خالد بن يحيى بن محمد الفرعي

إن كنا قد قرأنا شيئا عن حياة الزاهد العابد الشيخ الوالي القاضي سالم بن سيف (بن مسلم) الفرعي فإنا عايشنا جزءا من حياة الزاهد العابد المتواضع المصلح الشيخ سالم بن سيف (بن حمود) الفرعي.
نعم شابهه اسما وخلقا..
لقد كانت حياة سالم بن سيف بن حمود الفرعي دروسا في الأخلاق ومناهج في التربية، حيث لا تكاد تسمع له صوتا؛ ولكنها كلمة هادئة تخرج من فيه لتتغلغل في القلوب والعقول معا فتؤثر في السلوك وتجبرك على الاحترام “ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها…“.
تلكم الكلمة الطيبة هي التي لمت الشمل وألفت بين قلوب المتخاصمين وجمعت بين المتنافرين، فكم استفادت منه لجنة التوفيق والمصالحة بالمصنعة، وكم هي تفقده اليوم حين تفقد ذلكم التأثير الخفي الهادي الذي يتعامل مع الوقائع بحكمة وسداد رأي ويتسلل بتوفيق الله إلى النفوس فيزيل منها الكدر.
فقدنا شخصا عزيزا علينا، حيث البشاشة والترحاب، حيث التواضع والتقدير للصغير والكبير، لقد كان الشيخ سالم رجلا صالحا ولا نزكي على الله أحدا فقد كان يلهج بالذكر والشكر، جمع بين الخصلتين اللتين ذكرهما الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: (عجبا لأمر المؤمن كله له خير: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
وهو في مرضه الأخير لا يفتر عن ذكر الله، ولا تسمع منه شكوى أو اعتراضا؛ بل دائما ما كان يردد: (أنا بخير والحمد لله، لماذا تكلفون أنفسكم العناء؟)، ولا عجب فهذا ديدن المؤمن بالله الراضي بقضائه وقدره، ولعل الله كتب له هذا المرض طهورا يخرج من هذه الحياة الدنيا وقد غفرت ذنوبه ومحيت سيئاته ورفعت درجاته وازدادت حسناته.
نعم رحل عن هذه الدنيا الفانية وانطفأ سراج في العائلة، ولعله انطفأ سراج في المصنعة كذلك، رحل إلى الحياة الباقية، وقد كتب الله في قدره أن يكون هذا الرحيل في نفس اليوم الذي رحل فيه الأستاذ المعلم المتواضع يحيى بن سالم المحروقي وهو يوم الثلاثاء الماضي؛ فلم تكد قدماي تطآن المنزل قادما من المشاركة في تشييع جنازة الشيخ المحروقي إلا ويأتيني الخبر برحيل الشيخ الفرعي.

رحم الله تلكم الأبدان وأسكنها فسيح الجنان، وجمعنا بها في مستقر رحمته في الفردوس الأعلى، وأحسن الله عزاء الأسرتين الكريمتين وكل المحبين وأعظم أجرهم وألهمهم الصبر وأخلف لهم خيرا وجعل في ذريتيهما من يقتدي بهما ويسير على نهجيهما و”إنا لله وإنا إليه راجعون“.
 

شاركها.