العقوبات وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى دفع موسكو للتفاوض على إنهاء الحرب من موقف أضعف.
وأضاف أن هناك أيضاً مخاوف من أن تثير محاولة باول فتح قناة اتصال منفصلة غضب إدارة ترمب، التي تقود جهود لإطلاق محادثات سلام.
وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، اتخذ الكرملين لهجة عدائية متزايدة تجاه أوروبا والولايات المتحدة، لكن هذا تغير بعد تولي ترمب السلطة في يناير وتعهده بإنهاء الحرب في أوكرانيا، وهي الأزمة التي قال سابقاً إنه قادر على حلها خلال 24 ساعة.
وتحسنت العلاقات الأميركية الروسية مع ضغط ترمب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للقبول بمطالب بوتين بشأن الأراضي.
وتوج ذلك بلقاء ترمب وبوتين في ألاسكا في أغسطس، لكن القمة لم تسر على نحو جيد، إذ أنهى ترمب الاجتماع فجأة، وألغى مأدبة غداء مقررة، بعدما تمسك بوتين بمطالبه بتنازل كييف عن أراضٍ لا تزال تحت سيطرة القوات الأوكرانية.
وسعى ستارمر وقادة أوروبيون آخرون إلى إبقاء ترمب إلى جانبهم، وسافروا إلى واشنطن لدعم زيلينسكي خلال لقائه مع ترمب بعد أيام من قمة ألاسكا.
وازداد إحباط ترمب من بوتين في الأسابيع الأخيرة، مع إظهار الرئيس الروسي قدراً ضئيلاً من الاستعداد للدخول في محادثات سلام، وشنه ضربات جديدة على أهداف مدنية في أوكرانيا.
ومنذ أسبوعين، فرضت الولايات المتحدة أشد العقوبات على قطاع النفط الروسي، كما تحدث ترمب علناً عن احتمال استئناف الاختبارات النووية للمرة الأولى منذ 30 عاماً.
